بقايا خيال: عندما يمتنع الشرطي عن أداء مهامه
قبل بضعة أيام كنت في طريقي إلى اجتماع مع إحدى الشركات التي تتخذ من السالمية مقراً لها، عندما جاءني اتصال من سكرتيرة رئيسها بتأجيل الاجتماع نصف ساعة فقط، ولأنني كنت قد اتخذت من شارع البلاجات طريقاً لإنجاز المهمة، فكرت في الانتظار على الطريق المقابل للبحر للاستمتاع بمنظر الأمواج حتى يحين الموعد، ولهذا أوقفت سيارتي بمحاذاة سيارة تابعة للإدارة العامة للمرور كانت تقف عند محطة للنقل العام، لكي أسلي النفس بالحديث في الشأن العام، وحتى لا يحرر رجل الأمن مخالفة مرورية بسبب وقوفي في مكان ممنوع الوقوف فيه لأنه مخصص لباصات النقل العام، ترجلت من السيارة متجهاً نحو رجل الأمن الذي كان يراقب الطريق متكئاً على سيارته، وبعد بروتوكول التعارف بادرته قائلاً: وقوفي في مكان مخصص للباصات يسمح لك بتحرير مخالفة مرورية، إلا أن رجال الأمن هذه الأيام يفكرون لدقائق مملة قبل تحرير أي مخالفة في حق أي شخص حتى لا تتسبب الواسطة في تضييع هيبة رجل الأمن خصوصاً إذا كانت هذه الواسطة من ذوي الرتب العالية أو من أصحاب المكانة الاجتماعية الرفيعة. فقال الضابط إن رجال المرور لا يستطيعون أن يخمنوا حجم الواسطة، التي يستند إليها قائدو المركبات من الناحية الاجتماعية أو السياسية، فإن حررت المخالفة فقد يلغيها مسؤولي المباشر أو من هو أعلى منه، وما أكثر المرات التي حررنا فيها مخالفات جسيمة ثم تلغى بأوامر "من فوق"، فلماذا أفرط في هيبتي وهيبة الزي الرسمي أو العسكري الذي أرتديه؟ وكل ما نفعله في غالب الأحيان أن نسدي النصيحة للمخالفين ثم نطلب منهم مغادرة المكان. وأضاف قائلاً إنه حصل على دورات تدريبية في بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية وتعلم هناك كيف تتخفى سيارات الشرطة وراء الأحراش لكي تصطاد المخالفين للأنظمة المرورية، أما هنا في الكويت فسيارات الشرطة لا تختبئ عن أنظار مستخدمي الطرق، بل هي تشغل أنوارها (الفلاشات الحمراء والزرقاء) حتى أثناء وقوفها، من أجل أن يراها الناس فيمتنعون عن ارتكاب المخالفات المرورية، حتى الكاميرات المرورية لا توضع في أماكن مخفية، بل إن الإدارة العامة للمرور وضعت علامات تعلمك بوجود كاميرات سرعة بعد بضع مئات من الأمتار. وكلام هذا الضابط صحيح، لأنه يفترض في مستخدمي الطرقات الكويتية أن يكونوا على دراية بالقوانين والإرشادات والعلامات المرورية، كما أنهم على علم بحدود السرعة على أي طريق، فلماذا تتدخل وزارة الداخلية في زيادة جرعات الراحة للمستهترين من مستخدمي الطريق بأسلوب مبالغ فيه إلى حد الدلع؟ ولماذا لا تعتمد الإدارة العامة أسلوب "القانون لا يحمي المغفلين"، وتجبره على الانتباه والتركيز على القيادة الآمنة، بدلاً من إرشاده إلى أماكن وجود الكاميرات؟