هل أصبحت أيام بولسونارو رئيساً للبرازيل معدودة؟
وصل الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو إلى السلطة وهو يتمتع بنِسَب تأييد قوية ظاهرياً، لذا بدت إعادة انتخابه في عام 2022 شبه مضمونة، بغض النظر عن أفعاله ومواقفه، لكن يبدو أن شعبيته أصبحت الأضعف على الإطلاق بين ليلة وضحاها، وكشفت استطلاعات الرأي بدءاً من أواخر مارس 2021 أن نِسَب تأييده انخفضت إلى 33% بعدما كانت 41.2% في شهر أكتوبر، ويعكس هذا التراجع تصاعد استياء البرازيليين من طريقة تعامله مع وباء كورونا، ومنذ ذلك الحين، استمرت هذه الأرقام بالتراجع ووصلت إلى 25% في أبريل و24% في بداية مايو.غداة هذه التطورات، فتح مجلس الشيوخ البرازيلي تحقيقاً حول مستوى إهمال بولسونارو وإدارته طوال فترة الوباء، وقد تؤدي النتائج التي توصّل إليها التحقيق حتى الآن إلى عزل بولسونارو، فقد ثبت مثلاً ضعف رد الحكومة على نقص الأوكسجين الحاد في ولاية "ماناوس" في وقتٍ سابق من هذه السنة، حتى أنه قد يدخل السجن في حال إثبات ارتكابه جريمة جنائية.يبرز أيضاً مصدر تهديد آخر على إعادة انتخابه، وهو يشتق هذه المرة من اليسار السياسي البرازيلي، وتحديداً من الرئيس السابق لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، إذ لم يدخل هذا الأخير إلى السجن رغم الحُكم عليه بالسجن طوال 12 سنة بتُهَم الفساد.
في الشهر الماضي، ألغى أحد القضاة في المحكمة العليا عدداً من تُهَم الفساد الموجهة ضده باعتبارها مسيّسة، ثم انضم القاضي المسؤول عن القضية إلى حكومة بولسونارو لاحقاً بصفته وزير العدل.يستطيع لولا دا سيلفا الآن الترشح للرئاسة مجدداً ومن المتوقع أن يتحدى بولسونارو في السنة المقبلة، فقد حَكَم لولا دا سيلفا البرازيل بين العامين 2003 و2010 ولا يزال يتمتع بشعبية واسعة، لا سيما وسط الناخبين الفقراء والمنتمين إلى الطبقة العاملة. إذا ترشّح لولا دا سيلفا ضد بولسونارو فعلاً، يرتفع احتمال فوزه عليه، ويسهل أن نفهم رغبة حلفاء بولسونارو في سجن لولا دا سيلفا، إذ لا يمكن الاستخفاف بشعبيته وسط شرائح واسعة من الناخبين الذين صوّتوا سابقاً لبولسونارو، ولم يقتنع معظم الناس بالتُهَم الموجهة ضده وتشير استطلاعات الرأي في هذه المرحلة من الوباء إلى فوزه على بولسونارو بسهولة في أي استحقاق انتخابي، ومن المتوقع أن يتعهد لولا دا سيلفا بالعمل على إنهاء الكارثة التي خلّفها فيروس كورونا في البرازيل ووضع حد للإحراج الذي يشعر به عدد كبير من البرازيليين بسبب السمعة السيئة التي اكتسبها بلدهم على الساحة العالمية. ستكون عودة لولا دا سيلفا إلى السلطة إيجابية بالنسبة إلى الولايات المتحدة على بعض المستويات لأنه أكثر انفتاحاً على الأجندة المناخية التي يطرحها جو بايدن، إذ تتأثر البرازيل بشدة بالأمن المناخي لأنها تشمل أكبر مساحات من غابة الأمازون المطيرة وتتكل على المنتجات الطبيعية لتحريك عجلة اقتصادها المبني على التصدير، وفي عهد لولا دا سيلفا، سيتعامل المسؤولون مع التغير المناخي كتهديد يفوق بخطورته الرأي الذي يحمله بولسونارو عن هذا الملف.لكن هذه النتيجة ستحمل مجازفة معينة من ناحية أخرى، فقد اتخذ لولا دا سيلفا موقفاً معاكساً لبولسونارو تجاه نظام مادورو الاستبدادي في فنزويلا، فشكره على المساعدات الإنسانية التي أرسلها إلى البرازيل في زمن الوباء وعبّر عن دعمه له في عام 2013، في بداية الأزمة الإنسانية في فنزويلا.إذا عاد لولا دا سيلفا إلى الرئاسة، فلن يبقى أمام واشنطن إلا أن تأمل أن يغيّر موقفه بكل بساطة، وقد يتخذ هذه الخطوة بعد تفاقم الأزمة التي سبّبها مادورو واستحالة متابعة دعمه في هذه الظروف السياسية الإقليمية. على المدى القصير، ستفوق منافع خروج بولسونارو من السلطة أي مشاكل قد يسبّبها لولا دا سيلفا.