بقايا خيال: عندما يتفرّد المواطن بالقرار!
![يوسف عبدالكريم الزنكوي](https://www.aljarida.com/uploads/authors/44_1666896643.jpg)
هذه النوعية من المواطنين والوافدين من الذين رفضوا تلقي اللقاحات يعيشون بيننا ويخالطوننا، وهم لا يعرفون أنهم مصدر خطر على المجتمع بأكمله، وإذا كانت الحقيقة الطبية تقول إن من أخذ التطعيم قد لا يصاب بالفيروس، إلا أنه يبقى ناقلا له، فما بالك بمن لم يتلقّ أيّ جرعة؟ كان يجب على الدولة إبداء الشدة والصرامة والحزم بشأن تلقي الجرعات منذ بداية إعلان نيتها شراء اللقاحات، وأن تتدخل لوقف سيل الرسائل الإعلامية السلبية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي نفَّرَت الناس، وأسهمت في إقناع قطاع عريض منهم بعدم تلقي الجرعات، لحماية أنفسهم على الأقل من الإصابة، الأمر الذي ساعد على انتشار الوباء حتى ظهر جلياً في الأرقام المخيفة التي تنشرها وزارة الصحة حول الإصابات اليومية. وفي المقابل، كان يجب على وزارة الصحة العامة توعية العامة باستخدام مختلف وسائل الاتصال بالجماهير لمواجهة الإعلام المضاد، ومحاربة الجهل بأهمية اللقاح، وهو جهل عمل على إضاعة جهود الدولة في القضاء على جائحة كورونا. فمنذ أن بدأنا بعمليات التطعيم أظهرت الدولة نفسها وكأنها مترددة ليس في مواجهة الإعلام المضاد فحسب، وإنما في إقناع المواطنين والمقيمين بجدوى تناول جرعات اللقاح أيضاً. ولهذا عُدنا إلى نقطة الصفر أو المربع رقم واحد، فزادت حالات الإصابة، و"كأنك يا بو زيد ما غزيت"، وكأنك لم تعمل بمضمون الحديث الشريف: عن النُّعْمانِ بنِ بَشيرٍ رضي اللَّه عنهما، عن النبيِّ ﷺ قَالَ: "مَثَلُ القَائِمِ في حُدودِ اللَّه، والْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَومٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سفينةٍ، فصارَ بعضُهم أعلاهَا، وبعضُهم أسفلَها، وكانَ الذينَ في أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الماءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا في نَصيبِنا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا. فَإِنْ تَرَكُوهُمْ وَمَا أَرادُوا هَلكُوا جَمِيعًا، وإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِم نَجَوْا ونَجَوْا جَمِيعًا" (رواهُ البخاري).