شهدت نهائيات كأس أوروبا لكرة القدم التي تنطلق نسختها السادسة عشرة في 11 يونيو الجاري، لحظات مميزة، مثل القرعة التي شهدتها نسخة 1968 لتحديد هوية المتأهل الى النهائي، أو الثلاثية التي سجّلها الفرنسي ميشال بلاتيني عام 1984، والهدف الرائع بتوقيع الهولندي ماركو فان باستن في نهائي 1988، ودموع الايطاليين في نسخة 2000، وصولا الى المفاجأة الكبرى التي حققتها الدنمارك واليونان في نسختي 1992 و2004.

كانت حقبة أخرى وبطولة ترعاها قواعد مختلفة. ففي 1968، وخلال مباراة الدور نصف النهائي، التي أقيمت في مدينة نابولي الجنوبية، لم يتمكن أي من المنتخبين الإيطالي المضيف ومنافسه السوفياتي من الوصول إلى الشباك خلال الدقائق التسعين، ثم في الشوطين الإضافيين (صفر-صفر). لم تكن ركلات الترجيح تدخل في قواعد البطولة حينها، وبالتالي لجأ الفريقان إلى القرعة التي حدّدت هوية المتأهل إلى المباراة النهائية، من خلال قطعة نقدية معدنية تولى الحكم رميها في الهواء. اختار قائد إيطاليا جاشينتو فاكيتي، الذي توفي عام 2006، جهة الوجه من القطعة النقدية وأصاب في خياره. في تلك الحقبة لم تكن هناك هواتف محمولة أو أي من وسائل الاتصال الحديثة ولم تعرف هوية المتأهل إلى النهائي الا عندما خرج فاكيتي من نفق غرف الملابس جاريا نحو أرضية الملعب للاحتفال مع زملائه، حين أدرك الجمهور الإيطالي أن منتخبهم سيتواجد في المباراة النهائية التي كانت لها قصة أخرى أيضا لأنها تكوّنت من مباراتين. القانون حينها يجبر طرفي النهائي على خوض مباراة معادة في حال التعادل، وهذا ما حصل بين إيطاليا ويوغوسلافيا (1-1 بعد التمديد). وبعد يومين أقيمت المباراة المعادة وخرجت ايطاليا فائزة 2-صفر لتتوّج بلقبها القاري الأوّل.

Ad

هاتريك بلاتيني

هدف بالقدم اليمني، آخر باليسرى وثالث بالرأس: بهذه الطريقة سجّل الفرنسي ميشال بلاتيني ثلاثيته الرائعة خلال مباراة فرنسا مع يوغوسلافيا (3-2) في دور المجموعات من نسخة 1984 التي انهاها "بلاتوش" كأفضل هداف برصيد 9 أهداف، وهو رقم لم يتمكن أحد من الوصول اليه في نسخة واحدة. ولم تكن الثلاثية أمام يوغوسلافيا الأولى لبلاتيني، إذ حقق الأمر ذاته في المباراة السابقة لبلاده في تلك النهائيات أمام بلجيكا (5-صفر)، ليصبح أوّل لاعب يسجل ثلاثيتين في نهائيات كأس اوروبا. كما سيبقى الفرنسي صاحب رقم 10 في أذهان حارس إسبانيا لويس أركونادا، الذي شعر بإحراج كبير خلال المباراة النهائية، بعد أن مرّت الكرة بين يديه وتهادت داخل الشباك بعد ركلة حرة من بلاتيني الذي توّج باللقب الاوروبي بعد فوز بلاده 2-صفر.

هدف فان باستن

إنه هدف من الاحلام، سُجّل بفنية عالية وفي مباراة حدَّدت في نهايتها هوية البطل، كان ذلك في نهائي نسخة 1988، كان فان باستن بعيدا عن تركيز الكاميرا كون التغطية لم تكن بالجودة التي وصلت اليها اليوم. كان متواجدا على الجهة اليمنى لمنطقة المنتخب السوفياتي عندما وصلته الكرة العرضية المتقنة لأرنولد موهرن، فتلقفها مباشرة وسدّدها بيمناه "طائرة" من زاوية ضيقة وصعبة جدا لـ"تنفجر" في شباك الحارس العملاق رينات داساييف. أصبحت الطريقة التي سُجّل بها هذا الهدف الرائع ماركة مسجلة باسم فان باستن، ولطالما تمت مقارنة الاهداف المماثلة بذلك الذي سجل في ليلة 25 يوليو 1988 على الملعب الأولمبي في ميونيخ (2-صفر لهولندا).

حظ الدنمارك

كان الدنماركيون يحضّرون أنفسهم لمتابعة كأس اوروبا، التي استضافتها السويد عام 1992 أمام شاشات التلفزة، بعد فشل منتخبهم في التأهل إلى النهائيات، لكن الحظ أسعفهم عندما طلب منهم المشاركة نتيجة حرب يوغوسلافيا التي تسبّبت باستبعاد منتخب الأخيرة. كانت تلك بداية القصة بالنسبة للحارس العملاق بيتر شمايكل ورفاقه في المنتخب، إذ تمكّنوا من بلوغ نصف النهائي عن المجموعة الأولى الى جانب السويد المضيفة، وعلى حساب العملاقين الفرنسي والانكليزي، ثم اكتملت المفاجأة ببلوغهم المباراة النهائية على حساب حامل اللقب، المنتخب الهولندي، وذلك عبر ركلات الترجيح (تعادلا 2-2 في الوقتين الاصلي والاضافي) بعد تعملق شمايكل وصدّه ركلة بطل 1988 ماركو فان باستن. واكتملت المفاجأة الدنماركية في النهائي، لأن المنتخب الاحمر والابيض تمكن من التفوق على بطل آخر هو المنتخب الألماني المتوّج قبل عامين بلقب مونديال ايطاليا 1990، وذلك بفوزه على الـ"مانشافت" 2-صفر.

مفاجأة اليونان

لم يكن المنتخب اليوناني بطل نسخة 2004 يضمّ في صفوفه أي نجم كبير، وكان أنغيلوس خاريستياس ويورغوس كاراغونيس أبرز لاعبيه. لكن هذا الامر لم يمنع فريقا يدربه الالماني الفذّ أوتو ريهاغل من مفاجأة الجميع والتأهل بفضل أسلوبه الدفاعي إلى الدور ربع النهائي إلى جانب البرتغال المضيفة، وعلى حساب إسبانيا وروسيا، ثم تخطي فرنسا بهدف لخاريستياس قبل مواجهة تشيكيا في دور الأربعة والفوز عليها بهدف وحيد أيضا بعد التمديد.

واعتقد الجميع أن إنجاز اليونان سيتوقف عند النهائي لأنها ستواجه البرتغال المضيفة في المباراة النهائية، إلا أن ريهاغل عرف كيف يتعامل بواقعية مع المد الهجومي البرتغالي على أمل جرّ المضيف إلى التمديد وركلات الترجيح، إلا أن خاريستياس أهداه ما لم يكن بالحسبان بهزّه الشباك البرتغالية في الدقيقة 57، وكان ذلك كافيا لمنح بلاده لقبها الاول والاخير.