منذ فترة ونحن في الكويت نراوح في مكاننا، فإذا تقدمنا خطوة رجعنا إلى الخلف خطوات، لا نعرف ماذا نريد ولا إلى أين نتجه بمعنى آخر ضللنا الطريق وفقدنا البوصلة، فقد اعتمدنا في السابق على البوصلة في السير بالطريق الصحيح حتى وصلنا إلى الحاضر الذي نعيشه الآن والذي كنا نعده سابقا المستقبل المنشود، ولكن للأسف لم يتم ذلك، فكل الدول تمر بمراحل في تكوينها وتقدمها بين ماض عاشته وحاضر تعيشه ومستقبل تتطلع للعيش فيه، وكل الدول المتقدمة تضع الماضي خلفها وتتطلع إلى مستقبل أفضل وهذه سنّة الحياة، أما نحن فما زلنا في حياتنا وتصرفاتنا نعيش في الماضي نضع رجلاً في الماضي وأخرى خجولة تتطلع للمستقبل، فلا استفدنا من الحاضر حتى نتقدم للمستقبل ولا من تجارب الماضي لنراجعها في الحاضر حتى نستفيد من أخطائنا ونتقدم للأمام إلى المستقبل المشرق! السؤال هو: ماذا ينقصنا في الكويت لنتقدم ونلحق بركب الدول المتقدمة؟ دولتنا صغيرة المساحة والشعب قليل نسبيا مقارنة بالدول الأخرى، ولدينا ثروة هائلة، فلماذا نحن نراوح في مكاننا؟ وضع الأولون، حكاماً وشعوبا، اللبنات الأولية للدولة الحديثة، بدأت بالتعليم وهو أساس تقدم كل دولة فقيرة كانت أو ثرية، وذلك بجهود المخلصين من أبناء الكويت رجالاً ونساء، أضفنا إليها الرعاية الصحية لبناء إنسان صحيح الجسم والعقل، وضعنا أسس الدولة الحديثة من دستور بتوافق بين الحاكم والشعب، وقوانين تنظم العلاقات بين الشعب وتحفظ حقوقه، بالإضافة إلى الخدمات الأخرى لتخدم المواطنين، وبعد ذلك كانت لدينا مجالس منتخبة مباشرة من الشعب.
إذاً كل مؤشرات النجاح متوافرة لدينا لبناء دولة متقدمة، ولكن أين المشكلة؟ المشكلة في رأيي المتواضع أن هناك فئة من الناس لا تعترف ولا تحترم القوانين، بل تسعى جاهدة لكسرها ومخالفتها وتحاول إلغاءها مما يتسبب في خلق المشاكل العديدة ومنها التعدي على ثروات الشعب ومقدراته، فكانت نتيجة ذلك بروز التذمر الشديد بين أوساط الشعب، وهذا حال كثير من شعوب العالم، فشهدنا على مر السنين أن مجالسنا المنتخبة أنشئت بغرض التشريع ومراقبة ومحاسبة السلطة التنفيذية أي الحكومة، ولكن البعض استغل هذا المجال للتكسب وكسر القوانين وتجييرها للمصالح الشخصية الآنية، وفي الطرف الآخر وهي السلطة التنفيذية أسهمت هي الأخرى في كسر القوانين عندما تغاضت عن محاسبة المخطئ، بل شجعت وساندت الذين لم يحترموا القوانين ولم ينفذوها ولم تتم المحافظة على الأموال العامة. من ذلك عرفنا واستوعبنا أن سبب تخلفنا عن الركب العالمي وعدم انتقالنا إلى المرحلة التالية، وهي المستقبلية، يرجع إلى الأشخاص الأشرار لا الأخيار، ولكي ننقذ بلدنا ولا نضيع البوصلة ونسلك الطريق الصحيح طريق المستقبل، علينا أولا أن نتبع ثقافة احترام الدستور وتطبيق القوانين، وعلى الجميع دون استثناء وتشجيع النشء وهم الشباب على العمل وإتاحة الفرصة لهم للمساهمة في بناء وطنهم لأنهم هم عماد المستقبل لبناء وطن قوي وجديد، والاستفادة من الثروة التي حبانا الله بها، وهي ملك للشعب واستثمارها في الطريق الصحيح لصالح الأجيال القادمة، وعدم السماح لأي كان بتبديدها حتى نلحق بركب الدول المتقدمة، فهل نستطيع أن نوجه بوصلتنا الوجهة الصحيحة؟ الجواب: نعم، نعم، نعم، بشرط أن نخلص لهذه الأرض الطيبة وشعبها الوفي المخلص، وأن نتخلى عن السياسة الحالية في تعاملنا مع المشاكل التي تواجهنا وأن نرص الصفوف حكاما ومحكومين وأن نتكاتف جميعا ونتعاون للنهوض بالكويت التي أعطتنا الكثير، ويجب علينا أن نرد لها الجميل، لأن الشعب الكويتي يستحق الحياة، فعلينا أن نتكاتف رجالاً ونساء وشباباً، وننسى الخلافات، ونفتح صفحة جديدة في علاقاتنا الداخلية، وكذلك في العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية للنهوض بالكويت والمحافظة عليها، والتي كانت وستظل مفخرة لنا جميعا، والله أسأل أن يحفظ لنا الكويت ويسبغ علينا نعمة الأمن والأمان، وأن يهدينا الله إلى الطريق القو§يم، إنه مجيب الدعاء، والحمدلله رب العالمين.***الأخ أحمد الميلم أبو منذر انتقل إلى رحمة الله تعالى، ولأنني لم أستطع المشاركة في تشييع جثمانه، فيجب أن أكتب عنه بضع كلمات يستحقها هذا الرجل الفاضل الذي تربطني به علاقة أخوية، فهو رجل فاضل ومحترم له التقدير والمحبة، رحمه الله وأسكنه الجنة، والعزاء لأقاربه الكرام من عائلتي الميلم والجسار، والعزاء أيضاً لأسرتي الفارس والعثمان بفقد أحد أبنائهما الأعزاء، رحمة الله على الجميع وجعل مثواهم الجنة.
مقالات
هل فقدنا البوصلة؟
06-06-2021