تحالف غير متوقع لإسقاط نتنياهو

تفيد التقارير بأن عضو الكنيست، يائير لابيد، رئيس حزب "يش عتيد" الوسطي، أطلق موقفاً غير متوقع في 1 يونيو، فللمرة الأولى منذ 12 سنة، سيُبلِغ مسؤول عادي لا يحمل اسم بنيامين نتنياهو الرئيس الإسرائيلي بأنه جمع الأصوات اللازمة لتشكيل الحكومة الإٍسرائيلية المقبلة، حيث يتعلق عامل غريب وغير متوقع آخر بعدم استلام لابيد شخصياً رئاسة الحكومة التي ينوي تأليفها بل تسليم هذه المهمة إلى زعيم حزب مختلف، وتحديداً رئيس حزب "يمينا" نفتالي بينيت.

سمحت نتائج انتخابات مارس 2020 لنتنياهو بتشكيل حكومة أخيراً ولو بالشراكة مع بيني غانتز، لكنه سارع إلى إضعاف هذا الاتفاق وخطط لإجراء انتخابات رابعة على أمل أن يتخلص من التزامه تجاه غانتز ويحصل أخيراً على أغلبية مؤلفة من 61 مقعداً في الكنيست للتمكن من حُكم البلد وحده. كان هذا السيناريو سيمنحه حكومة يمينية متطرفة ويُسهّل عليه التخلص من تُهَم الفساد الموجهة ضده أو تعليق المحاكمة على الأقل.

لكن هذا السيناريو لم يتحقق، بل حصل العكس تماماً لأن لاعباً جديداً ومراوغاً وحازماً كان ينتظر تغيّر الظروف لفرض نفسه على الساحة، فكان جدعون ساعر وزيراً في حكومة نتنياهو في عام 1999 ووقف إلى جانبه في مراحل سياسية مفصلية على مر السنين، لكنه انسحب من معترك السياسة بعدما أهانه نتنياهو وهمّشه مراراً خوفاً من شعبيته الواسعة، وحين عاد إلى الواجهة في 2019، رفض نتنياهو إشراكه في حكومته مع أنه وعده بذلك. نتيجةً لذلك، سئم ساعر من الوضع واستقال من حزب "الليكود" وأسّس حزب "الأمل الجديد" وانضم إليه سياسي مخضرم آخر، وهو الوزير السابق زئيف إلكين الذي كان بدوره ضحية أوساط نتنياهو.

حصد حزب ساعر الجديد ستة مقاعد فقط في انتخابات مارس 2021، لكن اشتق مقعدين أو ثلاثة مقاعد منها من ناخبي حزب "الليكود" المصابين بخيبة أمل كبرى، فحرموا نتنياهو بذلك من حبل النجاة الذي يحتاج إليه وأضافوا مسماراً آخر في نعشه السياسي. إنها ضربة قاسية لرجل يعتبر نفسه خالداً وكليّ القدرة، وحتى حملة التلقيح اللامعة التي نظّمها ضد فيروس كورونا لم تمنحه الانتصار الذي يريده في انتخابات مارس 2021، وهي رابع انتخابات خلال سنتين.

في غضون ذلك، كسر نتنياهو جميع السوابق التاريخية ووافق على عقد شراكة سياسية مع حزب "راعم" العربي الإسلامي، وهو ليس حزباً عادياً بل يقوده محمود عباس، وزرع نتنياهو بذور الوضع الشائك راهناً ومن الواضح أن بينيت ولابيد سيحصدان ثماره، ومن المتوقع أن يدعم حزب "راعم" الآن حكومة التغيير الجديدة ويمنحها الأغلبية المطلوبة.

كذلك، كان نتنياهو مسؤولاً عن التحول السياسي المعروف باسم "حكومة التكافؤ" حيث تتقاسم الأحزاب المتناحرة نفوذاً متساوياً، فقد بدأ خصومه الآن يستفيدون من السابقة التي فرضها مع غانتز لتقاسم السلطة بأنفسهم، إذ تتعدد العوامل التي أساءت إلى نتنياهو وباتت تُهدد بإسقاطه من منصبه، منها خيانته المشينة لغانتز (وهو سياسي حتى خصومه يعجزون عن كرهه)، وسلسلة لامتناهية من التقلبات والأكاذيب، ومجموعة من التصرفات غير المنطقية، لا سيما من جانب عائلته، فضلاً عن شهادة مطوّلة أدلى بها شاهد أساسي في محاكمته وكانت كفيلة بالإساءة إليه.

لا يزال الوقت مبكراً على الأرجح كي يحتفل خصوم نتنياهو، إذ صرّح أحدهم لموقع "المونيتور" شرط عدم الإفصاح عن هويته: "ما زلنا نتوقع حصول اضطرابات كثيرة، ولا يملك نتنياهو أي ضوابط وتوازنات أو موانع لردعه، لذا لن يتردد في إشعال القدس للحفاظ على سلطته". في الوقت نفسه، توسّعت التدابير الأمنية في محيط بينيت ولابيد وأيليت شاكيد وسياسيين آخرين، فضلاً عن صحافيين ينتقدون نتنياهو، غداة تلقيهم تهديدات بالقتل، كما ستشهد إسرائيل ونظامها السياسي أياماً متوترة ولا أحد يستطيع أن يضمن استرجاع الهدوء في المرحلة المقبلة.

● بن كاسبيت - المونيتور