مكافأة الصفوف الأمامية... لا تلوث يدك بما ليس لك
بعيداً عن تأخر صرف مكافأة الصفوف الأمامية والعبث الذي وقع في طريقة اختيار وتحديد بعض المستحقين لها، نصيحة لكل من أدرج اسمه من الموظفين في هذه الكشوف، وهو لم يكن من العاملين فعلياً في هذه الأزمة أن يبتعد عن المال الحرام، ولا يلطخ دينه وذمته لأجل حفنة دنانير، فالمال الحرام قلَّ أوْ كثُر لا بركة فيه.
قصة مكافأة الصفوف الأمامية أصبحت واقعة تستحق الدراسة فعلاً، جائحة كورونا كانت فرصة ذهبية لإحياء روح المواطنة الحقيقية وبث الحياة في الأخلاق الاجتماعية وتعظيم العطاء الإنساني وإعادة بناء صف المجتمع لخدمة مشروع الدولة الحقيقي القائم على العمل والإخلاص والتفاني، لكن التعامل الحكومي مع مكافأة الصفوف الأمامية حول هذه الفرصة الثمينة إلى حفرة امتلأت بالتكسب والأنانية والحسد وإنكار الجهود.214 ألف موظف بين مواطن ومقيم تابعين لـ64 جهة حكومية بعضها لا علاقة لا من قريب ولا من بعيد بمكافحة «كورونا» قدر لهم ميزانية تبلغ 600 مليون دينار، لتحمل الدولة عبئاً مالياً وتحرق بواعث العمل الصادق لخدمة الناس والوطن، وتساوي من عمل بجد واستحقاق بالمتحايل للحصول على بضعة دنانير.نفهم أن يتم تكريم العاملين في مجال الرعاية الصحية ومن تولى الإجراءات الأمنية خصوصاً أثناء الحظر الكلي ومن أشرف على المحاجر ورحلات إعادة آلاف المواطنين من الخارج، فهذه المجاميع كانت في خط المواجهة مع الوباء وتبعاته وبذلوا جهوداً مضاعفة ومشهودة، لكن ما جرى أن تم خلط الحابل بالنابل، وضم كل من مارس واجباته الوظيفية التي يؤجر عليها بالراتب رغم تخفيف أيام وساعات العمل، وهذا ما أفقد التكريم قيمته.
المشكلة أيضاً ليست في التوسع في ضم الجهات المشمولة بالمكافأة، فالقرار الحكومي صنف العاملين في الأزمة إلى شرائح كمحاولة للإنصاف وتخفيف العبء المالي، إلا أن المصيبة في شبهات التلاعب بالكشوف وإدراج الأسماء حتى لمن لم يقدم أي عمل أو مهمة أثناء الفترة المقررة للمكافأة. كتب د. بسام الشطي (أستاذ بكلية الشريعة بجامعة الكويت) رسالة مؤثرة في "تويتر" عن موظف حكومي سأله قائلاً: "شيخ اتصل مسؤولي وقال لي: وضعنا اسمك ضمن الصفوف الأمامية، وأنا لم أعمل معهم ولا ساعة واحدة، فماذا أفعل؟ قال له الشيخ: ارفض واعتذر. قال: أستحي منه؛ فهل لما أستلمها أوزعها على بعض أقربائي من المحتاجين؟ قال الشيخ: لا بل ترجعها إلى المحاسبة في وزارتك وقل جاءتني بالغلط".بعيداً عن تأخر صرف مكافأة الصفوف الأمامية والعبث الذي وقع في طريقة اختيار وتحديد بعض المستحقين لها، نصيحة لكل من أدرج اسمه من الموظفين في هذه الكشوف، وهو لم يكن من العاملين فعلياً في هذه الأزمة أن يبتعد عن المال الحرام، ولا يلطخ دينه وذمته لأجل حفنة دنانير، فالمال الحرام قلَّ أوْ كثُر لا بركة فيه، والله الموفق.