وسط ترقب لانفجار وشيك للوضع في القدس والأراضي المحتلة، عزز التحذير غير المسبوق لرئيس جهاز الأمن الداخلي "الشاباك" نداف أرغمان المخاوف من تصاعد خطاب العنف وعمليات التحريض السياسي داخل إسرائيل والانجرار إلى سيناريو مشابه لاقتحام أنصار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب لمبنى الكابيتول في 6 يناير الماضي، وما رافق ذلك من أعمال عنف دامٍ وأجواء متوترة.واتساقاً مع تحذيرات وسائل الإعلام منذ أيام من "سيناريو 6 يناير إسرائيلي" يرافق إطاحة أكثر رئيس وزراء بقاء في السلطة، وجّه أرغمان تحذيراً استثنائياً من احتمال وقوع أعمال عنف واغتيالات خلال واحدة من أكثر الفترات المشحونة سياسياً منذ عشرات السنين.
وعشية بدء الكنيست جلسة مفتوحة يفترض أن تنتهي في 14 الجاري بالتصويت على منح الثقة للحكومة الجديدة بالتناوب بين رئيسي حزبي "يمنيا" المتطرف نفتالي بينيت و"هناك مستقبل" الوسطي يائير لابيد، وبخروج رسمي من السلطة بعد 12 عاماً لرئيس الوزراء المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو قال الأخير، إنه يدين أي تحريض ضد العنف، لكنه واصل مهادنة خصومه في "معسكر التغيير"، مؤكداً أن الحكومة المقبلة ستكون "حكومة احتيال يسارية لن تتمكن من حماية وضمان مصالح إسرائيل وتشكل خطراً عليها ولا تستطيع منع إيران من الحصول على سلاح نووي"، داعياً إلى التصويت ضد منحها الثقة.وقال نتنياهو، خلال اجتماع نواب حزبه "ليكود" في الكنيست، إن مجلساً وزارياً مصغراً للشؤون السياسية والأمنية "كابينيت" يكون في عضويته رئيس حزب ميرتس "يسار" نيتسان هوروفيتس، ورئيسة حزب العمل "يسار" ميراف ميخائيلي، ورئيس حزب "ييش عتيد" "وسطي" يائير لابيد، "لن ينفذ عمليات جريئة خلف خطوط العدو، وداخل إيران".ورفض نتنياهو "تكميم الأفواه ومنع توجيه انتقادات وتصوير اليمين أنه عنيف وخطير على الديمقراطية"، واعتبر أن "حرية التعبير ليست تحريضاً"، مشدداً على أنه "عندما يشعر جمهور هائل بأنه جرى تضليله، وعندما يعارض المعسكر القومي بشدة حكومة يسار خطيرة، فهذا حقه وواجبه أن يعبر عن احتجاج ضدها بأي طريقة قانونية".وتابع: "لم أخطط لتشكيل حكومة مع القائمة الموحدة"، وقال إن "حكومة مع مؤيدي الإرهاب لن تتمكن من القتال في غزة وثمة شك إذا كانت ستحارب قرارات محكمة لاهاي".وقال نتنياهو: "هناك خط رفيع جدا بين الانتقاد السياسي والتحريض على العنف (...) لا يمكن التعامل مع الانتقاد الذي يوجهه اليمين كتحريض، والانتقاد الذي يوجهه اليسار كعمل مقبول"، مضيفا: "أدين كل تحريض على العنف".وبحسب نتنياهو، فإنه تعرض لحملة "أسوأ بكثير" ضده وضد عائلته.
رسائل تحريضية
وفي مواجهة تصعيد نتنياهو رسائله التحريضية خصوصاً ضد حلفاء الأمس من اليمين الذين وافقوا على الانخراط في "معسكر التغيير" وأولهم بينيت، قال رئيس جهاز "الشاباك" الذي يعرف اختصاراً بـ "شين بيت"، في يوم السبت العبري الذي تلتزم به الأجهزة الأمنية ولا تصدر بيانات فيه إلا في حال الطوارئ:"في الفترة الأخيرة، رصدنا تصاعداً حاداً ومكثفاً في الخطاب العنيف والتحريضي، ومن واجبنا أن نطلق نداء واضحاً وحازماً من أجل وقف خطاب التحريض والعنف، مسؤولية تهدئة العواصف وكبح الخطاب تقع على عاتقنا جميعاً".وأضاف أرغمان، أن "هذا النقاش قد يفسر في أوساط مجموعة معينة أو عند أشخاص، على أنه يتيح نشاطات عنيفة وغير قانونية من المحتمل أن تصل حتى الإضرار بالأرواح".وفور صدور بيان أرغمان، تعرض لوابل من الانتقادات من يائير نجل نتنياهو، الذي كتب على "تويتر":"هذه وصمة عار، انهم يحاولون إغلاق أفواه اليمين ووصف كل انتقاد سياسي بأنه تحريض".ويوم الجمعة كتب منشوراً على فيسبوك استشهد فيه بقصة من الكتاب المقدس، وقارن فيها خصومه السياسيين من اليمين بجواسيس أرسلهم موسى للقيام بجولة في أرض كنعان وكذبوا على الناس عند عودتهم. ووفقاً للكتاب المقدس، تلقى الجاسوسان عقاباً من الله وماتا بسبب الطاعون.وتلقى بينيت تهديدات ورفعت صورة له يرتدي كوفية فلسطينية شبيهة لأخرى رفعت قبيل اغتيال رئيس الوزراء الراحل إسحق رابين في 1995 من يهودي متشدد، خلال تظاهرات غاضبة تقدمها نتنياهو زعيم المعارضة آنذاك.وتعرضت القيادية في حزب "ميرتس" اليساري، تامرا زاندبيرغ، لتهديدات بالتعرض لابنها الصغير الأسبوع الماضي، ودعت، أمس الأول، نتنياهو إلى "الوقف الفوري لآلة الكراهية المسؤولة عن التهديدات وحصول الشخصيات العامة على حماية أمنية إضافية بسبب تأثيرها الذي قد يصل إلى حد العنف وحتى القتل"، حسب قولها.وكان نتنياهو دعا الأسبوع الماضي أنصاره للتظاهر أمام منازل نواب وقياديين في حزب "يمينيا" احتجاجاً على انخراطه في الائتلاف الحكومي، بينهم نير أورباخ الذي حذر بينيت من أنه قد لا يدعمه في التصويت على الثقةتهديدات الصهيونية
وبعد وقت وجيز من رسالة رئيس "الشاباك"، أصدر كبار حاخامات الصهيونية الدينية بياناً مساء، أمس الأول، ضد تشكيل "حكومة التغيير"، دعوا فيه أتباعهم إلى "القيام بأي شيء كي لا تتشكل حكومة كهذه".معركة القدس
ومن المتوقع تصاعد حدة التوتر أكثر يوم الخميس عندما ينظم المستوطنون "مسيرة الاعلام" استفزازية جديدة في البلدة القديمة والحي الإسلامي وباب العامود وصولاً إلى حائط المبكى "البراق"، تزامناً مع اندلاع مواجهات عنيفة في حي الشيخ جراح، الذي لعب دوراً رئيسياً في اندلاع أسوأ جولة عنف بين إسرائيل و"حماس"منذ سنوات.وعبر جميع المسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، الذين التقوا وزير الدفاع بيني غانتس خلال زيارته إلى واشنطن عن قلقهم من الوضع في القدس المحتلة واحتمال أن يؤدي التصعيد فيها إلى مواجهة أخرى مع "حماس".وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية، إن نتنياهو يُحاول إفشال تشكيل حكومة لابيد- بنيت عبر تفجير الأوضاع في القدس وتصعيد العدوان على مقدساتها ومواطنيها.و دعت حركة "فتح" كوادرها والجماهير للنفير العام يوم الخميس للدفاع عن القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية.في سياق التصعيد، اعتقلت إسرائيل الناشطة البارزة منى الكرد من حي الشيخ جراح واقتادتها إلى مركز شرطة صلاح الدين وتركت طلب استدعاء باللغة العبرية لأخيها محمد.وفيما اعتصم العشرات للمطالبة بإطلاق سراح الناشطة، التي لعبت دوراً مهماً في التعريف بقضية تهجير أهالي الشيخ جراح وأخيها، اعتدت الشرطة على مراسلة شبكة الجزيرة جيفارا البديري واعتقلتها لساعات أثناء تغطيتها لاحتجاج في الشيخ جراح قبل أن تطلق سراحها ومنعها من دخول الحي لمدة 15 يوماً.