لا ولاية على المرأة (2) الإسلام ليس سجاناً للنساء
![د. عبدالحميد الأنصاري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1555928789945225900/1555928807000/1280x960.jpg)
يد الماضي مازالت قبضتها قوية وثقيلة على المشرع القطري والخليجي والعربي عامة في نظرته للمرأة كإنسانة أولاً، وكمواطنة لها كل حقوق المواطن ثانياً، ولا أدل من حرمانها من حق تجنيس أطفالها، وهو حق طبيعي تمارسه معظم أمهات العالم.لايزال مشرعنا يتبنى نظرة قوامها إعلاء الرجل والانتقاص من أهلية المرأة في الولاية على نفسها وفي كل القضايا المتعلقة بالأسرة: الزواج والطلاق والنفقة! يعلل الفقه والقانون النفقة الزوجية بأنها: مقابل احتباس المرأة في البيت! هذه نظرة متخلفة عن عصرها، مجتمعاتنا تجاوزتها، والإسلام لا يعرف احتباس المرأة، الإسلام ليس سجاناً للنساء! ويعرفون عقد الزواج بأنه: عقد يمتلك به الرجل بضع امرأة! ودفع المهر بأنه: مقابل الاستمتاع بالأنثى! هذه تعريفات جنسية ساقطة تنحدر من أعراف مجتمع جاهلي كان الرجل يتملك فيه الأنثى إما بالزواج أو بالسبي، لكنها حتماً تخالف المفهوم القرآني للزواج الذي وصفه بالميثاق الغليظ وبالسكن النفسي المتبادل والقائم على العشرة بالمعروف والمودة والرحمة والإحسان بين الزوجين بما يهيئ المحضن التربوي الصالح للتنشئة السوية والآمنة.المهر ليس ثمناً للمرأة، وليس مقابل الاستمتاع، وليس لأجل الاحتباس، إنما هو هدية تكريم وتقدير ومودة من الزوج لزوجته، ولله در الشيخ محمد الغزالي حين رفض هذه التعريفات قائلاً: المجتمع الوضيع هو الذي يفهم الزواج على أنه عقد انتفاع بجسد، أو يعرفه بأنه امتلاك بضع بثمن، أين الود والتراحم والشرف والوفاء؟! ينعى الشيخ الغزالي على الفقهاء تحاملهم على المرأة خضوعاً لأعراف وتقاليد مناقضة لتعاليم الإسلام، فيقول رحمه الله تعالى ساخراً: إن الصورة التي حسبت إسلاماً وما هي بإسلام، أن المرأة كائن ناقص متهم، يحبس في البيت محروماً من العلم والارتقاء ومن كل نشاط اجتماعي أو سياسي، لا ترى أحداً ولا يراها أحد، لا يسمح لها بعمل جاد، لا يسمع شهادتها في الدماء والأعراض ولا تقبل لها ولاية في أمر من الأمور!إننا بحاجة إلى رؤية معاصرة إلى الأحكام المتعلقة بالأسرة كافة وبمفهوم (الولاية على المرأة) خاصة، سواء على المستوى الفقهي أو القانوني، فمعظم الأحكام الفقية والقانونية المتعلقة بالمرأة مرتبطة بسياقها الاجتماعي الذي لم يكن للمرأة فيه أي إسهام في خطط التنمية والتعليم وتطوير المجتمع.* كاتب قطري