تقول طبعة 1966 من الموسوعة البريطانية في تعريف كلمة "بربر" Berber إنها من أصل غامض وتطلق على شعوب قوقازية Caucasoid في شمال إفريقيا تسمي نفسها في أغلب الأحيان أمازيغ Imazighen، وتضيف أن لغات البربر يتحدث بها أكثر من عشرة ملايين إنسان، وهذا بالطبع قبل عام 1966!وتضيف الموسوعة أن "البربر" إلى جانب اللغة، يختلفون عن ذوي الأصول العربية في أربعة جوانب:
1- يحتكم العرب إلى قوانين الشريعة الإسلامية في حين يحتكم البربر إلى قوانين وأعراف خاصة.2- يتبع العرب عادة زواج بنت العم بابن العم، في حين يمنع البربر ذلك، ويفضلون الزواج بين ابنة الخال وابن العمة.3- للمرأة مكانة أرفع بين البربر مما لدى عرب المنطقة، والنساء لا يرتدين الحجاب unveiled حين يقابلن الضيوف، كما أنهن يبعن منتجاتهن في الأسواق لحسابهن الخاص، ويتولين إعداد حفلات الزواج في العائلة، والكثيرات منهن متعلمات أو غير أميات.4- الإدارة العربية في مناطقها فردية سلطوية Personal and authoritarian، في حين إدارة البربر تنحو باتجاه الجماعية والتمثيلية more communal or verpresentative.وقد تكون بعض هذه الملاحظات كذلك من قبيل ما هو مشاهد في أكثر من مجتمع بأن نساء "الأقليات القومية والدينية"، أو ما هو في حكمها، أكثر انطلاقا ورغبة في العمل العام والمشاركة الاجتماعية والعمل خارج المنزل.ومن الموسوعات التي تضمنت معلومات مفيدة عن شعوب البربر "الموسوعة العربية الميسرة"، التي تقول في مادة "بربر": "شعب نزح إلى شمال إفريقيا، وانتشر في ربوع المغرب وجهات من الصحراء الكبرى وأطراف من مصر، واستقر ببعض جزر البحر المتوسط، وكان ذلك في العصور القديمة التي لا تقل عن ثلاثين قرنا (ق. م) وللبربر خصائصهم الجسمية في الطول وصبغة الشعر، ولون العين وشكل الجمجمة، ولهم عادات خاصة بهم، ولغة متميزة بذاتها.وقد تطورت عقائد البربر بحسب تأثرهم بمن زحف عليهم من الأمم، فكان دينهم المجوسية، ثم تنصروا في أواخر القرن الثاني للميلاد، ودخلت اليهودية بلاد البربر مع البربر المتهودين الذين جاءوا من اليمن أو هاجروا من سورية بعد سقوط بيت المقدس، وبدأ البربر يدخلون في الإسلام منذ الفتوح العربية الأولى على إثر موقعة سبيطلة، واعتنق الكثيرون من البربر الإسلام في أوائل القرن 8، وصاروا كبار المناصرين للدين الحنيف. وينتشر البربر في الشمال الإفريقي والصحراء الكبرى ومعقلهم الرئيسي جبال أطلس، ومن أشهر قبائلهم مصمودة أقدم القبائل البربرية المستقرة بالمغرب وتسكن في جبال أطلس الكبير العظمى، وزناته التي استقرت بالمغرب منذ القرنين 8 و9 وكانت قبل ذلك بطرابلس وجنوب تونس، وكان للبربر بعد إسلامهم عدة دول كبرى منها: المرابطون والموحدون". (ج1، ص479-480).وقد حكمت دولة المرابطين المغرب والأندلس 1053-1147 وهم عدة قبائل تُنسب إلى "حِمْير" باليمن، وأشهرها قبيلة "لمتونة"، وقد ارتكز مذهبها الديني الذي دعا اليه "عبدالله بن يس"، على صرامة الأخذ بتعاليم السلف وإقامة الرباطات للعبادة في الأماكن البعيدة عن المدن، ومنها استمد "المرابطون" اسمهم الذين نشروا الإسلام في مملكة غانا القديمة وعلى ضفاف السنغال، ومن أشهر أمرائهم يوسف بن تاشفين. وتضيف الموسوعة أن سلطان المرابطين لم يدم قرنا من الزمان، "فقد بدأ ضعفهم في عهد السلطان علي بن يوسف بسبب الحملة التي شنها عليه "محمد بن تومرت" زعيم الموحدين، فضلا عن انقطاع السلطان للعبادة تحت تأثير تزمت الفقهاء، وأمره بحرق كتب "الغزالي" الذي كشف هذا التزمت وانتهز أمراء الأقاليم هذا الموقف واستأثروا بالسلطة لأنفسهم، وبانتهاء حكم علي بن يوسف عام 1143، انحلت دولة المرابطين وضعف شأنها وسقطت عاصمتهم مراكش في يد الموحدين.وكان "يوسف بن تاشفين" قد انتُدب ليحكم المغرب من قبل زعيم المرابطين "أبو بكر اللمتوني"، فأخضعها لحكم المرابطين وأسس مدينة مراكش وجعلها مقرا له، وأصبحت من بعده حاضرة للمرابطين ثم للموحدين، وانتصر المرابطون على الإسبان في موقعة "الزلاقة" عام 1086، واتخذ المرابطون "إشبيلية" عاصمة لهم في إسبانيا، وتضيف الموسوعة أن يوسف بن تاشفين حين توفي ترك لابنه "علي بن يوسف" "أقوى إمبراطورية عرفها المغرب الإسلامي حتى ذلك الحين، شملت المغربين الأقصى والأوسط والأندلس".وأسس البربر دولة إسلامية أخرى هي "دولة الموحدين" بزعامة قائد من البربر هو "محمد بن تومرت" وكان كما تصفه الموسوعة، "ثوري النزعة"، وأصبح لأسطول الموحدين سطوة في غربي البحر المتوسط، ثم انقسمت دولتهم عام 1268، حيث استولى "المرِّينيون" على مراكش بعد ذلك بعام، وانتهى به ما يعتبره المؤرخون "العصر الذهبي في تاريخ المغرب".تفرّق موسوعة أخرى بين البربر ولغتهم! فتقول إن "أمازيغ" تعني كما ذكرنا "الرجل الحر"، أما لغتهم فتُدعى "تمازيغ"، ولها اتصال باللغة الليبية القديمة التي كانت لغة إفروآسيوية، "سامية حامية" Hamito-Semitic. وقد أسلم البربر بعد دخول الدين، ولكن تعريبهم لم يكن شاملاً عميقاً، فقد بقيت لغتهم وبخاصة في المناطق الريفية والبعيدة عن المدن، حيث بقيت كذلك عاداتهم وتقاليدهم ضمن النسيج القبلي، وقد سرعت الدولة الحديثة تعريبهم، لكنها أيقظت في الوقت نفسه هويتهم المستقلة عن العرب، وبخاصة في منطقة القبائل بالجزائر، رغم دورهم الرائد في حرب الاستقلال عن فرنسا، وبرزت حركتهم ومطالبهم بعد 1980 وخلال التسعينيات، المسمى "ربيع البربر"، وقد برزت حركة ثقافية بعد عام 1989، وبرز حزبان بين بربر الجزائر كان أحدهما قد تأسس عام 1963 والثاني عام 1990 وكانت منطقة القبائل ذات توجهات علمانية، وكانت الوحيدة التي رفضت إعطاء صوتها للإسلاميين الجزائريين عام 1991 وهي الانتخابات التي سبقت الحرب الأهلية، غير أن البربر كانوا يشكّون كذلك في نوايا الحكومة والنظام، وبعد مقاطعة البربر للمدارس مطالبين بإقرار لغتهم "التمازيغ" إلى جانب اللغة العربية لغة ثانية، وافقت السلطات على إدخالها في نظام التعليم الإعلامي، لكسب البربر في الصراع مع الإسلاميين، واستمرت الصراعات بعد التعديلات الدستورية التي اعتبرها البربر غير منصفة لهم.وكانت حركة البربر في المغرب أضعف منها في الجزائر وأقل ميلا للتشدد، وكما هي الحال في القضية الكردية أدى بربر أوروبا والولايات المتحدة دوراً مهماً في الصراع.(انظر The continuum political Encyclopedia of the middle East, By: Avraham seal, Editor, 2002)يتبع غداً،،،
مقالات
هوامش... أمازيغية (2-3)
16-06-2021