الكيميكال والشبو وجنون الشوارع
إن الإصلاحات السياسية والاقتصادية، التي ينشغل بها المجتمع مهمة جداً، لكن لا يجوز ولا يمكن أن تنسينا الالتفات للنشء، والاهتمام بالشباب، وتوفير احتياجاتهم السليمة والصحيحة من أجل معاونة الأسرة في دورها، وحماية الأجيال من سيل الانحرافات التي تغريهم من كل حدب وصوب.
مواقف جنونية نشاهدها في الشوارع والطرق والمرافق العامة، ملاحقات بين سيارات، ومشاجرات في وسط الطريق، واستخدام الأسلحة البيضاء والأدوات الثقيلة والخفيفة، وهروب من سيارات الشرطة، وضرب حتى الموت أو إحداث عاهات شديدة، كما نشاهد شباباً ومراهقين يفقدون صحتهم أو حياتهم، ويزج بهم في دور الملاحظة والإيواء أو السجون، فتسودّ دنياهم ومستقبلهم، ويفسدون معيشة أسرهم وأولياء أمورهم، لأسباب لا قيمة لها، دافعها الغضب الأعمى، أو الانفعال المفاجئ، أو رفقة سيئة مع الفراغ، أو تعاطي المواد المخدرة بأنواعها، أو اعتناق أفكار هدامة دينياً وأخلاقياً.فعلاً أصبحت هذه الحوادث متكررة بشكل غير معتاد، ولا أجزم أنها ظاهرة بدون دراسة الإحصائيات الرسمية، التي ترصد هذه الأعمال الشريرة الموثقة في وسائل التواصل الاجتماعي باستمرار، مع تقديرنا للجهود الأمنية الدؤوبة في ملاحقة الجناة، أو المشاركين بهذه الأحداث، إلا أن الوضع يحتاج إلى تدخل عاجل وسريع ومكثف من مختلف مؤسسات الدولة، لكبح جماح هذه السلوكيات المتطرفة، حتى لا تنتشر بين الشباب والمراهقين، وتصبح أحداثاً عادية في المجتمع.الكويت مجتمع شبابي... أكثر من 200 ألف شاب وفتاة أعمارهم بين 10 و25 سنة، شريحة واسعة هي أثمن ما يمتلكه الوطن، ورعايتها وتوفير وسائل التعليم الكفء، وممارسة الهوايات والأنشطة المتنوعة، وإيجاد حواضن ومراكز تستوعبهم وتمكنهم من إفراغ طاقاتهم، واكتشاف مواهبهم ضرورة وطنية ملحة، من أجل نمو جيل واع مطمئن يكون قادراً على مواجهة الحياة، وبناء البلد بالصورة المرجوة.
نعم للأسرة دور كبير، بل هو الدور الأول والرئيسي، لكن ظروف المجتمع المتغيرة، وتيسير وسائل الاتصال والانتقال، وثورة الإعلام والتواصل، مع غياب دور المدرسة، وضعف البدائل الرسمية والأهلية المناسبة، تجعل الأسرة الكويتية تتحمل عبئاً كبيراً في هذا الشأن. إن الإصلاحات السياسية والاقتصادية، التي ينشغل بها المجتمع مهمة جداً، لكن لا يجوز ولا يمكن أن تنسينا تلك الإصلاحات الالتفات للنشء، والاهتمام بالشباب، وتوفير احتياجاتهم السليمة والصحيحة من أجل معاونة الأسرة في دورها، وحماية الأجيال من سيل الانحرافات التي تغريهم من كل حدب وصوب، ومن الواجب على كل مؤسسات الدولة التعاضد، لوضع سياسة وطنية وقائية ومتكاملة لرعاية النشء، تحقق ما أوجبه علينا الدين الحنيف، وما كفله لهم الدستور، وهنا أجد لزاماً التساؤل عن دور "المجلس الأعلى لشؤون الأسرة" في هذا المجال، وما مبادراته الحقيقية وخططه الفعلية لخدمة المجتمع في هذا المجال؟إلى كل مسؤول له علاقة، الشباب هم رأسمال الوطن، وأغلى ما تمتلكه الأسرة، فالتفتوا إليهم، فإنهم أمانة عظيمة في رقابكم... والله الموفق.