بعد نجاح المكلف بتشكيل الحكومة الإسرائيلية يائير لابيد في كسب رهانه في اللحظة الأخيرة وضم 61 نائباً إلى "ائتلاف التغيير" الهادف لإنهاء حكم رئيس الوزراء المخضرم بنيامين نتنياهو، الممتد على مدار 15 عاماً، منها 12 متتالية، تتجه الأنظار إلى جلسة "الكنيست" المقررة الأسبوع المقبل للتصويت على منح الثقة للحكومة المقترحة وإنهاء الأزمة السياسية المستمرة منذ أكثر منذ سنتين.وطلب الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين من "الكنيست" عقد جلسة للتصويت على منح الثقة لحكومة جديدة يتناوب رئيس حزب "هناك مستقبل" يائير لابيد مع حليفه زعيم حزب "يامينيا" اليميني المتطرف على رئاستها.
وفي أول تحركاته المضادة، طالب نتنياهو بعقد اجتماع عاجل لزعماء كتلة اليمين في "الكنيست" وقادة المستوطنين وتحالف أحزاب العنصريين ونواب حزبه، بهدف منع تصويت نواب حزبي "يمينا" و"أمل جديد" للحكومة الجديدة وعدم منحها الثقة.وبينما حشد حزب "الليكود" أنصاره للتظاهر ضد "يمينا" والحكومة الجديدة، دعا نتنياهو رئيس "الكنيست" ياريف ليفين ورئيس الائتلاف الحاكم ميكي زوهار، إضافة إلى رؤساء مجلس "يشع" لمستوطنات الضفة الغربية، لإيجاد طرق لتعطيل حكومة الوحدة الجديدة قبل التصويت على منحها الثقة الأسبوع المقبل.وفي سلسلة تغريدات، شنّ نتنياهو حملة تحريض وتهديد بوصف الحكومة بأنها يسارية خطيرة على إسرائيل، واتهم قادة أحزاب اليمين المشاركين فيها بخيانة اليمين بزعامته.واتهم نتنياهو بينيت بـ "بيع نفسه" للحزب الإسلامي و"القائمة العربية" بموافقته على بعض مطالبها بشأن هدم المنازل والقرى البدوية غير المعترف بها وميزانيات القطاع العربي، مؤكداً أن ائتلافه مع لابيد "باع النقب للقائمة"، وأورد مقارنة بين تنازلاته للقائمة وتنازلاتهما.وزعم نتنياهو أنه خلافاً له، وافق لابيد وبينيت على إلغاء ما يسمّى بقانون "كامينيتس"، الذي ينص على الإسراع في هدم البيوت "المخالفة"، كما أشار إلى أنهما وافقا على الاعتراف "بمعظم التجمعات البدوية غير الشرعية في النقب"، بينما هو وافق على "ثلاثة فقط".وتابع أن لابيد وبينيت وعدا بتخصيص 52.5 مليار شيكل كـ "تمويل حكومي للقطاع العربي"، في حين أنه وافق فقط على 15 مليارا. كما ادعى أنه لم يوافق أبدا على السماح "للقائمة الموحدة" بأن تكون جزءا من ائتلاف، لكنّه "سعى فقط إلى دعمها التشريعي مرة واحدة لاعتماد الانتخاب المباشر لرئيس الوزراء".وتحدثت صحيفة يديعوت أحرونوت عن رصد نتنياهو ومعسكره نقطة ضعف بأعضاء من "يمينا"، مشيرة إلى أنهم يتعرّضون لضغوط "هائلة وغير إنسانية"، وستتواصل وتتصاعد خلال الفترة المقبلة إلى حين تنصيب الحكومة.وغداة إبلاغه ريفلين، قبل ساعة من انتهاء تفويضه، بأنه نجح في تشكيل ائتلاف مختلف ألوان الطيف السياسي، قدّم لابيد 61 توقيعاً للمطالبة بانتخاب رئيس جديد للكنيست، وسط مخاوف من أن الرئيس الحالي يخطط لتأجيل التصويت على الحكومة الجديدة وإعطاء الفرصة لنتنياهو وحزبه ومحاميه للانقضاض عليها.وأفادت تقارير بأن لابيد وبينيت قلقان من أن ليفين يخطط لمنع إدراج التصويت على منح الثقة للحكومة الجديدة في جدول أعمال "الكنيست"، تماشياً مع محاولات "الليكود" ونتنياهو لإحداث انشقاقات في صفوف الائتلاف، الذي يضم 61 نائباً، وهي أقل أغلبية ممكنة يمكن لمنشق واحد أن يخرجها عن مسارها نظرياً.وفي محاولة للوقوف في وجه محاولات المعسكر الموالي لنتنياهو، تتطلع الأحزاب الثمانية الموقّعة على الاتفاق للإطاحة بليفين وتعيين النائب عن "هناك مستقبل"، ميكي ليفي، مكانه، لكن بعد وقت قصير سحب عضو الكنيست عن حزب "يمينا"، نير أورباخ، توقيعه، مما قد يمنع إسقاط ليفين وتعيين ليفي محله. وذكرت هيئة البث الإسرائيلي أن لابيد طلب إجراء التصويت على منصب رئيس الكنيست في الجلسة الأولى للهيئة العامة الأسبوع المقبل، آملاً بالفوز بثقة النواب وطيّ في صفحة نتنياهو.ونشر فريق لابيد صورة لتوقيع قادة أحزاب "يامينا بزعامة" بينيت و"أزرق أبيض" بزعامة غانتس و"ميرتس" و"العمل" و"إسرائيل" بزعامة أفيغدور ليبرمان و"أمل جديد" بزعامة جدعون ساعر، إضافة إلى "الحركة الإسلامية الجنوبية" بقيادة منصور عباس. ولأول مرة في تاريخ إسرائيل، نص الاتفاق على منح "الحركة الإسلامية الجنوبية" بقيادة منصور رئاسة لجنتي الداخلية وشؤون العرب ومنصب نائب رئيس الكنيست.وأكد لابيد للرئيس الإسرائيلي أن "هذه الحكومة ستكون في خدمة جميع مواطني إسرائيل، بمن فيهم الذين ليسوا أعضاء فيها، وستحترم من يعارضونها، وستبذل كل ما في وسعها لتوحيد مختلف المكونات".
مشاركة عربية
وفي حين كتب وزير الدفاع بيني غانتس، في تغريدة وهو في طريقه إلى واشنطن، "ليلة أمل كبير"، قال عباس بعد توقيع الاتفاق مع لابيد، إن "توصلنا لتفاهمات واتفاق يقدم حلولاً للمجتمع العربي تشمل الكثير من الأمور المهمة والضرورية، وبشكل خاص منطقة النقب وبما يتعلق بهدم المنازل".وأشار إلى أن "هذه هي المرة الأولى التي يكون بها حزب عربي شريك بإقامة حكومة"، معرباً عن أمله بأن "تتم إقامتها لأننا لا نريد انتخابات خامسة، ولذلك اتخذت هذا القرار الصعب، سنعمل بإصرار على نجاح هذه العملية".وبينما تعود آخر مرة دعم فيها حزب عربي حكومة، من دون المشاركة فيها، إلى عام 1992 في عهد "حكومة السلام" برئاسة إسحق رابين، اعترض الحزب الشيوعي والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة على دعم حكومة برئاسة بينيت. وقال الحزبان العربيان، في بيان مشترك، إن "دعم الحركة الإسلامية الجنوبية لحكومة لا تلتزم بوقف التطهير العرقي في القدس الشرقية المحتلة والانتهاكات والاستفزازات في المسجد الأقصى، بعد أن رفضها اليمين، يضفي الشرعية على سياسة التنكّر لحقوق الشعب الفلسطيني». وأكد الحزبان أن «إسقاط نتنياهو لا يشرعن دعم حكومة برئاسة بينيت» التي عدّا أنها "حكومة يمين بامتياز في تركيبتها وفي خطها السياسي لا تقدّم تغييراً جوهرياً حقيقياً عن حكومة نتنياهو".وشددتا على أن "التغيير الحقيقي لا يُختزل في استبدال نتنياهو، وإنما في تغيير سياسته بدل سياسة تعميق الاحتلال والاستيطان والعنصري". كما هاجم رئيس حزب التجمع العربي الديمقراطي، النائب السابق جمال زحالقة، مشاركة الحركة الإسلامية الجنوبية، معتبراً أنها "خطيئة وليست مجرد خطأ، وصفقة على حساب الموقف الوطني والحقوق والكرامة».وحذرت صحيفة جيروزاليم بوست من أن "الجزء الأصعب ليس إلا في بدايته في ضوء الأيديولوجيات والفلسفات المتباينة بالائتلاف"، لكنّها اعتبرت أن "الحكومة الوليدة لديها القدرة على إصلاح غياب الثقة وشفاء الانقسامات بين المجتمعات المختلفة وقيادة الدولة إلى طريق أقل فوضوية وأكثر استقراراً".ومن الوضع القائم في النزاع مع الفلسطينيين إلى الانتعاش الاقتصادي ومكانة الدين، كل شيء على الورق يثير الانقسام في الائتلاف المتنوع الذي لا تجمعه سوى الرغبة في إسقاط نتنياهو.وفي خطوة وصفتها صحيفة هآرتس بأنها "غير طبيعية قبل أداء رئيس الوزراء اليمين، أكد جهاز الأمن العام (شين بيت) أنه تولّي مهمة تأمين بينيت، مرجعاً تقديم التأمين لليميني المتشدد إلى تزايد التهديدات له. وكان نتنياهو قد انتقد بينيت بشدة، واتهمه بـ "الخيانة" بدخوله في الائتلاف الجديد.