رياح وأوتاد: مقالي الأخير وبيان جمعية الإصلاح
لا يجوز لأحد التشكيك في نية أو مقصد جمعية الإصلاح، أو غيرهم من الذين يعارضون أسلوب الإخوة نواب المعارضة، بل بالعكس يجب الترحيب بالرأي المعارض في كل الأمور الاجتهادية نظراً لما تؤدي إليه مناقشة الآراء المتعارضة من تمحيص لكل الآراء واختيار الصائب والمفيد منها.
للأسف نقلت إحدى القنوات الإخبارية الاقتراح الذي ذكرته في مقالي الأسبوع الماضي مبتوراً مما أدى إلى سوء الفهم عند بعض المتابعين، ولكن رغم ذلك فقد حظي الاقتراح بتأييد كبير ممن قرأ المقال بالتفصيل الوارد فيه بحمد الله تعالى.والاقتراح ببساطة يدعو إلى تأجيل الاستجوابات التي قُدمت لرئيس مجلس الوزراء لمدة يُتفق عليها سته أشهر أو سنة على أن تسحب الحكومة ويلغي المجلس قرار تحصين الرئيس، لأن تلك الاستجوابات وكذلك قرار التحصين تحوم عليها شبهات ومخالفات دستورية، كما أنها سببت الاحتقان الحاصل حالياً وأدت إلى إيقاف جلسات المجلس.وخلال هذه المدة القصيرة يجب أن ينهمك الفريقان في معالجة المشكلات الخطيرة التي ذكرتها في المقال ومقالات سابقة، وهي مكافحة الفساد مهما كانت أشخاصه وأساليبه بواسطة لجان التحقيق المناسبة التي تؤدي الى اكتشاف الفاسدين بالأدلة وتقديمهم للقضاء، وكذلك مشكلة الوضع الاقتصادي التي تهدد مستقبل ومعيشة ورفاهية الأبناء، وأيضاً مشكلة التخلف الخطير للتعليم وضرورة ربط مخرجاته بسوق العمل والتفاوت الهائل في الرواتب في الحكومة وغير ذلك من الضروريات.
وبعد هذه المدة يتم تقديم الاستجوابات بناء على الموضوعات والوقائع التي قام بها الوزراء، كما نصت على ذلك المادة (134) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، ولا يجوز تقديم الاستجوابات للوزراء على تصويتهم على التشريعات والقرارات في المجلس لأن هذا من حقهم حسب الدستور، ويجب أن يتم تبني هذا الاقتراح بالتفاهم والقناعة ودون إلزام لكيلا يتم الوقوع في مغبة مخالفة الدستور.وهذا الاقتراح ليس بدعة جديدة، فكثيراً ما كان يتم تأجيل الاستجوابات في المجالس السابقة بسبب ظروف أو أحداث معينة، أو من أجل اختيار التوقيت الملائم رغم عدم وجود شك في دستوريتها، فما بالك باستجوابات وقرارات تعاني شبهات دستورية مؤكدة، وكم كنت أود أن يبحث الأعضاء نواباً وحكومة مدى دستورية أي استجواب أو إجراء قبل تقديمة كما فعل المجلس من قبل بتشكيل لجنة من خمسة من الأساتذة الدستوريين أو للتحويل إلى المحكمة الدستورية، إذ لا يمكن القبول بأي مخالفة للدستور مهما كان مصدرها لأنها تؤدي إلى فساد تشريعي.وبعد يومين من نشر مقالي صدر، بحمد الله، بيان من جمعية الإصلاح أكدت فيه انسداد أفق التفاهم بين السلطتين وما صاحبه من تصعيد وأجواء مشحونة تناقض أعراف أهل الكويت، ودعت فيه إلى الابتعاد عن كل ما يزيد الفرقة والتوقف عما يعكر صفو العلاقة بين السلطتين والتأجيج والتحريض. ولا يجوز لأحد التشكيك في نية أو مقصد جمعية الإصلاح، جزاهم الله خيراً، أو غيرهم من الذين يعارضون أسلوب الإخوة نواب المعارضة، بل بالعكس فإنه يجب الترحيب بالرأي المعارض في كل الأمور الاجتهادية نظراً لما تؤدي إليه مناقشة الآراء المتعارضة من تمحيص لكل الآراء واختيار الصائب والمفيد منها، ومثلما قال المتنبي:ونديمُهم وبهم عرفنا فَضلهُ وبِضدها تتبين الأشيــــاءُأعلم أن بعض الأعضاء والمهتمين يعارضون الخطوات التصعيدية الأخيرة ولكنهم لا يجرؤون على إعلان رأيهم نظراً لكثرة الهجوم العارم والطعن في النيات الذي قد يتعرضون له في وسائل التواصل خصوصاً المأجورة منها، لذلك أرى أن نشجع الجميع على الصدع برأيهم مع رفض الإساءة والإرهاب لمختلف الآراء، ولنتعظ بما حل ببلاد عربية وأجنبية ساد فيها الرأي الواحد بشعبية عارمة لكنه أدى في النهاية إلى كارثة وندامة.