أكدت رئيسة جمعية «فادية البقاء والازدهار» لدعم مرضى السرطان، د. رانية عزمي، أن هناك فجوة وقلة توعية في موضوع الوقاية من مرض السرطان على مستوى العالم.وقالت عزمي، في حوار مع «الجريدة»، إن هناك تعاونا وثيقا بين الجمعية والمؤسسات المعنية بالسرطان عالميا، من خلال عضويتها الفاعلة في التحالف العالمي للسرطان المتقدم، ومقره البرتغال، والاتحاد الدولي لمكافحة السرطان، ومقره سويسرا، فضلا عن التعاون مع العديد من الهيئات دوليا بالولايات المتحدة وأوروبا، وأيضا إقليميا بالكويت ومصر.
وأوضحت أن 90 ٪ من أسباب سرطان الأطفال مجهولة، و10٪ فقط قد تكون لأسباب وراثية أو جينية، لافتة إلى أن 90 إلى 95٪ من أمراض السرطان بين الكبار تعود لأسباب وعوامل بيئية؛ سواء في بيئة الجسم الداخلية وحدوث أي خلل، أو خطأ متراكم فيها، أو من الخارج... وفيما يلي نص الحوار:* بداية، ما أهداف جمعية «فادية البقاء والازدهار» والأنشطة التي تقوم بها؟- تعود فكرة الجمعية وأنشطتها إلى أكثر من 10 أعوام، حيث كان أعضاؤها المؤسسون منهمكين في أنشطة تطوعية عديدة في مجال السرطان، وهو ما تمخّض عن تأسيس الجمعية رسميا منذ نحو 6 سنوات بعد بناء مبادرة البقاء والازدهار قبل ذلك في مركز الكويت لمكافحة السرطان.ومن هنا تركزت جهود الجمعية خلال السنوات الأخيرة في دعم مرضى السرطان ودعم اتخاذ القرارات الحيوية من ناحية التصدي لمرض السرطان، بمحاولة رصد وتجميع أجزاء أحجية السرطان للوصول إلى حلول ناجعة عالميا ومحليا في مجال أبحاث وعلاج السرطان، ولاسيما السرطان الانتقالي أو المتقدم.وتهدف الجمعية، بشكل عام، إﻟﻰ الفهم اﻟواﻋﻲ ﻵﻟﯾﺔ ﺗﺄﺛﯾر اﻟﺳرطﺎن وطرق علاجه اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﺟواﻧب ﺣﯾﺎة اﻟﻣرﯾض ﻛﺎﻓﺔ، وذﻟك ﺣﺗﻰ ﯾﻣﻛن ﺧدﻣﺔ اﻟﻣرﺿﻰ ﺑﺷﻛل ﻣﺑﺎﺷر ﻣن ﺧﻼل ﻣﻌﻠوﻣﺎت وﻣﻌرﻓﺔ ﻋﻣﻠﯾﺔ ﯾﻣﻛن تنفيذها واﻻﺳﺗﻔﺎدة منها ﻋﻠﻰ أرض اﻟواﻗﻊ، ومن جوانب ﺣﯾﺎة اﻟﻣرﯾض التي تجب مراعاتها، ومراعاة مشاعر وحالة المرضى النفسية والبدنية التي لا يكون لهم في أغلب الأمر أي سيطرة عليها، ويسهل على المجتمع والمقربين تجاهلها، نظرا إلى أن المرض خبيث، ولا يُظهر أي أعراض مرضية جسيمة إلّا بعد فوات أوان فهم تلك الأمور في مراحل المرض المختلفة.وﯾﻣﻛن تحقيق التوعية بشكل عام ﻣن ﺧﻼل ﺗوﻓﯾر جميع وﺳﺎﺋل المعلومات المبنية على المعارف الموثقة ﻣن ﺧﻼل ﻣﺧﺗﻠف اﻷﻧﺷطﺔ طوال اﻟﻌﺎم.ويتبع ذلك الهدف دعم مرضى السرطان الانتقالي والمتقدم، من خلال فهم احتياجاتهم وتلبيتها، أما الهدف الثالث للجمعية، وهو تمويل الأبحاث التي تركز على جودة حياة المرضى بشكل رئيس أكثر من أي هدف آخر.وقد نظمت الجمعية ملتقيات توعية عامة بالكويت ومصر خلال الأعوام السابقة بمشاركات متحمسة من المرضى وذويهم ونخبة من المهتمين بمكافحة السرطان، كما شاركت في ملتقيات عالمية وإقليمية، منها من تنظيم هيئة الأغذية والأدوية الأميركية (FDA)، والجمعية الأميركية للأورام، والجمعية الأوروبية للأورام، والتحالف العالمي للسرطان المتقدم من خلال مؤتمره الشهير كل عامين، والاتحاد الدولي لمكافحة السرطان، ومؤسسة كومن العالمية للسرطان، والمؤتمر الدولي للحرب على السرطان الذي نظمته مجلة ذي إيكونوميست الشهيرة.وتتلخص أنشطة الجمعية وتتركز جهودها في نشر ثقافة الوقاية من الأمراض للجميع، ومن ناحية أخرى تزويد مرضى السرطان بمعلومات وثيقة الصلة بمرضهم ومبنية على أسس علمية مُحكمة ويسهُل فهمها، وذلك باللغتين العربية والإنكليزية، لتشمل الفائدة جميع المرضى دون استثناء.
تعاون
* هل هناك تعاون مع وزارة الصحة في الأنشطة التوعوية؟- جمعتنا بوزارة الصحة عدة أنشطة ومنتديات للتعاون كل في مجاله، أحدثها منذ ما يقرب من عام من خلال المؤتمر الدولي لكلية الصيدلة بالكويت، حيث عرضت جمعية فادية رسالتها وأبحاثها في هذا المجال، وشاركت في مجموعات عمل بتمثيل من وزارة الصحة، فضلا عن تعاوننا في السابق مع مركز "سدرة" للدعم النفسي والمعنوي لمرضى السرطان ومستشفيات السرطان الرئيسية بالكويت.وقد بدأت الجمعية أنشطتها من خلال مبادرة البقاء والازدهار من داخل مركز حسين مكي جمعة ومستشفى الشيخة بدرية ومركز فيصل سلطان بن عيسى للتشخيص والعلاج الإشعاعي التابع لمركز الكويت لمكافحة السرطان، ونهدف إلى التعامل المباشر مع المريض. كما أننا نقوم بأنشطة لمرضى السرطان في الولايات المتحدة الأميركية والكويت ومصر، وغيرها من الدول.دعم المرضى
* هل هدف الجمعية توعوي فقط، أم أن هناك متخصصين من قِبَلكم يساهمون في علاج المرضى؟- هذا سؤال مهم جدا. اخترنا في الجمعية التركيز على التوعية ودعم المرضى بالمعلومات الموثقة. لدينا في مجلس الإدارة متخصصين، ولدينا فريق استشاري علمي يضم متخصصين من جنسيات مختلفة على مستوى العالم لتقديم الاستشارات.نؤمن بالتعاون مع كل من يهتمّ بالوقاية من والقضاء على السرطان، فعلى سبيل المثال، في بريطانيا هناك أكثر من 500 ألف جمعية أهلية، أقل من 500 منها فقط فعّالة ولديها أنشطة على أرض الواقع.وفي الكويت، هناك جمعيات تهتم بالدعم النفسي وأخرى مهتمة بالدعم المالي، فيمكن التعاون وتكامل الجهود ولكن ما نفتقده في عالمنا العربي هو التوعية الخاصة بالوقاية من مرض السرطان وتقديم المعلومات للمرضى وحتى الأصحاء، ليكون لديهم دافع لتحسين جودة حياتهم أو أي جزء من أجزائها، مثل تناول طعام أكثر صحية وممارسة نشاط بدني أكبر والنوم بشكل أعمق دون تقطّع نتيجة استخدام أي أجهزة ذات شاشات الكترونية، مثل الهواتف النقالة، والوعي بكميات السكريات الصريحة والمواد الحافظة التي تستهلك وتقليلها، وغيرها من الأمور التي توجد بها دورات تدريب للتوعية بها، نظرا لأهميتها لكل شخص حتى دون أي مرض.كما أن هناك كثيرا من المفاهيم المغلوطة في نمط حياتنا، وهناك مسؤولية كبيرة وفجوة كبيرة لإدراك الناس أهمية التغذية السليمة.التغذية الصحية
* تشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلى قلة تناول الخضراوات والفواكه الطازجة بين المجتمع... ما تعليقكم؟- تناول حصص كافية من الخضراوات والفواكه الطازجة ضروري جدا لأجسامنا، بسبب احتوائها على الأنزيمات المهمة في حياة الإنسان، والتي تعد في غاية الأهمية لكل عمليات الجسم الحيوية من التنفس إلى الهضم وغيرها.مسألة التغذية الصحية مهمة جدا وضرورية، فمريض السكر على سبيل المثال عليه أن يحصل على 5 إلى 6 وجبات يوميا وبكميات قليلة، على أن تحتوي على المغذيات المطلوبة. أما تناول الطعام مرة إلى مرتين يوميا، فيقلل عمليات الأيض ويبطئها ويكسّل أجهزة الجسم. علينا الحصول على عدد مرات أكبر من الطعام، ولكن بكميات قليلة، فكلما تناولنا وجبات بكميات صغيرة وصحية وعلى فترات متكررة، نشجع الجسم على الأيض بشكل أفضل.ويجب ألا تحتوي وجباتنا على كميات سكر مُبالغ فيها، وهنا التحدي الذي قد يواجه أي مستهلك للأطعمة المصنعة، حيث لا يخلو أي نوع من هذه الأطعمة من إضافة السكر أو أي بدائل له.ونتناول تلك الأطعمة دون وعي بكميات السكر الكبيرة بها من أول كوب الروب الصحي الذي قد يضاف إليه منكهات أو سكّر لتحسين طعمه، إلى صلصة الطماطم أو حبوب الإفطار. فلا بد من تقنين مجموع ما نستهلكه من سكر أو مواد حافظة، لأنها حتى إن كانت آمنة الاستخدام لأي منتج، فإنه لا يوجد دراسات ترصد تعدد استهلاكنا لأكثر من منتج مصنُع، وحينها ماذا يكون الاستهلاك الآمن، هل بمنتجين أم ثلاثة أم أقل من الأغذية المصنعة؟ لذا يجب تقنين تناولها بقدر الإمكان للأطعمة المصنعة، ولا بدّ من الإكثار من الفواكه المضادة للأكسدة وذات اللون الأحمر الداكن، وغيرها من الألوان البراقة في الفاكهة والخضراوات، حيث إنها مؤشر لوجود المغذيات النباتية المهمة جدا لصحة الإنسان، كما أنه من الضروري الحصول على قسط كاف من الراحة البدنية والنوم.نعيش مشكلة حقيقية في عالمنا العربي، تتمثل في قلة تناول ألوان كافية من الخضراوات والفواكه الطازجة (مع تذكّر حقيقة أن ألوان هذه النباتات مؤشر قوي لاحتوائها على مغذيات نباتية مهمة جدا لصحتنا)، فمنظمة الصحة العالمية تشدد على ضرورة حصول الفرد على 5 أنواع من الفاكهة والخضراوات الطازجة يوميا بخمسة ألوان مختلفة.وقد رصدت المنظمة استهلاك 3 أو أكثر من ألوان الفواكه والخضراوات الطازجة في مناطق العالم كافة، باستثناء منطقتنا العربية التي يستهلك فيها الفرد نوعين أو أقل على أساس يومي، وهو ما يعود إلى نقص في التوعية بأهمية الخضراوات والفاكهة في التغذية الصحية والوقاية من الأمراض، لذلك من الضروري استهلاك الخضراوات والفواكه الطازجة بشكل كبير.* ما الجديد بخصوص الجمعية وأنشطتها؟- نعمل في الجمعية على التوعية من السرطان المتقدم، وشاركنا في عشرات المؤتمرات الطبية والندوات والأنشطة، وقدّمنا عديد من الأوراق العلمية والبحثية.الرسالة التوعوية والوقائية مهمة جدا في التصدي للمرض، ننظم مجموعات عمل مع المرضى أنفسهم، ونحرص على المشاركة مع أطباء الأورام بآراء طبية وعلمية موثقة.* هل لديكم نسب حول السرطانات الأكثر شيوعا بين الأطفال والكبار؟- يجدر القول إن السرطان مرض معقّد جدا، وهو ليس مرضا واحدا، بل مجموعة أمراض وضغوط يؤدي تراكمها إلى ذلك. وسرطان الأطفال مختلف تماما وكليا عن سرطان الكبار.90 بالمئة من أسباب سرطان الأطفال مجهولة، و10 بالمئة فقط قد تكون لأسباب وراثية أو جينية، وفقا لأبحاث موثقة صادرة عن منظمة الصحة العالمية، وحتى إن كانت أسباب جينية، فالخلل الجيني غير معروف.أما 90 إلى 95 بالمئة من أمراض السرطان بين الكبار فتعود لأسباب وعوامل بيئية؛ سواء في بيئة الجسم الداخلية وحدوث أي خلل في توازنها الطبيعي، أو من الخارج بسبب السمنة أو العادات الغذائية أو التدخين أو الالتهابات الفيروسية والبكتيرية، أو حتى بسبب مستوى جودة الهواء، ومن 5 إلى 10 بالمئة فقط بسبب عوامل وراثية.فجوة في التوعية للوقاية من المرض
في رسالة وجّهتها الى المجتمع والمتابعين، قالت عزمي: «تقوم خطط مكافحة السرطان للسيطرة على المرض على مستوى العالم على 4 أساسيات وأعمدة؛ هي الوقاية، ثم الفحص المبكر، ثم التشخيص والعلاج، ومن ثم العلاج التلطيفي في المراحل المتأخرة من المرض».وأضافت: «ما أشاهده على أرض الواقع أن أغلب دول العالم تركّز فقط على المراحل الثلاث الأخيرة، مع وجود فجوة في التوعية والوقاية بمرض السرطان».وأكدت أنه «مطلوب التركيز أكثر على جهود التوعية، بهدف الوقاية من مرض السرطان، على أن تكون التوعية مستمرة طوال أيام السنة لجميع أنواع السرطانات، كما يجب التركيز على التوعية الخاصة بالتغذية ونمط الحياة الصحي طوال الوقت والمضمون الشامل لجودة الحياة لمرضى السرطان وحتى لأفراد المجتمع من الأصحاء كوسيلة مستدامة للوقاية من الأمراض، ولاسيما السرطان».