يبدو أن المباني المهجورة، باتت صفة ملازمة لعدد من الوزارات والمؤسسات الحكومية التي فضلت «الصمت» على مبانيها دون ان تحرك ساكنا، وإلا ما معنى أن تبقى هذه المباني التي يمتلك بعضها قيمة تاريخية وتراثية، مرتعا للمخالفين، ومخزنا للنفايات والأوساخ التي تزداد يوما بعد آخر في ظل تجاهل غير مبرر من الجهات المعنية!

«البريد العام»، أو «إدارة البرق والبريد والهاتف»، ذلك المبنى الواقع في قلب العاصمة والذي يمثل تاريخا زاخرا لبداية الخدمات البريدية في الكويت، يعد اليوم أحد المباني المهجورة و«المرعبة» لأسباب غير معروفة، إذ أصبح مكانا «آمنا» للمخالفين في السنوات الماضية، لاسيما انه يفتقر إلى الرقابة والمتابعة من جهات عدة، حتى تحول من إرث تاريخي إلى مبنى مخالف لا فائدة ترجو منه، خصوصا ان وزارة المواصلات، وهي الجهة المسؤولة الأولى عن هذا المبنى، تركت الأمر وكأنه لا يعنيها من قريب أو بعيد.

Ad

ما يثير الاستغراب، أن المبنى المهجور منذ عام 2009، تبدو عليه آثار الحداثة والتجديد «خارجيا»، لكن واقع الحال عكس ذلك تماما، إذ ان الشكل الخارجي لا يمثل حقيقة المبنى والفوضى التي يعانيها، فالأبواب محطمة، والنوافذ مهشمة، والأسلاك الكهربائية تملأ المكان، و«نافورة» لا تحمل إلا اسما فقط دون ملامح، والأخشاب والأوساخ متناثرة في كل زاوية، بالإضافة إلى السور الخارجي الذي تحول إلى «جريدة إعلانية» بلغات آسيوية وعربية متنوعة، ما يؤكد ان المبنى يمثل صورة حية لما يحدث من هدر للمال العام، ولا نبالغ ان قلنا ان الحسنة الوحيدة للمبنى في الوقت الحالي، انه أصبح «موقفا» ملائما لسيارات موظفي الشركات القريبة من الموقع حماية لها من الشمس الحارقة!

ومن جهتها، كشفت مصادر مسؤولة في وزارة المواصلات لـ «الجريدة»، ان «المبنى حاليا ما يزال تابعا لوزارة المواصلات»، مشيرا إلى ان «ما تم متداولة بشأن تسليم المبنى إلى المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، غير صحيح».

وأوضحت ان «سبب عدم استغلال المبنى منذ سنوات يعود إلى عدم توفر ميزانية للمرحلة الأخيرة»، مؤكدة ان «الوزارة ما تزال بحاجة إلى المبنى المذكور، لتوفير الخدمات البريدية كافة».

إخلال المقاول واعتراض المجلس الوطني وراء توقف الأعمال

أكدت مصادر مطلعة لـ «الجريدة»، ان مخاطبات عدة تمت بين وزارة المواصلات والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، لتصنيف المبنى «تراثيا»، موضحة ان الوزارة أبلغت المجلس الوطني للثقافة، نيتها بترميم المبنى، ووافق المجلس الوطني على هذه الخطوة بشرط عدم تغيير الشكل الخارجي للمبنى حتى يتم تصنيفه مبنى تراثيا.

وأشارت إلى ان توقف المخاطبات بين الطرفين، تعود لإخلال المقاول الذي قام بترميم المبنى، بعد اعتراض المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب على ترميم الشكل الخارجي واختفاء أي مظاهر تراثية للمبنى، لافتة إلى ان العمل توقف في الموقع منذ ذلك الحين حتى يومنا الحالي، دون أي بوادر لإعادة الحياة إلى المبنى.

محمد راشد