صدرت رواية "زنقة الطليان"، التي تحمل توقيع بومدين بلكبير في طبعتين، إحداهما مغاربية عن "منشورات الاختلاف" في الجزائر، وأخرى عربية عن "منشورات ضفاف" في بيروت، ويحيل عنوان الرواية إلى أحد أشهر وأعتق أحياء مدينة عنابة، وبالضبط "زنقة الطليان" بالمدينة العتيقة بعنابة والمعروفة بشارع جوزيفين، كما أن هناك مَن يعرفه باسم زنقة الحواتة.وتحاول "زنقة الطليان" الغوص في أعماق المهمّشين، فتتيح لهم مساحة واسعة للبوح والإفصاح عن مكنوناتهم، والتعبير بصوتهم المخنوق. وتسبر أغوار مدينة عنّابة، وتنتصر لتاريخها وجمالها، وتفضح تناقضاتها، وغطرسة القائمين الجدد على مصيرها.
هكذا ستتحوّل "زنقة الطليان" إلى مسرح يضجّ بالحياة، بصخبها وعنفها وضجيجها، يركن فيها المهمّشون إلى أقدارهم، ويرتفع فيها صوت المفسدين كأسياد جدد للمدينة.وتحكي الرواية الجديدة عن لعنة السعادة المؤجلة لامرأة مذعورة من هشاشة الحياة، ودّت أن تكون كل شيء رغم كل شيء، ولرجال شركاء في المرح والملل والثورة، يبحثون عن ألق الحياة والحرية في زنقة أفقها ضيق وعسسها كثير.بين المرح والجنون مساحة صغيرة تثير الذعر، عامرة بالقلق والمفاجآت المدمرة للمصائر. زنقة الطليان سيرة متغيّرة يقدّمها الرواة حفنة حفنة متبرئين من الأخطاء والخطايا، وحده القط مينوش لم يقُل شيئاً، رغم أنه يعرف الكثير عن أصحاب تلك الخطوات المرهقة، عن آخر الليل وعن ظلمة السلالم والأسطح العفنة.وببراعته المعهودة في السرد، نجح بلكبير في إظهار العديد من المفارقات والتناقضات القابعة في النفوس، عبر هذه الرواية، من خلال وصف عميق ودقيق لدواخل الشخصيات ومشاعرها، وحالات الخوف والذعر من الهواجس التي تنتابها، ووصف آسر للشوارع والبيوت والأمكنة والطرقات وفق منحى بصري لا يترك شيئاً إلا ويجد له حيِّزاً.وتتوسع مجريات أحداث الرواية بالتدريج، لتصبح أكثر تعقيداً وقوة مع كل صفحة جديدة من صفحاتها.من جانبه، يقول بلكبير عن رواية "زنقة الطليان": "اشتغلت على هذه الرواية ثلاث سنوات كاملة، ظللت طوال فترة طويلة أتردد على أزقة وأحياء وشوارع ومقاهي ومطاعم المدينة العتيقة (لابلاص دارم)، مختلطاً بالناس، عاداتهم وقصصهم وحكاياتهم.. وكل زنقة ولها حكايتها". ومن يقرأ الفصول الأولى من الرواية سيجد أن الروائي يحلّق بإبداعه في نصّ مختلف تماماً عن أعماله الروائية السابقة، إذ نزل إلى ما تعيشه أغلب النساء الجزائريات على وجه الخصوص والعربيات عموماً، من مشكلات وقضايا مثل العمل والسكن والتحرّش والاغتصاب والطلاق، وأزمة العمر والمال والجنس، من منطلق أنّ ما تعيشه المرأة اليوم هو صراع بالأساس؛ فهي تصارع كل شيء طوال الوقت.لكن أحياناً قد تشعر المرأة أن هذه الحياة عبارة عن غرفة ذات أربعة جدران، بينما لا يُسمَح لها بالاستناد إلى أي جدار. فقط تقف في الوسط وتكافح لتبقى واقفة، في حين ترى الكثيرات مستندات. وأي امرأة ستقرأ الرواية ستظل حتماً تفكر طوال الوقت في "دلال سعيدي" بطلة الرواية.
توابل - ثقافات
«زنقة الطَّليان»... تغوص في عالَم المهمّشين
09-06-2021