3 ملفات على طاولة مجلس القضاء أهمها مواجهة التعثر الإداري في المحاكم!
• مراجعة سياسات القبول في القضاء والنيابة وحوكمة الجهاز
• ضرورة تقييم منظومة التقاضي ومواجهة تراكم القضايا الجزائية وطعون «التمييز»
• المجلس مُطالب بمراجعة تجربته في إدارة العمل الإداري والفني بالقضاء
مجلس القضاء مطالب وهو بصدد دراسة بعض الأفكار لتطوير المنظومة القضائية بتقييم عمل اجهزة التفتيش القضائي، ومعهد الدراسات القضائية، وسياسات القبول، وحوكمة العمل الداخلي في القضاء
ونحن على أعتاب نهاية عام قضائي وبداية آخر، تبرز على السطح جملة من القضايا التي تفرض نفسها على الساحة القضائية؛ منها ما يتّصل بإعادة النظر بالمنظومة القضائية الحالية وما يتعلّق بمواجهة التراكم الموجود للقضايا الجزائية والطعون، وأخيرا التعثّر الإداري في المحاكم.وبينما تكمن مواجهة ملف إعادة النظر في المنظومة القضائية وما تسببه من طول أمد التقاضي ببعض المعالجات التشريعية عبر مراجعة القوانين المنظمة له كقانون المرافعات وقانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، إلا أنّ القضايا الأخرى لا تتطلب سوى معالجات إدارية جذرية داخلية في الإدارات المساندة لعمل المحاكم، وإلى قرارات حاسمة من المجلس الأعلى للقضاء تتصل بقضية تراكم الطعون والقضايا أمام دوائر الجنح في المحكمة الكلية أو الطعون أمام محكمة التمييز.
فلسفة التعامل
تلك القضايا لا تحتاج سوى إلى تغيير في فلسفة التعامل من المجلس الأعلى للقضاء، لكونه المهيمن على العمل القضائي، وبما له من رأي فعّال ومؤثر في سلامة المنظومة الإدارية في المحاكم وتسييرها للعمل المساند للمحاكم، فضلا عن مسؤوليته عن قضية تراكم الطعون أمام محكمة التمييز، لكونها ذات بُعد قضائي بالدرجة الأولى وتشريعي بالدرجة الثانية، وهو ما يتعين على مجلس القضاء التصدي لها بعلاجات حقيقية تواكبها، لا طرح أفكار ورؤى يتم تداولها منذ سنوات تسبب عدم الإقدام فيها بارتفاع وتكدس الطعون الى نحو 50 ألف طعن متراكم.وقبل تصدي مجلس القضاء لتلك القضايا، يتعيّن الحديث عن تقييم منظومته الداخلية وفاعلية أعماله بقسميها الفني والإداري في مواجهة تلك القضايا وغيرها.أم أنها تتطلب إعادة النظر في أعمالها اولا عبر تقييم عملها الفني والإداري أم بتطويرها عبر إنشاء لجان أو أفرع داخلية دائمة أو مؤقتة تكون برئاسة أعضاء من مجلس القضاء يكلف بعضهم من المجلس لبحث القضايا ودراستها وتقديم الحلول والعلاجات وعرضها على مجلس القضاء لإقرارها وسرعة تبنيها، خاصة أن مجلس القضاء مطالَب بتقييم عمل بعض الأجهزة الداخلية التي اعتمد عليها منذ نشأته، وهو ما يتأتى بوجود لجان مكلفة بذلك، ومن الضروري أن تستعين تلك اللجان ببعض الخبرات والكفاءات الخارجية والداخلية أن وجدت لتقييم تجربة تلك الأجهزة المتمثلة في جهازَي التفتيش القضائي ومعهد القضاء، وبحث سبل تطويرهما ودعمهما بما ينعكس بالإيجاب على دعم وتقوية وحوكمة المنظومة القضائية الداخلية في بُعديها الفني والقانوني والإداري.ضرورة عملية وفنية
وذلك التقييم المستحق لعمل المجلس الأعلى للقضاء والأذرع التي يعتمد عليها يأتي كضرورة عملية وفنية بسبب زيادة أعداد القضاة والنيابة العامة عمّا كان عليه العدد قبل 10 سنوات وبحث الحاجة المستقبلية في زيادتها السنوية أم ضبطها، فضلا عن بحث قدرة الأجهزة كالتفتيش القضائي ومعهد القضاء في مجاراة تلك الأعداد، إما بالتفتيش على الأعمال القضائية التي يقومون بها وإعداد التقارير السنوية التي تتعلق بتلك الأعمال، وخلق آليات داخلية جديدة تستهدف بسط الرقابة على السلوك الخارجي لهم بما يحفظ الحيدة والنزاهة للجهاز برمته، والتحقيق في الشكاوى التي تقدّم بحقهم، وصولا الى المساءلة والتأديب، أو حفظ تلك الشكاوى، وكذلك الحال فيما يخصّ قدرة معهد القضاء في تقديم البرامج والندوات وورش العمل وتنوعها في كل المجالات القانونية بشكل عام، لاسيما أن المخاطبين بالتدريب والتأهيل القانوني والقضائي في ارتفاع سنوي.ملفات
وعودة الى الملفات المطالب مجلس القضاء بمواجهتها قبل بدء العام القضائي الجديد، والتي تأتي في مقدمتها تقييم المنظومة القضائية التي تعتمد عليها المحاكم والحاجة الى إصلاحها وتطويرها، والبدء بخطوات ذلك الإصلاح، وهو ما يكون أشبه بضرورة تقديم مجلس القضاء الى مشروع إصلاحي أو يسارع في النظر إليه، خاصة بعد أن أتم التطبيق الحالي لمنظومة التقاضي لأكثر من 40 عاما، كما أن ذلك المشروع فيما لو انتهى المجلس من صياغته وإعداده سيتطلب اعتماده من الحكومة ورفعه الى مجلس الأمة لإقراره، وهي مراحل طويلة تستدعي من مجلس القضاء البدء فيها عمليا، لكونه أحد المشاريع التي سيعمل على إنجازها إيمانا بدوره، واستشعارا بالمسؤولية الملقاة على عاتقه، وبما يتلمسه من شكاوى وملاحظات على نحو يومي تستدعي الإسراع في تغيير المنظومة القضائية، واستبدالها بأخرى أكثر مرونة وبساطة وتحقق الجدية المبتغاة من اللجوء الى المحاكم باعتبارها أجهزة معنيّة بالفصل في المنازعات.تراكم الطعون
بينما القضية الأخرى التي تستدعي التحرك من المجلس وحده، ولا تتطلب سوى مشرط ومواجهة مباشرة لعلاجها لمواجهة التأخير في الفصل بقضايا الجنح وتراكم الطعون أمام محكمة التمييز، والتي اقتربت من 50 ألف طعن، وستصل قريبا مع منتصف العام القضائي المقبل الى 60 ألف طعن متراكم، ما لم يشرع المجلس سريعا في مواجهتها.وأول تلك الحلول التي يعلمها المجلس نفسه هي ضرورة زيادة عدد دوائر محكمة التمييز، فضلا عن زيادة عدد المستشارين في محكمة التمييز، وذلك من خلال نقل ما يزيد على 30 مستشارا من محكمة الاستئناف لتشكيل نحو 10 دوائر في محكمة التمييز بين جلسات صباحية ومسائية، ومثل تلك الدوائر ستنجح خلال سنتين في إنجاز كل الطعون المتراكمة، فضلا عن الإسراع برفع قيمة كفالات طعون «التمييز» الى الضعف بما يعكس جديتها، فضلا عن التقليل من خطوات عرض الطعون أمام الدوائر كالمشورة، ومن ثم تحديد جلسات لنظر الطعون أمام المحكمة، كما يتعيّن النظر في أمر زيادة عدد المستشارين في نيابة «التمييز» من أجل سرعة إنجاز مذكرات نيابة التمييز التي يشترط القانون الانتهاء منها قبل النظر في أمر الطعون المعروضة أمام المحكمة.التعثر الإداري
بينما القضية الأخيرة التي يتعيّن على مجلس القضاء أن ينتفض بشأنها فهي قضية التعثّر الإداري الذي كشف عن غياب الإدارة للإدارات المعنيّة بتسيير المرفق القضائي، إما لغياب كفاءات الإدارة أو كفاءة الموظفين المكلفين إنجاز تلك الأعمال، فضلا عن غياب الرقابة الحقيقية لإخفاق الموظفين في الإدارات كالتنفيذ والإعلان والجدول والحفظ، وأخيرا تخلّي الوزارة عن تقديم الدعم البشري واللوجستي الذي تحتاج إليه المحاكم، والذي أدى الى إحداث فوضى إدارية كبيرة أرهقت المتعاملين معها من قضاة ومحامين ومتقاضين.لا يمكن لصمت مجلس القضاء عن سوء الأداء الإداري من قبل وزارة العدل للمرافق القضائية، وما انعكس معه على شكل التقاضي في المحاكم، أن يستمر أكثر، خصوصا أن الواقع في تراجع وإخفاق مستمر منذ سنوات طويلة، بدلا من أن يكون في تقدّم وتطور، وذلك بسبب فقدان الإدارة الحالية خطة إصلاح بيئة العمل الإداري في المحاكم، وعدم القدرة على الدفع بالعناصر البشرية المؤهلة لذلك، وإبعاد كل أوجه التدخل الانتخابي في النقل والندب بين كل من إدارات الوزارة الى إدارات المحاكم والعكس.تنقية القضاء
وتلك القضايا التي نضعها على طاولة المجلس الأعلى للقضاء تتطلب الإسراع في نظرها، لما لها من تأثير كبير على تنقية القضاء من أية ملاحظات وتطوير أجهزته وتبسيط إجراءات التقاضي أمامه وإنجاز إداراته الأعمال الموكلة إليهم بما يفعّل شعار العدالة الناجزة الذي جاء من أجل تحقيق مشروع يسهم في تطوير الخدمات المرتبطة بخدمة العدالة، إلا أنها، مع الأسف، في تراجُع مستمر، وبات مؤلما رؤية ذلك الشعار الذي وضع عام 2015، ولم يتحقق حتى الآن!رفع كفاءة القضاة فنياً
رغم أهمية الدور الذي تقدّمه نيابة التمييز في تطوير أداء رجال القضاء وصقلهم بمهارة الكتابة وفهم اتجاهات القضاء ولغة الأحكام، فإنّ مجلس القضاء لم يعتمد عليها بتطوير أداء القضاة ونقلهم بين دفة العمل الفني على المنصة تارة، والعمل البحثي وقراءة الأحكام وكتابة المذكرات تارة أخرى، خصوصا أن أعداد القضاة في ازدياد مستمر، ولم تعد هناك حجّة بوجود نقص، الأمر الذي يستدعي النظر لرفع كفاءة القضاة فنيا، والاستفادة من العمل في نيابة التمييز، فقد أثبت الواقع ارتفاع مستوى من عملوا في قراءة وفهم لغة الأحكام وكتابة المذكرات وفهم اتجاهات القضاء، بعد عملهم سنوات في نيابة التمييز.نادي القضاة
في الوقت الذي اعتمد المجلس الأعلى للقضاء قبل نحو سنتين قرارا بإنشاء ناد للقضاة، بعد انتظار دام أكثر من 40 عاما من المطالبات بإنشاء هذا النادي، ومن بين أهدافه ودواعيه تحقيق التواصل الاجتماعي للقضاة وأعضاء النيابة العامة، فإن هذا المشروع لم يتحقق بعد على أرض الواقع رغم أهميته واثره على القضاء، ورغم أن هذا المشروع كان يستهدف خلق البيئة الاجتماعية والثقافية والترفيهية للقضاة وأعضاء النيابة، تتناسب مع طبائع هذا الجهاز، لكن هذا المطلب لم يتحقق وبات كالحلم لأعضاء القضاء!حسين العبدالله
تطوير القضاء يتطلب تقييم عمل جهازَي التفتيش القضائي ومعهد القضاء
طعون «التمييز» ستصل في العام القضائي المقبل إلى 60 ألفاً دون علاج!
وزارة العدل لم تنجح في تفعيل شعار العدالة الناجزة منذ عام 2015!
طعون «التمييز» ستصل في العام القضائي المقبل إلى 60 ألفاً دون علاج!
وزارة العدل لم تنجح في تفعيل شعار العدالة الناجزة منذ عام 2015!