نقطة: عنكم ما تصالحتوا
مَن يتباكى على تعطيل حال البلد لعدم حضور الحكومة الجلسات بسبب احتلال كراسيها، كما تدّعي، يحسّسك أن البلد كانت قبل ذلك بمصاف غوانزو أو ديترويت أو تولووز، وجيوش الموظفين والشغّيلة الجرارة بانتظار القرارات الحاسمة للعودة إلى العمل والإنتاج في مناجمهم وحقولهم ومصانعهم لزياة الإنتاجية وإكمال المسيرة الطويلة لرفع اسم الكويت عالياً والإسهام في رفعة شأنها وإلى آخره، من بقية الكلام الإنشائي المعلوم لديكم بالضرورة.الذي يستقي الأخبار عن الحالة السياسية الكويتية من القنوات والإذاعات والصحف الأجنبية، ولا يعرف تفاصيل الأرض والناس والنواب والحكومة، يظن أننا افتقدنا العمل الجاد والحوارات الذكية والاقتراحات الحكيمة لمواجهة الأزمة المالية على تخومنا، والتعامل مع التغيرات العميقة الجارية في العالم من حولنا، ولا يدري أن نصف حواراتنا تهويل وتخوين وتشبيه متبادل بالحيوانات مدحاً أو قدحاً من قبل هواة الإصلاح الشفوي والفساد التحريري، وحروب شيوخ بالوكالة، وإسلامويين يحلمون بإرجاعنا لأزهى عصور الظلام الدامس، وأن حوارات مسرحية "حامي الديار" في فصل "مجلس الأمة" قبل ثلث قرن تقريباً أفضل مما قيل في كل جلسات مجلس الأمة آخر ١٠ سنوات على الأقل.لمصلحتكم، خلّوهم على حالهم، ولا تغذّوا عُقدهم النفسية بالرغبة في الشعور بالأهمية الزائفة، فهم لا يتصالحون إلا على الإضرار بنا وبمقدّراتنا، فمن يتبادلون الاتهامات ليل نهار هم ذاتهم من اتفقوا على صرف الـ ٤٠٠ مليون دينار للبنوك و٦٠٠ مثلها للصفوف الأمامية دون أدني تدقيق وتمحيص أو شعور بالذنب أو المسؤولية، وهم أنفسهم من يخلّصون معاملاتهم عند الوزراء ذاتهم الذين يشتكون بدورهم منهم، وإذا تفرغوا ولم يجدوا شيئاً ليفعلوه جاملوا بعضهم على حسابنا بقضم ما تبقّى لنا من الحريات هنا وهناك، لهذا أكاد أجزم أنه لولا "كورونا" ملعونة الوالدين والجَدّين، التي أغلقت المطارات والأسواق والأنشطة الرياضية والفنية التي كانت تلهي الناس عن الأسود والنمور في مجلس الأمة، لما تأزّم المشهد هكذا، وعليكم أن تستذكروا دائماً أن البلد كانت ماشية طوال شهور الغزو الغاشم بلا مجلس ولا حكومة ولا هم يحزنون.