استغرب رئيس الجمعية الاقتصادية الكويتية عبدالوهاب الرشيد ما جاء في بيان مجلس الوزراء عقب اجتماعه أخيراً، من أن قانون التمويل العقاري "هو استكمال لاستراتيجية معالجة القضية الإسكانية للحكومة" وتساءل عن تلك الاستراتيجية، وهل هي مستدامة أم لا؟ مؤكداً أن الفلسفة الإسكانية الحالية هي "غير مستدامة". وقال الرشيد، في ندوة الجمعية الاقتصادية الكويتية تحت عنوان " قانون التمويل العقاري وتكاليف البناء": علينا أن نفرق بين قانون الرهن العقاري المتبع في الدول الأخرى وبين قانون التمويل العقاري، "فهذا القانون لم يأتِ لمعالجة القضية الإسكانية بل لمعالجة السيولة في بنك الائتمان، فكمية الطلبات تجاوزت 90 ألف طلب إسكاني لدى البنك، وقيمة تمويل طلبات الإسكان حول 7 مليارات دينار، وهذا يعني أننا نحتاج لرفع رأسمال بنك الائتمان 5 إلى 6 أضعاف لتغطية الطلبات الحالية والمستقبلية، وهذا أمر مستحيل في ظل الوضع المالي الحالي للدولة.
وأشار إلى سوء قانون التمويل العقاري، "لأنه لا يعالج أساس مشكلة القضية الإسكانية"، موضحاً أن المشكلة لدينا هي مشكلة عرض وطلب وندرة في الأراضي، وأن القانون حمل الدولة تكلفة الفائدة، "والفائدة اذا كانت مركبة فستصل إلى مليارات على مدى سنوات طويلة، إضافة إلى تحمل الدولة البنية التحتية، وأيضاً الكهرباء والماء وأيضاً بدل الإيجار - الذي يكلف الدول ربع مليار دينار سنوياً – ونحتاج إلى 20 ملياراً لحل القضية الإسكانية لمدة 25 سنة قادمة.وأضاف أن الوضع حساس وكارثي فخلال 13 سنة الفوائض المتراكمة التي تم تحقيقها هي 41 مليار دينار، والعجوزات مع السنة الحالية والسنة القادمة ستبلغ 43 ملياراً، وهذا الذي قاد وزير المالية الأسبق ليطلق تصريحه الشهير "لا نستطيع دفع رواتب للمواطنين"، وما قاله صحيح في ظل المعطيات الحالية.وأوضح أنه عندما يكون سعر التعادل في الميزانية 90 دولاراً وسعر برميل النفط اليوم 72 دولاراً هذا يعني أننا نتكلم عن اختلالات حقيقية، لا نحبذ الاقتراض العام أو السحب من الأجيال القادمة لكن ما الوسيلة التي نمول بها عجز الميزانية، إذاً لم نكن نملك أي وسيلة لتمويل العجز فسنستنفد الاحتياطي الأجيال القادمة خلال 15 سنة على أفضل تقدير، وإذا لا نملك إمكانية تمويل الدولة، فكيف نقوم بتمويل القضية الإسكانية.وتطرق الرشيد خلال الندوة إلى تحرير الأراضي، معرباً عن الأسف من أن الكويت إحدى أغنى دول العالم، لكنها من أكثر الدول صعوبة في الحصول على سكن، مبيناً أن حل شكلة العرض والطلب تقع بالمقام الأول على الحكومة وفي المقام الثاني على السلطة التشريعية.وذكر أن الحكومة لديها أهم أصل وهو الأراضي، وأعتقد أن الخمسة جوانب (تحرير الأراضي - قانون المطور العقاري - قوانين الرهن العقاري - التمويل العقاري - هيئة الشراكة بين القطاع العام والخاص) ستحل 80 في المئة من القضية الإسكانية، وتحرير الأراضي له أثر اقتصادي كبير.من ناحيته، قال عضو مجلس الأمة سابقاً ووزير التجارة والصناعة الأسبق أحمد باقر، إن القانون المذكور لن يحل المشكلة، "فمشكلتنا أن العرض محدود والطلب هائل فقد وصل الطلب إلى اكثر من 92 ألف طلب، والعرض قليل، فالقطاع الخاص كل ما يملكه من قسائم سواء من أفراد أو شركات لا يتجاوز 10 آلاف قسيمة، فالأراضي ملك الدولة و10 في المئة من أرض الدولة مستغل و90 في المئة غير مستغل، لذلك الحل بتحرير الأراضي".وأضاف باقر أن الأراضي يجب ألا تكون محتكرة من الحكومة، فالدولة بإمكانها أن تحرر الأرض وتفيد الإسكان، موضحاً أنه في قانون رقم 47 المادة 6 كانت تنص على أن الحكومة تستطيع أن تؤسس شركات وتدخل فيها بالأرض من غير ما تدفع مثل الدول المتقدمة، مستطرداً إننا نحتاج إلى مطور عقاري يتولى تجهيز البنى التحتية وبناء المنازل وبيعها على المواطنين ويظل دور الحكومة هو الرقابة فقط.من ناحيته، قال رئيس الجماعة التنموية والناطق الرسمي باسم لجنة أهالي المطلاع المهندس خالد العتيبي، إن الطابور الإسكاني بلغ أكثر من 94 ألف أسرة كويتية دون المخصصين، وصادفت هؤلاء الأسر أزمة أخيراً هي "شح السيولة" في بنك الائتمان الذي كان يتبع للمؤسسة العامة للرعاية السكنية، بعد أن قام البعض بأخذ قروض من بنك الائتمان للبدء في البناء، وقد أعلن البنك شح السيولة بالتالي هم يحتاجون إلى تمويل آخر، ويبدو أن الحكومة اتخذت قرارها بحل الأزمة عن طريق الرهن العقاري، مع ذلك لم يخرج أي مسؤول في الحكومة ليتحدث عن هذا القانون المسرب.وأضاف العتيبي أن الكثير من المواد الموجودة في القانون تثير تخوف بعض الأسر, فالمادة السابعة على سبيل المثال: إذا قام البنك بتمويل عقاري لرب أسرة وبناء منزله وبمجرد أن يتخلف رب الأسرة عن سداد هذه الأقساط سيتم أخذه وبيعه واستدخاله للبنك التجاري، ولا توجد حماية بهذا الشأن، متسائلاً لمَ تنتظر الحكومة أن يتم سحب هذا المنزل ورمي الأسرة الكويتية في الشارع لكي توفر منزلاً بديلاً؟ لم يتم تحديد المدة.وتابع: اليوم نشاهد الجميع يتحدثون عن الشفافية والوضوح، ويجب أن يعرف المواطنون أن ينظموا أنفسهم وفق رؤية واضحة للحكومة، فالمشكلة أن الحكومة ستدفع فوائد الألف الأولى وسيتولى البنك التجاري تمويل المواطنين بهذا القرض، وإذا كانت الحكومة ستدفع هذه الفوائد فمن الأولى أن تأخذ هذا القرض وتمنحه للمواطنين، لماذا تريد أن تجعل الأسرة الكويتية تحت رحمة البنك التجاري.
اقتصاد
ندوة الجمعية الاقتصادية: الفلسفة الإسكانية الحالية غير مستدامة و«التمويل العقاري» لا يعالج أساس المشكلة
09-06-2021