أبدى الرئيس التركي رجب طيّب إردوغان، مرة أخرى، رغبة جديدة في تقوية علاقات بلاده مع مصر ودول الخليج العربية على أساس "الربح المتبادل"، كما جدّد انتقاداته للإدارة الأميركية بسبب اعترافها بإبادة الأرمن ودعمها المقاتلين الأكراد.

وسعت تركيا جاهدة في الشهور القليلة الماضية إلى إصلاح علاقاتها مع هذه الدول، فأرسلت وفداً إلى القاهرة لإجراء محادثات، كما أجرى وزير خارجيتها جاويش داود أوغلو مباحثات في الرياض مع نظيره السعودي.

Ad

وخلال لقاء مع عدد من الصحافيين على شاشة قناة TRT التلفزيونية الحكومية التركية، في ساعة متأخرة من مساء أمس الأول، شدّد إردوغان الذي يقود تركيا منذ عام 2003، على "أننا نريد الاستفادة القصوى من فرص التعاون مع مصر، وتحسين علاقاتنا على أساس الربح المتبادل".

وأضاف: "هناك ترابط نابع من التاريخ في الوجدان والمصير يجمع بين شعبي تركيا ومصر، والعلاقات بين الدولتين تقدّمت وما زالت تتقدم على هذا الأساس".

وأوضح أن "المحادثات مع مصر بدأت أولاً بين أجهزة الاستخبارات من الجانبين، ثم بين مسؤولين من وزارتي خارجية البلدين، وتوسّعت وما زالت مستمرّة، ولدينا إمكانات تعاون كبيرة بيننا في منطقة واسعة، بدءاً من شرق المتوسط وحتى ليبيا".

وأضاف: "يجب أن أقول إن مصر ليست دولة عادية بالنسبة لتركيا، فهناك وحدة في القدر بين الشعبين المصري والتركي، ولا يمكن المقارنة بين العلاقات التركية المصرية والعلاقات المصرية اليونانية، ذلك لأنني أعرف الشعب المصري جيدًا، وأكنّ له المحبة، ولا شك في أن البعد الثقافي لروابطنا قوي جداً، لذلك نحن مصممون على بدء هذا المسار من جديد".

لكنّ طريق المصالحة بين تركيا ومصر لا يبدو أنّه سيكون سهلاً، بسبب الكمّ الكبير من الملفّات التي تسمّم العلاقات بين البلدين. وتتزامن بداية الانفراج في العلاقة بين أنقرة والقاهرة مع حصول تهدئة في العلاقات بين مصر وقطر، حليف تركيا الرئيسي في المنطقة.

وتأتي مبادرة الانفتاح التركي في وقت تسعى أنقرة للخروج من عزلتها الدبلوماسية في شرق المتوسط، حيث أدّى اكتشاف حقول ضخمة من الغاز الطبيعي في السنوات الأخيرة إلى شراكة بين الدول المطلّة على هذه المنطقة البحرية ترى أنقرة أنّها مجحفة بحقّها.

وعن علاقات بلاده مع دول الخليج، قال إردوغان: "مسألة الربح المتبادل تنطبق أيضاً على دول الخليج" العربية، في إشارة إلى السعودية والإمارات التي تتّسم العلاقات بينها وبين تركيا بتوتّر شديد.

وبعد أزمة دبلوماسية استمرت سنوات بين تركيا والدول العربية الثلاث، قادت أنقرة أخيراً جهوداً دبلوماسية حثيثة لإصلاح علاقاتها مع العواصم الثلاث، بدءاً بالقاهرة.

العلاقات الأميركية

وقبل لقائهما الأول في 14 الجاري، على هامش قمّة حلف شمال الأطلسي في بروكسل ، حذر الرئيس التركي نظيره الأميركي جو بايدن من أنه سيفقد "صديقا قيّماً" إذا واصل "حشره في الزاوية"، مذكّراً بأنّه تمكّن على الدوام من العمل مع سيّد البيت الأبيض "سواء كان جمهورياً أم ديمقراطياً".

وفي إشارة الى اعتراف إدارة بايدن بما أسمته "الإبادة الجماعية" لـ 1.5 مليون أرمني في عهد السلطنة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى، قال الرئيس التركي للأميركيين: "أليست لديكم مشكلة أخرى تعالجونها سوى تأدية دور محامي أرمينيا؟".

وعن الدعم الأميركي لأكراد سورية، قال: "إذا كانت الولايات المتحدة حليفتنا فعلاً، فهل ينبغي أن تقف إلى جانب الإرهابيين أم إلى جانبنا؟ مع الأسف، إنّها تواصل دعم الإرهابيين".