السكن في الجليب
أول العمود: درس كورونا تحول إلى فرصة للاستفادة المادية بدلاً من إعلاء قيم البذل والعطاء للوطن، كما حدث في منحة الـ ـ500 دينار لمن رابطوا في البلد أيام الغزو العراقي!***بحسب إحصائية موقع الهيئة العامة للمعلومات المدنية يسكن في منطقة جليب الشيوخ- التي أُعرِّفها بأنها حديقة خلفية لتجارة الإقامات- 302 ألف نسمة منهم 249 ألف ذكر، و49 ألف أنثى وبينهم أسر كويتية بعدد 4 آلاف نسمة.
هذه المنطقة نكبة في تاريخ الكويت السكاني والسلوكي والأمني، ففيها تتعدد الممارسات الخطرة والمؤذية ليس للمنطقة ذاتها بل للدولة بأسرها، وهي نموذج رئيس لهذه المشاكل إذا أضفنا الجزء العمالي إلى منطقة خيطان وهو جزء مأساوي أيضاً. جليب الشيوخ ممول مهم لدور إيواء مجهولي الوالدين بسبب الحمل خارج إطار الزواج وكثرة العزاب فيها، كما تساهم هذه المنطقة في كسر قوانين الإيجارات والبناء البشع للسكن العشوائي والتشاركي بين أعداد كبيرة في مساحات صغيرة، ويتم الاستهتار بالمرافق العامة فيها بشكل مهين، ويصعب على دوريات الشرطة ضبط حركة المرور الفوضوية أو وقف المتاجرة بالممنوعات كالمخدرات والخمور بأنواعها، كما تعجز البلدية عن تنظيف المنطقة ومنع البيع على الأرصفة بشكل لافت.هذه المنطقة تحديداً تعكس عجز الدولة عن حل موضوع المتاجرة بالإقامات التي تسميها تقارير دولية "إتجار بالبشر"، ورأينا في بدايات شيوع فيروس كورونا كيف تحملت الحكومة ضغوط النقد الشعبي تجاه هذا الملف، وكيف تفاعل وزير الداخلية آنذاك مع الملف بمواقف شفهية جيدة لكنها تفتقد لخريطة عمل تنفيذية تُحسِّن من ملف التركيبة السكانية التي تدفع الكويت ثمناً غالياً بسببها. حل مأساة هذه المنطقة يتطلب ضبط دخول عدد العمالة للبلاد ونوعيتها، وإنجاز المدن العمالية، وتطوير المنظومة الأمنية بما يواكب التغيير السكاني الرهيب الذي تعرضت له الكويت خلال العقدين الماضيين.