من المقرّر أن يسعى الرئيس الأميركي جو بايدن الذي سيتوجّه قريباً إلى أوروبا في أول جولة خارجية له منذ تولّيه المنصب في يناير الماضي، إلى إعادة الدفء للعلاقات الأميركية - الأوروبية التي عانت صعوبات شديدة خلال سنوات حكم سلفه دونالد ترامب.

وخلال هذه الجولة التي ستبدأ بعد غد، سيزور بايدن بريطانيا وبلجيكا وسويسرا لحضور قمة مجموعة الدول الصناعية السبع G7 الكبرى، ثم قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) والقمة الأميركية - الأوروبية، إلى جانب قمة ثنائية بريطانية - أميركية، ليختمها بقمة تجمعه بنظيره الروسي فلاديمير بوتين في 16 الجاري بجنيف.

Ad

ويقول الأدميرال الأميركي المتقاعد والخبير الاستراتيجي جيمس ستافريدس، إن بايدن يرغب في الحديث مع حلفائه الأوروبيين عن فيروس كورونا، والتغيّر المناخي، والطموحات النووية لإيران، وانسحاب قوات "ناتو" من أفغانستان، لكن على رأس هذه القضايا، ستأتي قضية كيف يمكن للولايات المتحدة وأوروبا العمل معا لمواجهة "الخطر الصيني".

ومع استمرار توسّع مشروعات مبادرة "الحزام والطريق" الصينية على مستوى العالم، واستمرار تنامي القدرات الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية للصين، ستحتاج الولايات المتحدة إلى شبكة قوية جداً من الحلفاء والشركاء والأصدقاء للمساعدة في توفير التوازن مع صعود بكين.

فمن الواضح أن الصين تعمل على إعادة تشكيل النظام العالمي بطرق قد تلحق الضرر بالولايات المتحدة وأوروبا، وتُعزّز دور الدول المستبدة، وتحدّ من تأثير الديموقراطيات على المسرح العالمي، حسب ستافريدس.

والحقيقة، أن أوروبا هي الوحيدة التي تملك الكتلة السكانية والموقع الجغرافي والقيم، وقبل كل ذلك، القدرة الاقتصادية التي تحتاجها الولايات المتحدة لتحقيق الثقل المطلوب في ظل عودة أجواء الحرب الباردة. ومن المهم الإشارة إلى أن الصين تجتذب روسيا وإيران إلى جانبها لبناء شبكة حلفاء لها.

إذا، ما الرسالة التي يجب أن يقدّمها بايدن إلى حلفائه الأوروبيين بشأن مواجهة الصين وكيفية التعامل معها؟

يقول ستافريدس، إنه يجب البدء بقيادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، مضيفا أنه أثناء عمله كقائد عسكري لحلف ناتو لسنوات، عمل بشكل وثيق مع أورسولا فون ديرلين، رئيسة المفوضية الأوروبية حاليا، والتي كانت وزيرة لدفاع ألمانيا في تلك السنوات.

وأضاف أنها تتمتع بنظرة جيواستراتيجية للأمور، كما أنها تحدثت منذ 5 سنوات عمّا تمثّله الصين والهجمات السيبرانية (الإلكترونية) من تحديات بالنسبة للدول الغربية، وضرورة تحديث قدرات "ناتو" لمواجهة هذه المخاطر. لذلك من المهم أن يطور بايدن علاقة شخصية مباشرة مع فون ديرلين ومع الأمين العام لحلف ناتو ينس ستولتنبرغ رئيس وزراء النرويج سابقا.

ومن الناحية العملية، فإن جذب الأوروبيين نحو الولايات المتحدة عند التعامل مع الصين، يحتاج إلى تصوّر عسكري ودبلوماسي واقتصادي أيضا.

ومن ناحية البعدين العسكري والدبلوماسي، فإنّ ملف ادعاء الصين سيادتها على بحر الصين الجنوبي هو أفضل ملف يمكن فيه التعاون الدبلوماسي والعسكري الأميركي - الأوروبي لمواجهة الصين.

أما على الصعيد الاقتصادي، فالعنصر الأساسي للتحالف الأميركي - الأوروبي، يرتبط بمدى قدرة كل منهما على تنسيق مواقفهما بشأن التجارة والتكنولوجيا في مواجهة الدولة الشيوعية.

وأخيرا، يقول ستافريدس إن الولايات المتحدة تتفوّق على الصين من خلال تنوع وقدرات حلفائها وشركائها وأصدقائها على مستوى العالم، لكنّ أوروبا هي الشريك الوحيد الذي ستجد أميركا معه القيم المشتركة والقدرات الاقتصادية والعسكرية والتكنولوجيا المطلوبة لمواجهة التهديد الصيني.

وعشية قمّته المرتقبة مع الرئيس الأميركي، وقّع بوتين أمس، قانوناً يضفي الطابع الرسمي على انسحاب روسيا من معاهدة الأجواء المفتوحة الأمنية، التي تسمح للبلدان الموقّعة بالقيام برحلات استطلاعية غير مسلحة فوق أراضي الأطراف الأخرى، وذلك بعد انسحاب واشنطن العام الماضي من هذه الاتفاقية الدفاعية الرئيسية بعد الحرب الباردة.

في غضون ذلك، بعد الهجمات السيبرانية التي طالت خط أنابيب النفط المكرر "كولونيال بايب لاين" في أميركا، والتي يُشتبه في أن يكون منفذوها قراصنة روساً، حذّرت وزيرة الطاقة الأميركية جنيفر غرانهولم من هجمات مماثلة تهدّد شبكات الكهرباء في الولايات المتحدة.

وقالت في مقابلة مع شبكة CNN، إن "أعداء الولايات المتحدة قادرون على استخدام الاختراقات السيبرانية لإغلاق شبكات الكهرباء، وأعتقد أن هناك أطرافا خبيثة للغاية تسعى لذلك". وتابعت: "حتى ونحن نتحدث الآن، هناك الآلاف من الهجمات على كل جوانب قطاع الطاقة والقطاع الخاص".

وفي بودابست، أعلنت المعارضة المجرية تحقيق انتصار على رئيس الوزراء فيكتور أوربان، قبل إجراء الانتخابات البرلمانية العام المقبل، بعدما بدا أنه تراجع عن خطة غير شعبية لبناء حرم جامعة صينية في العاصمة.

واحتشد الآلاف في العاصمة منذ السبت، للإعراب عن معارضتهم للمشروع، وذلك في أول احتجاج كبير منذ إنهاء القيود المفروضة لمكافحة تفشي "كورونا".