شهد قطاع مواد البناء في الفترة الماضية ارتفاعات سعرية غير مسبوقة، أثّرت كثيراً على تكلفة البناء، إلى جانب عوامل أخرى تتعلق بنقص الأيدي العاملة، وارتفاع أجورها، والعرض والطلب، وغير ذلك، في حين أفادت وزارة التجارة والصناعة بأنه «سيتم اتخاذ خطوات لتشديد الرقابة على أسعار مواد البناء، واتخاذ الإجراءات القانونية بحق كل من يغريه استغلال حاجة المستهلك لأي سلعة ويخالف القانون برفع سعرها».وفي هذا الشأن، سألت «الجريدة» عدداً من الصناعيين عن أسباب ارتفاع أسعار مواد البناء، وما الحلول التي تضمن عودتها إلى وضعها الطبيعي، واتفقوا على أن من أهم أسباب ذلك عدم وجود عمالة كافية لتشغيل المصانع بكامل طاقاتها الإنتاجية.
وأشار الصناعيون إلى أن أجور الأيدي العاملة تضاعفت، وهذه المعضلة تؤثر على أسعار مواد البناء، وأيضا تزيد تكاليفها، مشيرين إلى محاولة الجهات المعنية توفير حالة من التوازن ما بين العرض والطلب، عن طريق تنظيم عملية البناء، حتى لا يكون هناك طلب مرتفع يقابله انخفاض في العرض، وفيما يلي التفاصيل:بداية قال رئيس مجلس إدارة شركة "سدير" للتجارة والمقاولات طارق المطوع، إن أزمة ارتفاع أسعار مواد البناء ليست محلية، بل عالمية، بسبب ما خلفته جائحة كورونا من اختلالات اقتصادية.وأضاف المطوع، أن أسعار الشحن والنقل ارتفعت، مما انعكس على أسعار مواد البناء، إضافة إلى عدم وجود عمالة كافية لتشغيل المصانع بكامل طاقاتها الإنتاجية، وقد ارتفعت الأسعار في معظم دول العالم، والكويت ليس بمنأى عن ذلك.وأوضح أن أجور الأيدي العاملة تضاعفت، وهذه المعضلة تؤثر على أسعار مواد البناء، وأيضا تزيد من التكاليف، ولابد أن تكون لدى الحكومة رؤية وخطة واضحة لمعالجة اي خلل اقتصادي ناتج أو سينتج مستقبلاً عن أزمة كورونا.ولفت إلى وجوب وضع آلية تضمن سرعة عودة العمالة الموجودة والعالقة في الخارج، وسلامة المنظومة الصحية، مشيراً إلى أن العديد من المواطنين أجلوا عملية البناء لمنازلهم، نتيجة ارتفاع تكلفة البناء بشكل لافت.وذكر أن أسعار مواد البناء مرتبطة بالأحداث العالمية، وتتأثر إيجاباً أو سلباً بها، فهناك العديد من المواد الأولية يتم استيرادها من الخارج وتصنيعها محلياً، بالتالي أي معوقات خارجية تؤثر على الأسعار محلياً.وقال المطوع إن قطاع مواد البناء كغيره من القطاعات الاقتصادية، تأثر كثيراً نتيجة أزمة كورونا، وما تبعها من إغلاقات وإجراءات وقائية، موضحاً أنه يجب خلق حالة من التوازن بين العرض والطلب، كي لا يكون هناك تغير كبير في الأسعار.
المواد الأولية
من جهته، قال ئيس مجلس إدارة شركة الصناعات الكويتية القابضة محمد النقي إن ارتفاع أسعار مواد البناء التي شهدتها البلاد خلال الفترة الماضية كان متوقعاً، نتيجة العديد من العوامل التي ساهمت بذلك.ورأى النقي من أهم العوامل التي ساهمت برفع أسعار مواد البناء، هو انخفاض إنتاجية المصانع، بسبب وجود عمالتها الفنية في الخارج، وعدم قدرتها على العودة إلى البلاد، بالتالي انخفض إنتاج المصانع وأصبحت غير قادرة على تلبية متطلبات السوق في الوقت الراهن.وأضاف أن من بين العوامل أيضاً ارتفاع أسعار المواد الأولية، نتيجة ارتفاع أسعار النقل، إضافة إلى أن هناك البعض استغل هذا الوقت وقام باحتكار المواد، مما أدى إلى ارتفاع أسعارها أكثر.وأوضح أنه يجب على الجهات المعنية خلق حالة من التوازن ما بين العرض والطلب، عن طريق تنظيم عملية البناء، كي لا يكون هناك طلب مرتفع يقابله انخفاض في العرض.وذكر نه في حال عادت العمالة من الخارج، فسترتفع إنتاجية المصانع، إذ لابد للجهات المعنية من تسهيل أمور عودتها بأقرب وقت ممكن، مبيناً أن استمرار الوضع على ما هو عليه ينذر بارتفاع الأسعار أكثر مما عليه في الوقت الحالي.تدفق المشاريع
من ناحيته، قال رئيس مجلس إدارة شركة أملاك كابيتال القابضة، محمود الجمعة، إن مواد البناء شهدت خلال الفترة الماضية ارتفاعات سعرية كبيرة جداً، بعد ركود حاد استمر قرابة العام بسبب جائحة كورونا وما صاحبها من إجراءات حكومية صحية وإغلاقات عامة لمواجهة هذا الأزمة.وأضاف الجمعة أن ارتفاع أسعار مواد البناء عائد لأسباب عديدة منها تدفق مشاريع البناء بشكل كبير، وسط انخفاض الطاقات الإنتاجية لمصانع مواد البناء، فبعض المصانع يعمل بطاقة إنتاجية تبلغ 25 في المئة، بالتالي لا تستطيع تلبية طلبات السوق حالياً.وأوضح أن انخفاض الطاقات الإنتاجية للمصانع جاء بسبب عدم السماح لعمالتها بالعودة من بلدانها، وعدم تطعيم العمالة الموجودة في البلد، مما أدى إلى ارتفاع اجرة العامل، بالتالي أثر ذلك على أسعار مواد البناء عموماً.وذكر من بين الأسباب التي أدت لارتفاع أسعار مواد البناء أيضاً التوجه نحو إقرار قانون التمويل العقاري للسكن الخاص، إذ عمل البعض على استغلال هذا التوجه وقام برفع أسعار المواد، لذا "لابد أن تراقب الحكومة الأسعار، وتضع خطة لمواجهة هذه الارتفاعات قبل أن تصبح أزمة في المستقبل". وبين الجمعة أن ارتفاع أسعار مواد البناء بهذا الشكل، سيكون له تبعات كبيرة جداً، إذ اضطر عدد من المواطنين إلى تأجيل بناء منازلهم لحين انخفاض الأسعار، كما سيتسبب الارتفاع بمشاكل بين المقاول والمواطن، فتغير الأسعار سيرفع الكلفة بالتالي سيكون هناك خلاف بين الأطراف المتعاقدة وقد يصل إلى المحاكم.واعتبر أن حل معضلة ارتفاع الأسعار، يكمن في مراقبة الجهات الرقابية للسوق المحلي، وتنظيم عملية البناء وعدم منح تصاريح البناء بوقت واحد، إنما يكون بشكل تدريجي، كي لا يكون هناك طلب عال في السوق، إضافة إلى الإسراع بتطعيم العمالة الموجودة في البلاد، ووضع آلية لعودة العمالة العالقة بالخارج.وأفاد بأن على الحكومة الإسراع في حل هذه المعضلة قبل البدء في طرح مشاريع تنموية، حتى لا تسحب الكميات المتوفرة في السوق، بالتالي سنشهد ارتفاعات أكبر من الحاصلة حالياً.