رسم ملتقى سامي المنيس الثقافي، في بيان أصدره أمس، خريطة طريق لحلحلة الأزمة السياسية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، مرتكزة على 7 محاور، على رأسها «معالجة الأزمة السياسية والتعاطي معها دون التشبّث بمواقف متشنجة، وإعادة الحياة إلى جلسات مجلس الأمة، وتفعيل دور اللجان البرلمانية، تلاها العمل على إصلاح النظام الانتخابي، ويمكن اعتماد قانون للجماعات والأحزاب السياسية التي تعتمد دستور البلاد مرجعية شمولية وتؤكد إيمانها بالدولة المدنية».

وقال الملتقى، في ختام البيان الذي استعرض أسباب الأزمة في بدايته وما تسببت به من تراجع وتعطيل العمل السياسي وإنجاز القوانين والمساس بالمال العام: «إننا في ملتقى سامي المنيس الثقافي نتطلع إلى صاحب سمو أمير البلاد وسمو ولي العهد، حفظهما الله، لاتخاذ القرارات الملائمة لتمكين البلاد من السير في دروب التنمية المستدامة».

Ad

أما المحاور الأخرى من خريطة الطريق، فارتكزت على «إصلاح الأوضاع الاقتصادية والتحرر من فلسفة الريع، وتأكيد أهمية التنمية البشرية، والعمل على إصلاح النظام التعليمي، والتعامل مع الرعاية الصحية بمهنية، كما أنه يتعين على الدولة أن تعيد النظر في سياسات الرعاية السكنية وتوفير آليات تتسم بالكفاءة، مثل تمكين المطورين العقاريين، وتكريس الجهود لتمكين القضاء من الاقتصاص من المتورطين كافة، وإعادة الأموال وتنفيذ الأحكام المستحقة بحقهم.

وجاء في البيان: "تستمر حال الانسداد السياسي في الكويت وتتعطل أعمال مجلس الأمة وتتبخر آمال المواطنين في إمكانية إصلاح أوضاع عديدة في البلاد مثل تعديل النظام الانتخابي وإصلاح الحياة الاقتصادية وترشيد السياسات المالية، بما يمكن من مواجهة المتغيرات في اقتصاديات الطاقة في عالمنا الجديد".

وأضاف البيان: يتضح من أزمة العلاقات بين الحكومة ممثلة بمجلس الوزراء ومجلس الأمة أن هناك سلبيات رافقت العمل بالدستور منذ إقراره عام 1962... لابد من قراءة الممارسات وتبيان القصور في الأداء المؤسسي وكيف يمكن تطوير العمل السياسي وربما تعديل عدد من مواد الدستور بما ينقل البلاد إلى حياة ديموقراطية حقيقية ومكتملة.

الحياة الدستورية

وتابع: "لكن لابد من الإقرار بأن البلاد خلال مسيرتها منذ بداية الحياة الدستورية عام 1961، وربما قبل ذلك، أي منذ بداية عصر النفط، اعتمدت سياسات اقتصادية واجتماعية عطلت التطور الثقافي اللازم لتعزيز مسيرة الديمقراطية في البلاد.. لاشك أن مخرجات الانتخابات على مدى العقدين المنصرمين قد كانت دون الطموحات واعتمد الأعضاء على مقترحات شعبوية ومواقف تعزز إمكانية إعادة انتخابهم دون تبنٍ لبرامج وسياسات إصلاحية تمكن من الانتقال إلى مستويات متحضرة وعصرية وتعزز الإصلاحات الاقتصادية والسياسية. ويضاف إلى ما سبق ذكره أن تشكيلات مجلس الوزراء المتعاقبة لم تساهم في تطوير إدارة سياسية قادرة على مواجهة الاستحقاقات والتعامل مع طروحات أعضاء مجلس الأمة الشعبوية".

الأزمة الراهنة

وأكد البيان أن الأزمة الراهنة ومنذ انتخابات مجلس الأمة الحالي في الخامس من ديسمبر الماضي لم تؤد فقط إلى تعطيل العمل السياسي وإنجاز القوانين والبرامج اللازمة لانتشال البلاد من التخلف الاقتصادي والتراجع في جودة التعليم والإخفاقات في ملفات الرعاية الصحية والرعاية السكنية، بل أدت إلى التجاوز على المال العام وتبني سياسات مالية تتسم بالهدر بالرغم من الشكوى من تراجع الإيرادات والعجز في الميزانية العامة للدولة.

ولفت إلى أن التوافقات بين الحكومة ومجلس الأمة مؤخراً من خلال الجلسات القليلة التي عقدت أكدت أن المال العام هو الضحية مثل ما حدث بشأن تأجيل سداد القروض دون مبررات منطقية أو تخصيص مبلغ يقدر بـ 600 مليون دينار لمكافآت الصفوف الأمامية، وأكدت، أيضا، أن هناك غياب للحصافة والمسؤولية لدى الطرفين، السلطة التنفيذية والتشريعية في التعامل مع المسائل ذات الصلة بالاقتصاد أو السياسات المالية، أما التنمية المستدامة فهي آخر ما يمكن للسلطتين التفكير فيه.

وتابع البيان: وفي ظل هذا التأزم والاهمال للإصلاح السياسي وتعديل الهياكل الاقتصادية وعدم إصلاح السياسات المالية أو مراجعة النظام التعليمي وغير ذلك من قضايا أساسية فإننا في ملتقى سامي المنيس الثقافي نؤكد أهمية تبني الحكومة ومجلس الأمة استراتيجيات واضحة.

وبعد أن استعرضها في 7 محاور، قال البيان: لابد أن هناك قضايا عديدة تستحق الاهتمام منها مسائل البيئة والتجنيس ومعالجة ملف البدون أو عديمي الجنسية، وحقوق الكويتيات وأبنائهن من غير المواطنين. وهي قضايا تستحق التعامل معها بأريحية وتتوافق مع ما تم اعتماده في البلاد المتقدمة وربما في عدد من الدول العربية والنامية.

المحاور السبعة

أولا: معالجة الأزمة السياسية والتعاطي معها دون التشبث بمواقف متشنجة وإعادة الحياة لجلسات مجلس الأمة وتفعيل دور اللجان البرلمانية للتعاطي مع مختلف مشاريع القوانين والبرامج المتعلقة باختصاصاتها.

ثانياً: العمل على إصلاح النظام الانتخابي بما يؤكد قدرة المواطنين على انتخاب الأعضاء دون التمترس بالقبلية والطائفية وتوفير آليات وأدوات سياسية تؤدي إلى تأهيل مرشحين إصلاحيين يهتمون بالقضايا الوطنية دون الخضوع للولاءات الضيقة. ويمكن اعتماد قانون للجماعات والأحزاب السياسية التي تعتمد دستور البلاد مرجعية شمولية وتؤكد إيمانها بالدولة المدنية.

ثالثا: العمل على إصلاح الأوضاع الاقتصادية، والتحرر من فلسفة الريع التي اعتمدتها البلاد على مدى العقود السبعة الماضية، وتأهيل القطاع الخاص للعب دور حيوي في النشاط الاقتصادي بما يعزز التنمية المستدامة.

رابعاً: التأكيد على أهمية التنمية البشرية، والعمل على إصلاح النظام التعليمي والارتقاء بجودة مخرجاته، وتعزيز برامج التعليم المهني الضرورية لتوفير عمالة وطنية في سوق العمل يمكن أن تضطلع بمهن ووظائف في مختلف الأنشطة الاقتصادية.

خامسا: التعامل مع الرعاية الصحية بمهنية وتوفير طاقم طبي فني وإداري بما يمكن من التعامل مع الأوبئة والجوائح والأمراض بتكاليف معقولة. كذلك لابد من اعتماد نظام تأمين شامل يغطي كافة المواطنين والمقيمين يعزز من القدرة على ضبط الإنفاق. أيضا، لابد من مراجعة برامج العلاج في الخارج وقصره على الحالات الصعبة أو المستعصية العلاج محلياً.

سادساً: يتعين على الدولة أن تعيد النظر في سياسات الرعاية السكنية وتوفير آليات تتسم بالكفاءة مثل تمكين المطورين العقاريين من توفير السكن المناسب للمواطنين ضمن شروط مناسبة وبعد تحرير الأراضي بما يمكن المواطنين من اقتناء السكن بتكاليف متهاودة وفي ذات الوقت تعزيز دور النظام المصرفي من توفير التمويل طويل الأجل من خلال أنظمة الرهن العقاري.

سابعاً: تظل مسألة الفساد السياسي والإداري من المعضلات الرئيسية المعطلة للحياة السياسية، ولذلك لابد من تكريس الجهود لتمكين القضاء من الاقتصاص من كافة المتورطين وإعادة الاموال وتنفيذ الأحكام المستحقة بحقهم.