بقايا خيال: كلمة برلمان تعني «قرقة»
"قرقة" بالكويتي تعني الثرثرة المزعجة، غير المفيدة في الغالب، والبعض يعتقد أن أصلها هندي، معتمداً على ما يقوله لك وافد هندي "بابا... إنت واجد قرقر"، أي "يا رجل أنت تهذر كثيراً بما لا يفيد"، كما أن معاجم اللغة تؤكد أن كلمة "قرق" عربية، وتعني الهذي بغير المعقول، كما تعني التعبير عن صراخ الدجاجة، فـ"قرقت الدجاجة" تعني أن الدجاجة صاحت وهي تحضن فراخها أو بيضها عندما يقترب منها عدو، و"قرق به" أي "خدعه"، أما "القرقة" باللغة الفرنسية فهي غير، فعندما تقول (je parle) تعني "أنا أتكلم"، فمثلاً تقول (je parle français)، أي "أنا أتكلم الفرنسية"، بمعنى أنا "أقرق" بالفرنسية، فكلمة (parler) باللغة الفرنسية تعني الكلام أو "القرقة"، ومنها اشتقت كلمة "البرلمان" وبالفرنسية (Parlement Le)، ولهذا فـ"البرلمان" أو "مجلس الشعب" أو "مجلس الأمة" أو "مجلس الشيوخ" كلها "في الهوا سوا"، وتعني "القرقة"، وإن اختلفت فائدتها من برلمان إلى آخر. وفي الكويت، وبسبب كثرة القرقة التي تركزت على استجوابات فارغة، أفرغ الدستور من محتواه، وأفرغ النواب من قواهم السياسية، فكل شيء اليوم بيد السلطة، وأقصد المال والقرار، ورغم ذلك يواصل النواب قرقتهم السياسية بنفوذ خيالي أمام ناخبيهم فقط لا أمام السلطة، ولم تتوقف "قرقة" النواب تحت تلك القبة فقط، بل فتحوا لها قنوات تعبير لا تتوافر لأي برلمان في الدول المتقدمة و"النايمة" والدكتاتورية، مثل إصدار جريدة يومية وتأسيس قناة تلفزيونية، على حساب المال العام، يعبر فيهما نواب عما يفور في عقلية بعضهم من مشاعر "الأنا العليا" و"الشوفينية" أو (Chauvinism) التي تعكس سلوكاً أو تعصباً أعمى ضد شخص أو مبدأ أو فكر أو حزب، وكأني بمخترع الشوفينية عربي، لأنه يقول: "شوفوني" أنا وبس، لأنه فسر خطأً المادة 110 من الدستور والتي تنص على أن "عضو مجلس الأمة حر فيما يبديه من الآراء والأفكار بالمجلس أو لجانه، ولا تجوز مؤاخذته عن ذلك بحال من الأحوال"، وكأن هذه المادة تؤكد أن كثرة "القرقة" في قاعة عبدالله السالم، أو داخل اللجان البرلمانية غير مجدية، إذ إن أغلبها للاستهلاك المحلي أو ما يمكن أن نطلق عليه (Window Dressing)، أو كأن بعض "القرقة" "للشحاطة" أمام الناخبين، بوجود الكاميرات التلفزيونية لنقل الجلسات مباشرة، والبوديوم وسيلة التصريحات النارية للنواب، فيظنون أن تلك المادة تعني ألا يؤاخذ النائب على ما يقول.