قال خبير البترول والاستكشاف والإنتاج في منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) م. تركي حمش: «خلال السنوات الماضية تعرضت أسعار النفط لتذبذبات متكررة، إذ وصلت إلى نحو 147 دولارا للبرميل في 2008، ثم انخفضت إلى 34 دولارا، تحت ضغط كبير من التداعيات السلبية للأزمة المالية العالمية، وفي 2010 شهدت الأسعار بوادر انحسار من الأزمة المالية العالمية، وفي 2014 تهاوت منتصف العام حتى بلغت نحو 44 دولارا للبرميل في 2016، وشهدت أسعار النفط انعكاسات سلبية نتيجة انتشار جائحة كورونا في 2020، لكنها تحسنت بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة».وذكر حمش، خلال حلقة نقاشية افتراضية نظمتها إدارة العلاقات العامة في وزارة النفط، أمس، حول تأثير تراجع أسعار النفط بسبب جائحة (كوفيد- 19) على مجالي الاستكشاف والإنتاج في الصناعة البترولية، أن «ميزانيات الشركات وعمليات الاستكشاف خلال «كورونا» تراجعت في 2020 بنحو 30 في المئة عن استثمارات 2019، وقاربت استثمارات الاستكشاف والإنتاج 382 مليار دولار في العام الماضي، متوقعاً أن يتعافى الإنفاق لمستوى ما قبل الجائحة بنحو 530 مليار دولار، إذ ارتفع سعر النفط إلى نحو 65 دولارا للبرميل، وهو ما تشهده الأسواق حالياً، إذا تم تداول النفط عند أكثر من 70 دولارا خلال الأيام الماضية».
أما عن تأثير «كورونا» على عمليات الحفر فأشار الى تراجع عدد الآبار المحفورة عالميا من 74.5 ألف بئر في 2019 إلى 55.3 ألفا في 2020، بمعدل تراجع بلغ 26 في المئة، وانخفض عدد الحفارات في دول «أوابك» في 2020 بنحو 47 في المئة خلال الفترة ما بين يناير (412 حفارة) وديسمبر 2020 بنحو 217 حفارة، وبالنسبة لحالة دولة الكويت فإنها لم تشهد إلا خروج حفارة واحدة فقط خلال العام الماضي.وعن تأثيرات أزمة «كورونا»، وانخفاض أسعار النفط على زيت السجيل (الزيت الصخري) في الولايات المتحدة الأميركية، قال إن «إنتاج النفط الأميركي تراجع إجمالاً بما يزيد على مليون برميل يومياً منها 330 ألف برميل من الزيت الصخري، ليصل إلى 7 ملايين برميل يومياً، وارتفعت حالات إعلان إفلاس الشركات في الزيت الصخري، إذ بلغت نحو 32 حالة تقدمت لإشهار الإفلاس، إذ بلغ إجمالي ديونها 40 مليار دولار، وتقدمت 25 شركة خدمات بترولية بطلب لإشهار إفلاسها».وبيّن أن إجراءات الإغلاق أدت الى انخفاض الطلب الأسبوعي على الكهرباء بنسبة 10-35 في المئة عبر المناطق المتأثرة في أوروبا، وهذا سمح بزيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة من الطلب، ونتيجة لانخفاض الطلب على الكهرباء والسعات الإضافية التي تمت اضافتها الى الشبكة في الربع الأول من العام الماضي ارتفعت حصص التغذية من مصادر الطاقة المتجددة في العديد من مناطق العالم، وبمعنى آخر استفادت الطاقة المتجددة من انخفاض الطلب على الكهرباء، لتحتل حيزاً أكبر من الشبكة، لكونها نتيجة الدعم الحكومي تمتلك أولوية النقل على الشبكة.واستعرض حمش عدداً من الاستنتاجات تركزت في انه يمكن لتراجع أسعار النفط أن يحد من خطط عمليات الاستكشاف الجديدة، حيث تميل الشركات إلى خفض ميزانياتها في هذا المجال، والتركيز على المناطق ذات الأمل المرتفع، في محاولة للحد من الخسائر المحتملة، كما أن انخفاض الإنتاج في العام الماضي لا يعني أن إنتاج النفط في العالم قد وصل إلى ذروته، فأغلبية كميات النفط التي خرجت من السوق موجودة على شكل طاقات إنتاج يمكن ضخها مجدداً عند تحسن الأسواق، وهو أمر تلوح بشائره في الأفق القريب، وهذا يدحض ما يشاع عن أن العالم قد وصل لذروة إنتاج النفط في 2020.وقال إن استخدام النفط والغاز لا يقتصر على سوق النقل البري (السيارات) فقط، فالنقل الجوي لم يجد بعد أي بديل عن المشتقات النفطية، ولا يتوقع أن يوجد ذلك البديل في قريبا، وقد ينمو الطلب على الطاقة حتى عام 2040 بمعدل يتراوح بين 25-28 في المئة من قيم الطلب في 2019، كما أن التغيرات التي عصفت بأسواق النفط في 2020 ربما يكون لها دور في إيجاد بيئة تنافسية تحفز الدول ذات الاقتصادات البترولية على تنويع مصادر الدخل لمواجهة تذبذب الأسعار.
تعزيز التواصل
من جانبها، قالت مديرة العلاقات العامة في وزارة النفط، الشيخة تماضر الصباح، في مداخلة لها، إن الوزارة حريصة على تنظيم العديد من الندوات والحلقات النقاشية النفطية، بهدف تعزيز التواصل بين أصحاب الاختصاص وموظفي الوزارة والإعلاميين، مشيرة إلى أن سلسلة الندوات الافتراضية، التي دأبت الوزارة على تنظيمها خلال الفترة الماضية، أسست منصة للتواصل المباشر، والاطلاع على آخر الأحداث النفطية المحلية والإقليمية والعالمية. وذكرت الشيخة تماضر أن «النفط» حريصة على تنفيذ خطتها الإعلامية التي وضعتها، والتي تشمل عقد ندوات افتراضية تثقيفية حول الصناعة النفطية وغيرها من الندوات الاجتماعية والصحية والتنموية المختلفة، بمشاركة المسؤولين والخبراء في قطاع النفط والغاز، بهدف نشر الثقافة والتوعية داخل البلاد ودعم العمل البحثي.