كان لبنان أمس، على موعد مع تحرّك عبثي في الشارع. ورغم الالتزام بالإضراب العام، الذي دعت إليه نقابات احتجاجاً على الوضع المعيشي، كانت دعوة أحزاب هي في صلب الخلاف حول تشكيل حكومة جديدة مناصريها للمشاركة في التظاهرات بمنزلة إطلاق رصاصة الرحمة عليها. وبالتالي أصبح التحرك في الشارع كأنه لم يكن ولم ينجح في تحريك أي مساعي سياسية، خصوصاً أن الاتحاد العمالي العام، الذي دعا إلى الإضراب رفع عنوان الاحتجاج على "تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية ولتأليف حكومة إنقاذ وطني".
وكان تأييد حركة "أمل" وتيار "المستقبل" و"التيار الوطني الحر" للتحرك المطلبي محط تندّر لكنه عكس كذلك استعصاء المشهد السياسي واستعداد القوى السياسية لفعل أي شيء لعدم تقديم تنازلات كذلك لإعادة تعويم نفسها بانتظار كلمة سر خارجية تعيد الأمور إلى سابق عهدها، حتى إن رئيس كتلة حزب الله النيابية وصف مشاركة الأحزاب في الإضراب بـ"الأحجية" وأن المطلوب التنبه إلى "دورها الفولكلوري والالتفافي".وبعد يوم من حرب البيانات بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري الذي وضع نفسه في واجهة الأزمة الحكومية بعد أشهر من التجاذبات بين عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، قالت مصادر سياسية، إن الملف الحكومي قد يكون دخل في "سبات صيفي" وربما أصبح الكلام الوحيد ذو المغزى هو تشكيل حكومة انتخابات في الخريف المقبل. ومع تصاعد الضغوط على حزب الله الذي وجد نفسه محاصراً بين ناري شريكيه في "الثنائي الشيعي" و"مار مخايل"، اعتبر نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم أن "الحكومة مدخل ضروري وطبيعي وأساسي وإلزامي من أجل أن تبدأ عجلة الإصلاح"، وشدد على أن "الخلافات حول التشكيل لا علاقة له لا بموقع رئاسة الجمهورية ولا رئاسة الحكومة، ولا بموقع الطائفة وصلاحيات الموقع، ولا بمستقبل هذه الطائفة أو تلك الطائفة، كل الإشكالات قابلة للحل، لكن تحتاج لبعض المرونة"، مضيفاً :"نحن ندعو إلى الإسراع بتشكيل الحكومة وتقديم التنازلات المتبادلة".وأكد أن "حزب الله في موقع الضغط والتشجيع والترغيب لحصول الاتفاق، أكثر من هذا ماذا يفعل؟"، مضيفاً: "سنستمر في المشاركة في المبادرات الإيجابية". وهذا الموقف يعني أن الحزب لن يضغط على أي من الأطراف ووسط توازن القوى الحالي لن يكون هناك حل للازمة الحكومية. إلى ذلك، أطلق قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون صرخة استغاثة وتحذير خلال المؤتمر الدولي الافتراضي لدعم الجيش الذي استضافته فرنسا بدعم من الأمم المتحدة وإيطاليا ومشاركة 20 دولة. وقال عون إن "لبنان يواجه أزمة اقتصادية غير مسبوقة ويبدو واضحاً انعدام فرص الحلول في الوقت القريب"، لافتاً إلى أن "الجيش يحظى بدعمٍ وثقة محلية ودولية لذا تزداد الحاجة اليوم أكثر إلى دعمه ومساندته كي يبقى متماسكاً وقادراً على القيام بمهامه".وأضاف :"أنوّه بأداء العسكريين الذين يواجهون هذه الظروف الصعبة بعزيمةٍ واصرارٍ وانضباطٍ وايمانٍ بقدسية المهمة، رغم تدهور قيمة الليرة ما أدّى الى تدني قيمة رواتبهم بنسبة تقارب 90 في المئة والنسبة عينها تنسحب على التغذية والطبابة والمهمات العملانية وقطع غيار الآليات".وحذر قائد الجيش من أن "استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان سيؤدي حتماً الى انهيار المؤسسات ومن ضمنها المؤسسة العسكرية، وبالتالي فإنّ البلد بأكمله سيكون مكشوفاً أمنياً، وأشدد على ضرورة دعم العسكري كفردٍ لاجتياز هذه المرحلة الدقيقة اضافةً الى دعم المؤسسة ككل".وأكد العماد عون أن "الجيش هو المؤسسة الوحيدة والأخيرة التي لا تزال متماسكة وهي الضمانة للأمن والاستقرار في لبنان والمنطقة وأي مسّ بها سيؤدي إلى انهيار الكيان اللبناني وانتشار الفوضى"، مشيراً إلى "أننا نؤمن بأننا سنجتاز هذه المرحلة الصعبة والدقيقة بفضل عزيمة جنودنا وإرادتهم وبدعم اللبنانيين والدول الصديقة".وكانت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي، أكدت خلال المؤتمر أن "الجميع معني بأن يبقى الجيش اللبناني قادراً على القيام بمهامه في المحافظة على الأمن والاستقرار".وقال وزير الدفاع الإيطالي لورينزو غويريني في كلمته، إن "علينا الاستجابة إلى حاجات الجيش اللبناني من خلال تأمين متطلبات الدعم الاساسي له".
دوليات
لبنان: تحرك «عبثي» في الشارع... والجيش ينال دعماً دولياً
18-06-2021