في خطوة يرجّح أن تزيد من نسبة العزوف عن المشاركة في الإدلاء بالأصوات خلال الانتخابات المقرر إجراؤها الجمعة المقبلة، كثّفت أذرع المرشد الأعلى علي خامنئي تحركاتها الرامية إلى إخلاء طريق رئيس السلطة القضائية، الأصولي المتشدد إبراهيم رئيسي، من أي عقبات للفوز في السباق الذي يتوقّع أن يشهد أكبر نسبة عزوف عن الإدلاء بالأصوات في تاريخ البلاد.ورغم أن فوز رئيسي، الموصوف بأنه «اختيار المرشد المفضل»، بات شبه محسوم، في ظل غياب أي منافسة حقيقية، بعد استبعاد «مجلس صيانة الدستور»، الخاضع لهيمنة التيار المتشدد، أبرز الوجوه التي طلبت خوض الانتخابات من مختلف التيارات وإبقاء 7 مرشحين فقط، حذّر مدير تحرير صحيفة كيهان، حسين شريعتمداري، من تبعات وآثار عدم انسحاب المرشحين الأصوليين الأربعة لمصلحة المرشح الخامس رئيسي.
وأكد مدير تحرير الصحيفة، التي تتبع مكتب المرشد بشكل مباشر، أن عدم انسحاب الأصوليين لتشكيل جبهة موحدة، يعد ذنباً لا يغتفر، بسبب ما يترتب عليه من أضرار وخسائر. وذكر شريعتمداري أن «عدم انسحاب مرشحي تيار الثورة لمصلحة أحدهم سيزيد من حظوظ فوز مسببي الوضع المزري في البلاد، وهذا الأمر إن حدث فسيوجه ضربة كبيرة للنظام»، في إشارة إلى احتمال استفادة المرشح المستقل رئيس البنك المركزي السابق عبدالناصر همتي أو الإصلاحي محسن مهر علي زادة، الذي لا يملك ثقلا يذكر في الشارع، من تفتت أصوات التيار الأصولي المتشدد. ولم يكتف الكاتب بمطالبة المرشحين الأصوليين بالانسحاب لمصلحة رئيسي، بل دعاهم كذلك إلى أن يكونوا منابر ويعملوا له دعاية انتخابية من أجل دعمه وفوزه في الانتخابات.وجاء تحرّك «ذراع المرشد» بعد ساعات من المناظرة الثالثة والأخيرة بين المرشحين الـ7 التي هاجم خلالها همتي، الساعي إلى كسب تأييد التيار المعتدل والإصلاحي، رئيس السلطة القضائية بشدة، محذراً من احتمال تعرّض البلاد للمزيد من العقوبات الدولية والغربية في حال فوزه.في غضون ذلك، توقّع محللون سياسيون إيرانيون، وفقاً لاستطلاعات محلية وحكومية، أن تشهد الانتخابات الرئاسية المقبلة أقل نسبة إقبال في تاريخ الجمهورية الإسلامية، بسبب تردي الأوضاع المعيشية واستمرار القمع ضد النشطاء، وقمع الاحتجاجات الشعبية.على صعيد قريب، رفض مجلس الإعلام التابع للحكومة الإيرانية انتقادات بعض مرشحي الرئاسة بشأن تعامل حكومة الرئيس حسن روحاني مع احتجاجات رفع أسعار المحروقات في 2019.وشدد بيان المجلس الحكومي على أن «تعديل سعر البنزين قرار وطني وسيادي وقّع عليه رؤساء السلطات الثلاث، وحظي بموافقة المرشد».
فجوات فيينا
إلى ذلك، تواصلت المباحثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة برعاية مجموعة 4+1 في فيينا لليوم الثاني على التوالي أمس، لبحث إحياء الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2018.ونقلت صحيفة واشنطن بوست، عن مسؤول في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، قوله إن الولايات المتحدة وإيران أحرزتا تقدماً في مفاوضات فيينا، وإن الفجوات المتبقية، يمكن سدّها «خلال أسابيع».وقال المسؤول إن «المفاوضات غير المباشرة الهادفة للعودة إلى الاتفاق النووي المبرم عام 2015 أحرزت تقدماً في كل قضية، وفي كل مرة نلتقي فيها منذ انطلاقها قبل شهرين، وإن الفجوات المتبقية يمكن سدّها خلال أسابيع، لكن بنسبة 70 أو 80 بالمئة».كما نقلت الصحيفة الأميركية عن مسؤول أوروبي مشارك بالجولة السادسة من المفاوضات: «رغم أن هناك مسائل عالقة مرتبطة بالعقوبات الأميركية، فإننا متفائلون بأن الاتفاق ممكن، لكن ليس بشكل كامل، والأمور المتبقية تتعلق بالسياسة».ورأى المسؤولون أن العقبة الأساسية بين طهران وواشنطن تكمن في «غياب الثقة».وقال مندوب روسيا بالمنظمات الدولية في فيينا، ميخائيل أوليانوف، إن الوفدين الروسي والإيراني ناقشا المشاكل العالقة، لافتاً إلى أن المفاوضين يحتاجون «بضعة أسابيع إضافية لترتيب النص الموجود».جاء ذلك بالتزامن مع تصريح رئيس الوفد الإيراني بفيينا عباس عراقجي بأن الخلافات بحاجة إلى الكثير من المناقشات والمشاورات السياسية والفنية والقانونية لكي يتم حلها، لافتا إلى مواصلة المحادثات مهما تطلبت من وقت.وقال عراقجي أمس: «على الأطراف الأخرى الموقّعة على الاتفاق النووي أن تطمئن إيران بأن ما حدث في الماضي من انسحاب الولايات المتحدة لن يتكرر».وفي تطور لافت يناقض التشكيك الإيراني في إمكانية التوصل إلى تفاهم وشيك، نقلت وكالة الأنباء الرسمية عن مسؤول بارز بحملة رئيسي، تأكيده أنه سيواصل محادثات فيينا مع القوى العالمية إذا تم انتخابه، لأنه يؤمن بأهمية بقاء الاتفاق النووي، لكنّه يعتزم التعامل معه باعتباره «مسألة هامشية يجب ألا تكون مرتبطة بالمشاكل الوطنية».في هذه الأثناء، طالب مبعوث صيني الولايات المتحدة بالتوقف عن التردد، والتحرك الحاسم نحو رفع العقوبات بشكل كامل وشامل عن إيران.وتسود مخاوف من أن يؤدي تأخير التوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني إلى تهديد مفاوضات فيينا، نظرا إلى ترجيح كفة الفوز لمرشح متشدد ضد الغرب في الانتخابات الرئاسية المقبلة، رغم أن نهاية ولاية حكومة روحاني ستكون في أغسطس المقبل.قآني في بغداد من جديد
كشفت أوساط سياسية وحزبية من العاصمة العراقية، أمس، عن وصول زعيم «فيلق القدس» الإيراني، الجنرال إسماعيل قآني، إلى بغداد، قادماً من العاصمة اللبنانية بيروت، بعد ثلاثة أيام فقط من مغادرته بغداد.