كانت لقطة تاريخية جمعت بين منصور عباس السياسي الإسلامي من الأقلية العربية في إسرائيل، وهو يقف مبتسماً إلى جوار نفتالي بينيت الزعيم اليهودي اليميني المتطرف وحلفائه، بعد لحظات من الموافقة على توليه رئاسة الوزراء بالتناوب مع الوسطي يائير لابيد.

ساعد اشتراك الطرفين في هدف الوقوف بوجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في دفع عباس إلى المسرح السياسي، إذ حقق الفصيل الإسلامي الصغير الذي يتزعمه أغلبية بسيطة للأحزاب اليهودية في الكنيست، التي تأمل في عزل نتنياهو أطول رؤساء الوزراء بقاء في السلطة في إسرائيل.

Ad

وفي حال نجحت حكومة لابيد ـ بينيت بالفوز في تصويت الثقة بالكنيست، فستصبح "القائمة العربية الموحدة"، أول حزب ينتمي للأقلية العربية التي تمثل 21 في المئة، من سكان إسرائيل يشارك في حكومة إسرائيلية.

ونحى عباس (47 عاما) جانباً خلافاته مع بينيت الذي سيتولى رئاسة الوزراء في السنتين المقبلتين، والزعيم السابق لتنظيم كبير للمستوطنات اليهودية وأحد المدافعين عن ضم معظم الضفة الغربية المحتلة.

ويقول عباس الذي يعمل طبيب أسنان، إنه يأمل في تحسين أوضاع المواطنين العرب الذين يشكون التمييز وإهمال الحكومة لهم.

وقال في رسالة إلى أنصاره بعد توقيع اتفاق الائتلاف مع بينيت ولابيد إن فصيله قرر الانضمام للحكومة "من أجل تغيير توازن القوى السياسية في البلاد".

وقالت "القائمة العربية الموحدة"، إن الاتفاق يقضى بتخصيص أكثر من 53 مليار شيقل (16 مليار دولار) لتحسين البنية التحتية والتصدي لجرائم العنف في المدن العربية.

وأضافت أن الاتفاق يتضمن أيضا بنودا لتجميد هدم البيوت التي بنيت دون تراخيص في قرى عربية ومنح بلدات البدو في صحراء النقب، والتي تعتبر معقلا للدعم الإسلامي، وضعا رسميا.

وقال عباس إنه عندما تتأسس الحكومة على دعم الفصيل العربي، فإنه سيتمكن من التأثير فيها وتحقيق إنجازات للمجتمع العربي.

وينتمي عباس لبلدة المغار العربية الدرزية المختلطة القريبة من بحيرة طبرية. وحزبه هو الجناح السياسي للفرع الجنوبي من الحركة الإسلامية في إسرائيل التي تأسست في عام 1971، وترجع أصولها إلى جماعة الإخوان المسلمين.

وقبل إقرار اتفاق الائتلاف طلب عباس موافقة مجلس شورى الحركة الإسلامية، الذي سبق أن وجه تصويت الحزب في البرلمان في قضايا حقوق المثليين وقضايا أخرى.

كان حزب عباس قد انشق عن التحالف العربي الرئيسي في إسرائيل، وهو "القائمة المشتركة" التي يتزعمها ايمن عودة، وتضم أحزابا قومية عربية ويسارية قبل انتخابات 23 مارس، وذلك بعد أن نادى دون أن يحقق أي نجاح بالعمل مع نتنياهو وفصائل يمينية أخرى لتحسين الأوضاع المعيشية للعرب.

ويتنقد كثيرون من العرب نهج عباس، لكن الكثيرين يشيدون به.

وقال موسى الزيادنة في بلدة رهط البدوية في جنوب إسرائيل، إنه يجب الإشادة بعباس لتجربته نهجا جديدا، لكن إذا نشبت حرب أخرى في غزة، وهو مشارك في الحكومة، فسيتعرض لضغوط للانسحاب منها.

ووصف جمال زحالقة العضو السابق في "القائمة المشتركة" خطوة عباس بأنها "خطيئة وليست خطأ، وجاءت على حساب موقفنا الوطني وحقوقنا وكرامتنا".

وكان عباس قد أوقف مفاوضات الائتلاف بصفة مؤقتة خلال القتال الذي استمر 11 يوما بين إسرائيل وغزة الشهر الماضي، والذي تسبب أيضا في حوادث عنف بين اليهود والعرب في إسرائيل.

غير أن أريك رودنتزكي من معهد الديمقراطية الإسرائيلي، قال إن قرار الانضمام للائتلاف يمثل وجهة نظر استراتيجية للأجل الطويل.

وأضاف "لن يسحب مثل هذا الخيار الاستراتيجي لمجرد وقوع أحداث عنف".

وتابع "انه إذا كان (العرب) انتظروا 70 عاما لدخول الحكومة فبإمكانهم تحمل 70 يوما من العنف مع غزة".