تبرز تحديات يعتقد أنها تنتظر الرئيس الإيراني الجديد قبل الدورة الأولى المقررة الجمعة من الانتخابات الرئاسية التي يتنافس بها 7 مرشحين.وتنحصر التحديات الأساسية بمعالجة 5 ملفات أساسية، هي الركود الاقتصادي والعلاقات الخارجية والعقوبات الأميركية والأزمة الصحية والبيئية، واستعادة ثقة رجل الشارع.
ويعد الوضع الاقتصادي أولوية في جدول أعمال الرئيس الجديد للجمهورية.ودخلت إيران في ركود اقتصادي اعتبارا من عام 2018، في أعقاب انسحاب الولايات المتحدة بشكل أحادي من الاتفاق حول البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية، وإعادة فرضها عقوبات اقتصادية قاسية على طهران.وزادت من حدة الأزمة تبعات جائحة كوفيد- 19 التي تعد إيران أكثر الدول تأثرا بها في منطقة الشرق الأوسط.وشدّد المرشحون السبعة على أولوية رفع العقوبات الأميركية الذي يؤمل في أن يتحقق من خلال المباحثات غير المباشرة الجارية حاليا في فيينا، سعيا لإحياء الاتفاق من خلال عودة واشنطن إليه، وإطلاق عجلة الاقتصاد المحلي مجددا.ويقول الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية «إيريس» في باريس تييري كوفيل لوكالة فرانس برس، «في حال تم رفع العقوبات، سينعكس ذلك استقرارا على البيئة الاقتصادية الكلّية، مع زيادة في النمو وتراجع في مستوى التضخم».ويرى الخبير في الاقتصاد الإيراني أن ذلك يجب أن يترافق مع توفير حاجات المواطنين «لأنّ أحد المخاطر هي أن يعتقد الناس أن كل شيء سيتحسن على الفور (إذا تم رفع العقوبات)، وفي هذه الحال سيواجهون خيبة أمل كبيرة».حتى في حال التوصل الى تسوية بشأن الملف النووي، وهو أمر مطروح في ظل التقدّم التدريجي الذي حققته المباحثات المتواصلة منذ مطلع أبريل في فيينا، يرى الباحث الفرنسي كليمان تيرم المتخصص بالشأن الإيراني في المعهد الجامعي الأوروبي في فلورنسا، أن ذلك «لن يؤدي الى عودة المستثمرين الأجانب الى السوق الإيرانية على المدى القريب».ويضيف لـ «فرانس برس» أن «شرطا لا غنى عنه لحصول ذلك هو تطبيع في العلاقات الدبلوماسية بين طهران وواشنطن».لكن أمرا كهذا يبدو مستبعدا، خصوصا في ظل الريبة وانعدام الثقة بين طهران وواشنطن التي تعتبرها الجمهورية الإسلامية «الشيطان الأكبر».لذلك، يعتبر تيرم أن «على الرئيس الجديد إيجاد مسار جديد من أجل ضمان تحسّن بالحد الأدنى للظروف الاقتصادية للشعب من خلال إدارة منسوب التوتر مع (إدارة الرئيس الأميركي جو) بايدن».وأبدى رئيسي، المرشح الأوفر حظا للفوز في الانتخابات، رغبته في منح الأولوية لتعزيز علاقات إيران مع الدول المجاورة. وفي حال فوزه، يتوقع أن يستمر اضطراب العلاقة مع دول الغرب، في مقابل العمل على تحسين العلاقات مع دول قريبة، أبرزها السعودية، وفق تقدير بعض المحللين.وإيران هي أكثر دول الشرق الأوسط تأثرا بفيروس كورونا، ولم تتمكن حتى الآن من المضي قُدما في حملة التلقيح الوطنية بالسرعة المرغوبة. ومن الأسباب الرئيسة لذلك، صعوبة استيراد اللقاحات في ظل العقوبات الأميركية.ويمكن للحكومة الجديدة تسريع العملية في حال نالت طهران تخفيفا للعقوبات في هذا المجال، أو نجحت بعض مشاريع اللقاحات المنتجة محليا، في إنجاز الاختبارات السريرية ونيل الموافقة الرسمية لاعتمادها.ويرى الصحافي الإصلاحي أحمد زيد آبادي أن «أزمة الثقة (بين الناس والسلطات) عميقة وواسعة».ومن الإشارات على ذلك، نسبة الامتناع القياسية (57 بالمئة) عن المشاركة في الانتخابات التشريعية لعام 2020، وهو ما يخشى أن ينعكس أيضا على الانتخابات الرئاسية.وشهدت إيران محطات عدة في الأعوام الماضية ساهمت في تعميق هذه الهوة، مثل حادث إسقاط الطائرة الأوكرانية عن طريق «الخطأ» ووفاة 178 شخصا على متنها في يناير 2020، والذي لم تقر السلطات بمسؤوليتها عنه سوى بعد 3 أيام من الإنكار، أو التعامل بالشدة وسقوط ضحايا خلال احتجاجات في شتاء 2017 - 2018 ونوفمبر 2019.ويرى زيد آبادي أن على «الحكومة المقبلة اتخاذ بعض الإجراءات الفورية من أجل استعادة الثقة»، من ضمنها «رفع الحظر عن بعض شبكات التواصل الاجتماعي، مثل تلغرام وتويتر، والحد من الصرامة بشأن الحجاب».ويعتبر كوفيل أن «الأزمة البيئية في إيران باتت واقعا»، لكن حتى الآن «ثمة انطباع بأن الحكومة لا تزال غير قادرة على وضع سياسة» للتعامل معها.من جهته، يرى زيد آبادي أن «الموارد المالية استنفدت»، مشيرا أيضا الى «تدمير الموارد الطبيعية» بضغط من بعض النشاطات الاقتصادية، مبديا أسفه لأن «المسؤولين يتناسون (هذه الأزمة) كليا بمجرد أن تمطر السماء مرتين». وغابت القضايا البيئية عن تصريحات المرشحين خلال المناظرات التلفزيونية الثلاث التي أجريت بينهم.ويرى تيرم أن «الأسئلة البيئية ستكون (...) ذات أهمية كبيرة»، لكن «أسباب المشكلة (تتخطى) صلاحيات الرئيس»، وترتبط «بمصالح اقتصادية لشركات» شبه رسمية غير مرتبطة بالحكومة.
ظريف والمشاركة
وفي ظل توقعات بأن تشهد الانتخابات أقل نسبة مشاركة شعبية في تاريخ البلاد بسبب غياب المنافسة الحقيقية وتردي الأوضاع المعيشية، دعا وزير الخارجية محمد جواد ظريف الإيرانيين إلى «المشاركة في الانتخابات»، مضيفاً «هناك الكثير من الأخطاء، لكن مقاطعة الانتخابات ليست حلاً، وستزيد من المشكلات، ولن تحل شيئاً».جدل إصلاحي
إلى ذلك، بزر جدل بين «جبهة الإصلاح» وحزب «كوادر البناء» حول دعم رئيس البنك المركزي المستقيل، عبدالناصر همتي، ووصفه بأنه «المرشح السرّي» للتيار الإصلاحي.وبعد أن قال متحدث باسم «كوادر البناء»، إن همتي وهو شخصية مستقلة معتدلة، كان مرشحنا السري ولم يدرج بقوائم التيار الإصلاحي للحيلولة دون قيام «صيانة الدستور» باستبعاده، ردّت المتحدثة باسم جبهة الإصلاح آذر منصوري بأنه لا يوجد مرشح سرّي للجبهة.روحاني وفيينا
إلى ذلك، لوّح الرئيس الإيراني حسن روحاني، الذي تنتهي ولايته في أغسطس المقبل، بقدرة بلاده على تخصيب اليورانيوم بنسبة أكثر من 63 بالمئة في أي وقت، لكنه شدد على أن بلاده لا تبحث عن تطوير أسلحة نووية. وأشار إلى أن «قوة الجمهورية الإسلامية والقوات المسلحة للردع والدفاع فقط. وأن قواتنا المسلحة لا تنوي أبدا غزو أي بلد. نقول صراحة لجيراننا إن قواتنا المسلحة ليست ضدكم، إنها داعمكم وحاميكم».في غضون ذلك، استبعدت «الخارجية» الإيرانية أن تكون جولة المفاوضات النووية، التي تستضيفها فيينا حالياً وهي السادسة، الأخيرة، وأن تسفر عن اتفاق لإعادة إحياء الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2018.بلبلة حول استعراض «الحشد»
وسط بلبلة بشأن توقيت ومكان الخطوة المثيرة للجدل، أعلن نائب رئيس أركان هيئة «الحشد الشعبي» العراقي أبوعلي البصري، في تصريحات حصرية لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، أن الفصائل المنضوية ضمن الهيئة ستكشف عن أسلحة جديدة وطائرات مسيرة «درون» خلال استعراض كان مقرراً أن يقام اليوم لكنه تأجل إلى 22 الجاري.وأوضح البصري أنه منذ مطلع العام الجاري أثيرت فكرة إقامة العرض الكبير وتم الاتفاق عليها، لافتاً إلى أنه سيقام بمحافظة ديالى المتاخمة للعاصمة بغداد وسيتم دعوة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إليه بصفته القائد العام للقوات المسلحة.في غضون ذلك، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، أن قائد «فيلق القدس»، إسماعيل قآني، قام بزيارة إلى العراق أخيراً، استمرت 5 أيام.وأمس الأول، كشفت مصادر سياسية عراقية، عن عودة قآني إلى بغداد، قادماً من العاصمة اللبنانية بيروت، بعد ثلاثة أيام فقط من مغادرته العاصمة العراقية وسط تقارير عن إبلاغه فصائل «الحشد» بضرورة إلغاء الاستعراض الذي كان مقرراً خلال أيام. وتشهد علاقة الكاظمي صداماً مع فصائل بـ«الحشد» بعد قيامه باعتقال قادة بها على خلفية شبهات باغتيال نشطاء وشن هجمات على القوات الأميركية. ومنذ أسابيع أكدت تقارير أميركية أن الفصائل المتحالفة مع طهران بدأت باستخدام «درون» في استهداف قواعدها بالعراق.