أدلى، أمس، القبارصة بأصواتهم في انتخابات برلمانية جرت في ظل أجواء من الغضب على خلفية فضيحة "جوازات السفر الذهبية" التي تعصف بالجزيرة المتوسطية، ومن المرجح أن تظهر تراجعاً في شعبية الأحزاب الرئيسية.

واستغل القوميون المتشدّدون الساعون إلى استثمار المزاج العام المناهض للمؤسسة التقليدية القلق المرتبط بملف الهجرة، وهي مسألة يزداد التركيز عليها في البلد العضو في الاتحاد الأوروبي.

Ad

وكالعادة، اقتصرت الانتخابات على المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، إذ يُستثنى الثلث الشمالي من الجزيرة المنفصل حيث يحكم القبارصة الأتراك.

وفي نوفمبر الماضي، تخلّت قبرص عن برنامجها لمنح جوازات السفر مقابل الاستثمار بعدما بثّت محطة الجزيرة "وثائقياً" يظهر صحافيين يؤدون دور وسطاء سريين لمساعدة رجل أعمال صيني يسعى للحصول على جواز سفر قبرصي بغض النظر عن سجّله الإجرامي.

وتم تصوير رئيس البرلمان ديميترتيس سيلوريس ونائب معارض بشكل سري وهما يحاولان تسهيل عملية الحصول على جواز السفر للمستثمر الهارب. ورغم استقالتهما لاحقاً، شدّدا على براءتهما.

كما تشكّل مسألة الهجرة قضية أخرى ذات أهمية في الانتخابات إذ لدى قبرص أعلى معدّل لطالبي اللجوء في التكتل مقارنة بعدد السكان، وفق وكالة "يوروستات" الإحصائية.

وذكرت الحكومة أن قبرص تشهد "حال طوارئ" جرّاء تدفّق المهاجرين من سورية وغيرها.

وعلى غير العادة، لم تلعب مسألة الانقسام العائدة لعقود بين القبارصة اليونانيين والأتراك دوراً كبيراً في الحملات الانتخابية هذا العام.

وانهارت آخر جولة من المحادثات الرامية لتوحيد الجزيرة والمدعومة من الأمم المتحدة عام 2017 بينما فشلت قمة للأمم المتحدة عقدت في جنيف الشهر الماضي في التوصل إلى اتفاق بشأن استئناف المحادثات.

ويحق لأكثر من 558 ألف ناخب الإدلاء بأصواتهم. ويسعى أكثر من 10 أحزاب أو تشكيلات سياسية إلى الحصول على 56 مقعدا في انتخابات من المرجح ألا تسفر عن غالبية مطلقة. وتُجرى الانتخابات كل 5 سنوات، وتحرص الأحزاب السياسية على تجنب تكرار ما حدث عام 2016 عندما امتنع واحد من كل 3 ناخبين مسجلين عن التصويت.

وتشير استطلاعات الرأي إلى أنه من المرجح أن تستفيد الأحزاب الصغيرة من فضائح الفساد المتكررة في السنوات الأخيرة مما يؤدي إلى تراجع هيمنة "حزب التجمع الديمقراطي" اليميني الذي يتزعمه الرئيس نيكوس أناستاسيادس و"الحزب التقدمي للشعب العامل الشيوعي" الذي يمثل الدعامة التقليدية الأخرى للسياسة القبرصية.

ويتوقّع بأن يبقى حزب "ديسي" المحافظ الأكبر في البرلمان لكن من دون أغلبية، مما سيجبر اناستاسيادس على مواصلة الحكم من خلال حكومة أقلية.

ويعد نظام الحكم في قبرص تنفيذياً، إذ يتم انتخاب الرئيس بشكل منفصل، لكن الاقتراع سيعد مقياساً لشعبية أناستاسيادس الذي تنقضي مدة ولايته في 2023.