تشهد بورصة الكويت للأوراق المالية مفارقة غريبة، فعلى الرغم من الجهود التي بذلتها هيئة أسواق المال وشركة بورصة الكويت للأوراق المالية للارتقاء بسوق الأوراق المالية على استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية، إضافة الى إقرار قائمة من الأدوات المالية والاستثمارية التي تلبي رغبات المستثمرين، تقف شركات الاستثمار مكتوفة الأيدي أمام هذه التعديلات الكبيرة التي أدخلت على سوق الأوراق المالية بشأن الاستفادة من المنتجات والأدوات الاستثمارية التي طرحت خلال العامين الماضيين، باستثناء بعض الحالات المحدودة من بعض الشركات المرخصة لدى هيئة أسواق المال.

وقالت مصادر مطلعة لـ "الجريدة" إن الشركات والمؤسسات المالية كانت في السابق تعوّل على عدم تحرّكها نحو توسيع أنشطتها المالية والاستثمارية على ندرة الأدوات والمنتجات الاستثمارية التي تهدف إلى زيادة معدلات السيولة، على الرغم من نجاح شركة بورصة الكويت للأوراق المالية والاستثمارية في إقرار العديد من المنتجات والأدوات الاستثمارية وفق خطة تطوير السوق التي تم إنجاز الجزء الأكبر منها، تضاف الى أدوات أخرى كانت موجودة في السوق، مشيرة الى أن قائمة هذه الأدوات تتمثّل في: الصناديق العقارية المدرة للدخل، وحقوق الأولوية، والبيع على صانع السوق، والمكشوف (إقراض الأسهم واقتراضها)، وصفقات المبادلة، ونقل الملكية، إضافة الى الصفقات المتفق عليها، والصناديق الاستثمارية، والمارجن، وخدمة صافي التعاملات (netting).

Ad

منتجات عدة

وأضافت المصادر أن هيئة أسواق المال قبل إقرارها الأدوات المالية والمنتجات الاستثمارية في السوق استعانت بآراء هذه الشركات ومقترحاتها قبل إقرارها في السوق المالي، ومن غير المألوف عدم مبادرة هذه الشركات اتجاه الاستفادة من هذه الأدوات والمنتجات لتعظيم إيراداتها وخلق عوائد جيدة ولمساهميها.

وذكرت أن الجهات المعنية بسوق المال أبدت مرونة كبيرة في إدخال تعديلات كبيرة استجاية لرغبة شركات الاستثمار، كمحاولة منها لمواءمة الأدوات الاستثمارية بما يتفق مع متطلبات هذه الشركات، منها على سبيل المثال

لا الحصر، وتسهيل شروط الإدراج، وإلغاء سوق المزادات، وإتاحة استخدام اسهم الخزينة للشركة في عمليات صناعة السوق وغيرها من التسهيلات التي منحتها، حرصا على تشجيع الشركات والمستثمرين على تنمية استثماراتهم ومدخراتهم عبر سوق الأسهم.

وأضافت أن شركات الاستثمار يجب أن ترتقي بأنظمتها الداخلية على المستوى الإداري والتنفيذي للتعامل مع التطوّرات المتسارعة في بورصة الكويت، بكل ما يتضمنه ذلك التطوير، سواء من حيث اللوائح والإجراءات والقواعد التنظيمية، أو بالأدوات والمنتجات التي يجري إصدارها.

جهل بتغيرات السوق

ويقول مصدر رقابي إن اتصالات واستفسارات وردت إليهم للاستفسار عن كيفية الإدراج في سوق المزادات والسوق الموازي، على الرغم من أنه تم إلغاء هذه الأسواق منذ فترة طويلة، الأمر الذي يعني أن هناك جهلا بالتغيرات التي طرأت على السوق، علاوة على أن هناك شركات تحمل رخصا من قبل هيئة أسواق المال لا تدرى ما هو سوق الأسهم غير المدرجة "otc" وما هي طريقة التداول به.

«أقبح من ذنب»!

وبينت المصادر أن بعض شركات الاستثمار، باستثناء شركات قليلة، تعاني ضعفا شديدا على صعيد تطوير السوق المالي، مستدركة أن التعويل على الظروف الراهنة ومستجدات الأوضاع التي طرأت على الكيانات المتعلقة بالسوق المالي نتيجة جائحة فيروس كورونا قد تكون سببا في تعطيل وكبح قدرات شركات الاستثمار، لكن قد يكون هذا "عذرا أقبح من ذنب" في الوقت الذي تنجح شركات أخرى محلية في الاستفادة من الفرص والأدوات الاستثمارية الموجودة في السوق المحلي.

وفي المقابل، ومن واقع التطورات الأخيرة لجأت بعض الشركات إلى هيكلة استراتيجيتها وخطتها الخمسية التي أعدتها خلال الفترة الماضية وقبل انطلاق أزمة كورونا، وأجرت تعديلات على خطط العمل لها في بعض الأسواق، لتتوافق مع الأوضاع الراهنة ومواجهة التحديات الكبيرة التي تستوجب إجراء هيكلة كبيرة على أنظمتها وإداراتها العليا والتنفيذية وإدارات الاستثمار والمخاطر المختلفة.

خير دليل

وبينت أنه كانت هناك توقعات وتفاؤل بتفاعل شركات الاستثمار على ضوء الترقيات الجديدة على مؤشر ستاندارد آند بورز، وفوتسي راسل، ومورغان ستانلي، وعمليات التسويق التي قامت بها البورصة وهيئة أسواق المال لها أخيرا أمام كبريات الشركات العالمية، إلا أنّ التطبيق على أرض الواقع اختلف، لا سيما مع عزوف أو عدم قناعة كثير من الشركات بالاستفادة من تلك المنتجات والأدوات، لافتة الى أن خير دليل على أن بعض شركات الاستثمار لم تحرّك ساكنا، خلال الفترة الماضية على مستوى البحث عن مصادر جديدة لتعظيم إيراداتها، أن بعض الشركات المرخص لها من هيئة أسواق المال لديها تخمة في رأس المال الرقابي، وبعضها لجأ الى تخفيضه، بسبب عدم وجود رؤية واضحة لديها أو خطط للتوسع في الوقت الراهن، مؤكدة أن هناك ضرورة على هذه الشركات بالبحث عن قنوات استثمارية جديدة، لأنها تمتلك السيولة والـ "كاش"، وباتت في موقف لا تحسد عليه أمام مساهميها، لكونها لم تدخل في أي استثمارات جديدة، رغم مرور سنوات لها في ميزانيتها.

ولفتت إلى أن هناك شركات اتجهت إلى تقليص أنشطتها والتركيز على غرض أو غرضين، والحصول على موافقة هيئة أسواق المال بتخفيض رأسمالها أو الاحتفاظ برأس المال لخدمة النشاط، الذي تفضل أن تقدّمه، لاسيما نشاط مدير محفظة استثمار، ونشاط وسيط أوراق مالية غير مسجل لدى بورصة الكويت للأوراق المالية، مما جعلها تبحث عن قنوات جديدة لتعظيم إيراداتها، فضلا عن تفضيل بعضها البحث عن الاستثمار المباشر، بدلا من الاعتماد على خدمات سوق الأسهم كمورد رئيس للدخل، بعدما كانت تركز بشكل كبير على نشاط الأوراق المالية.

دور الاتحاد

وعوّلت المصادر على دور اتحاد شركات الاستثمار المحوري اتجاه شركاته في صقل خبراتهم وتدريبهم وإقامة الندوات التي من شأنها دفع عجلة الدوران اتجاه السوق المالي والاستفادة من الأدوات الاستثمارية، علاوة على ضرورة لوم مجالس إدارات هذه الشركات في عدم هيكلة إداراتها وإجراء اللازم بخصوص المضي قُدما نحو المزيد من التوسع والاستفادة من الفرص المتاحة.

مبادرات في البورصة و«هيئة الأسواق»

وأشار المصدر الى أن هيئة أسواق المال وشركة بورصة الكويت أقامت العديد من الندوات الاستثمارية والتعريفية التي طرأت على السوق المالي وعند إطلاق العديد من الأدوات المالية والاستثمارية، لكن يبقى هناك دور كبير على الشركات نفسها في الاستعانة بجهات استشارية لتدريب موظفيها وتنمية قدراتهم، ووضع خطط للاستفادة من الفرص التي باتت موجودة فعليا في السوق، لكن ينقصها المبادرة.

● عيسى عبدالسلام