يعيش لبنان على المهدئات وحقن «المورفين»، ويبدو كرجل مريض دخل في موت سريري، وكل الهموم باتت تتلخص في إبقائه عاماً على قيد الحياة، ريثما تحصل متغيرات إقليمية ودولية وتجرى انتخابات نيابية قد تعيد تجديد السلطة وتطلق عملية إعادة تكوينها. يقول مصدر دبلوماسي فرنسي، لـ«الجريدة»، إن الرهان الدولي أصبح متركزاً على الانتخابات المقررة في مايو المقبل، بعد فشل اللبنانيين في الاتفاق على تشكيل حكومة.
ويضيف المصدر أنه لن يُسمح للبنان بالموت، من خلال تفاعل دولي لتقديم المساعدات الإنسانية والغذائية للبنانيين، ودعم المؤسسات الأمنية والعسكرية، ولكن لا يمكن انتظار حلول سياسية قريبة.وأحد الأدلة على هذا التفاعل هو زيارة وفد من البنك الدولي لبيروت للقاء المسؤولين اللبنانيين، وإعلان الاستمرار في تقديم المساعدات الإنسانية، التي يستفيد منها المهمشون، بهدف تفادي انفجار اجتماعي. وفي سلوك يثبت أن لا حلول علاجية متاحة، وأنه يجب استخدام المسكنات لتسكين الأزمات والحؤول دون انفجارها، توفّر السلطة حلولاً آنية وجزئية لمواجهة احتمال انقطاع الإنترنت في ظل شح المحروقات، أو لتفادي السقوط في العتمة الشاملة، بسبب نفاد الوقود لتوليد الطاقة الكهربائية، علماً أن البلاد مقبلة أيضاً على أزمة صحية وطبية، بسبب فقدان المواد واللوازم الطبية الضرورية، بالإضافة إلى موجة هجرة كبيرة للعاملين في القطاع الطبي.ويتم توفير هذه الحلول من خلال اجتراح قرارات مالية تتعلق بدفع الأموال والسلف من الاحتياطي الإلزامي، وهو ما يؤسس لمزيد من المشاكل بين المصرف المركزي والمودعين. الالتفاف على هذا الخلاف يتم من خلال اقتراح المصرف المركزي تقديم مبالغ مالية بالدولار بقيمة 800 دولار شهرياً، نصفها يتم تسليمه بالدولار الأميركي نقداً، ونصفها الآخر بالليرة اللبنانية على أساس سعر صرف الدولار، هذا الإجراء من شأنه أن يفتح الطريق أمام مرحلة رفع الدعم، ولمحاولة تلافي حصول أي انفجار اجتماعي سينتج عن تلك الخطوة. ويكشف الدبلوماسي الفرنسي أن باريس بدأت إجراءات عقابية غير معلنة بحق مسؤولين لبنانيين يتحملون مسؤولية التعطيل، رافضاً شرح تفاصيلها، لكنه أكد أنها ستظهر تباعاً. وهو يعتبر أن الانتخابات النيابية المقبلة، والتي يتم الرهان فيها على دور المجتمع المدني، يجب أن تقود إلى تغييرات سياسية، على الرغم من عدم توقع حصول تغيير كبير في موازين القوى، على أمل أن يؤسس لإعادة طرح البحث في آلية تكوين السلطة، ولو اقتضى ذلك الذهاب إلى عقد اجتماعي جديد، أو حتى تعديلات في النظام، بما أن «الأغلبية» تطالب بذلك. ويعلّق المصدر بتشاؤم على كل التحركات بشأن الأزمة الحكومية، بما في ذلك المساعي المتواصلة لرئيس مجلس النواب نبيه بري، قائلاً إن فرنسا ليست متفائلة إزاء احتمال التوصل لاتفاق. وتقول شخصية لبنانية سياسية وازنة إن القفز من أزمة إلى أخرى سيبقى مستمراً من الآن إلى الانتخابات النيابية المقبلة، وتؤكد أن اعتذار رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري عن تكليفه هو أمر غير مطروح، وقد يحصل بعد أشهر وليس الآن، كذلك الشأن بالنسبة إلى الاستقالات من المجلس النيابي؛ فهي غير مطروحة على الإطلاق، وقد تم التواصل مع كتلة «المستقبل» و«التيار الوطني الحرّ» من قبل نبيه بري وحزب الله، لعدم الإقدام على مثل هذه الخطوة. وتلخّص هذه الشخصية الواقع اللبناني بالقول: «لا تشكيل حكومة، ولا اعتذار، ولا استقالات، ولا انتخابات نيابية مبكرة». والأمر الذي قد يطرح مستقبلاً هو ما كانت «الجريدة» ذكرته الأسبوع الفائت، وهو تشكيل حكومة انتخابات لإدارة العملية الانتخابية، قبل مسافة 6 أشهر من موعد الانتخابات، أي في الخريف المقبل، بشرط ألا يكون لهذه الحكومة أي مهمة مالية أو اقتصادية، بل تقنية فقط لإنجاز الاستحقاق الانتخابي.
أخبار الأولى
4 «لاءات» تضع لبنان في موت سريري
08-06-2021