«التثمين في الكويت» ما له وما عليه
بعد صدور كتابنا "التثمين في الكويت" وبالشراكة مع الصديق فهد الشعلة تلقينا العديد من الأسئلة وانهالت علينا التعليقات، منهم من ينتقد وآخر يستفسر ومنهم ما قدم لنا معلومات واقترح علينا إضافات تثري البحث وتكون ذات مرجعية. الكتاب أثار ذكريات الماضي وراح عدد من المعاصرين يروي لنا ما حصل معه أو مع والده أثناء فترة التثمين، وكانت هذه المعالجة سبيلاً جديداً لفتح صفحات أعادت أيام الزمن الجميل بالرغم من قساوة العيش لكنها زاخرة بالحيوية والتغيير الذي شهدته الكويت في عقدي الخمسينيات والستينيات. من الأفكار التي تنامت إلى مسامعنا وكان لها قيمة جاءت من الصديق والكاتب فيصل الزامل والذي استوقفه تعبير "توزيع الثروة" منبهاً إلى أن البعض صار لديه فهم خطأ من كثرة ترداد الجملة، وكأن هناك فئة من المواطنين حصلت على "امتيازات" دون غيرها، لكن الواقع يقول إن ما جرى هو عبارة عن استملاك مقابل أراض، ومن لم يملك بيتاً في تلك الحقبة، لم يستفد من التثمين في شيء، فالتثمين عملية كانت مقابل نزع الملكية، والدولة استفادت من هذه الحركة واشترت البيوت بأسعار متواضعة، ولو تأخر هذا القرار كما يقول الأستاذ الزامل إلى الستينيات لارتفعت التكلفة من بضعة ملايين إلى عدة مليارات، وتدفقت على الأسر ثروات طائلة لا بيوت للسكن فقط، تلك كانت وجهة نظر نحترمها تعبر عن رأي قائلها.
والموضوع لم ينته عند هذا الحد، وبعد أن آثرنا الابتعاد عن الخوض في أسماء المستفيدين وهو لم يكن أصلاً في الحسبان لأننا كنا مقتنعين أن التوثيق والتأريخ لتلك التجربة يحتاجان إلى معالجة هادئة دون الخوض في جوانب ليست من ضمن فصول الكتاب. ما عنينا به كان ذا شأن لدى الأخ حسين القطان (أبوبشار) رجل الأعمال وله صلة مباشرة بما وصلت إليه حال الأسواق التاريخية وما تعرضت إليه بعد مرحلة التثمين، ففي جلسة مطولة جمعتنا به قال: لكي تعرف موضوع الأسواق لا بد من الإحاطة بمخطط المهندس الإيطالي "بولوجوسو" الذي استعانت به حكومة الكويت في الستينيات، وقام بوضع التصميم لسوق المباركية والمنطقة المركزية و"الدهلة" وسوق الشعير والزل والحبال وواجف والصفافير وبقية الأسواق. هذا المخطط كان من شأنه منع عمليات الهدم وإيقاف إعطاء التراخيص المؤقتة، حفاظاً على الناحية التراثية والتاريخية وحتى لا يسمح لأحد بالمطالبة بتثمين البيوت القديمة والمحلات التجارية، وكذلك اشترط عدم قيام مبان جديدة في تلك المنطقة، وقبل هذا المخطط كان فيها بيوت سكنية، ومع افتتاح الشارع الجديد (شارع عبدالله السالم) تحولت إلى أسواق. ما فعله "أبوبشار" هو الآتي: قام باستئجار البيوت القديمة وعرضها للاستثمار بنظام "العَرَصَة" والمماثل حاليا لنظام "B.O.T" وراح يبني الدكاكين في الأسواق القديمة ومنها مطحنة الغانم والتي تحولت إلى دكاكين، تماماً كما اشترط نظام "بولوجوسو" الإيطالي، واقتصرت عمليات البناء على سرداب وأرضي وميزانين. وحكاية "أبوبشار" مع الاستثمار والتطوير العقاري، يعرفها أهل السوق والمهنة فهو من أوائل من تبنى نظام الـ"B.O.T" الذي لم يكن معروفاً جيداً في حينه وتحويل البيوت القديمة في منطقة "سكة الصوف" إلى محلات تجارية والبيوت القديمة والمتهالكة إلى قيصريات تحوي الدكاكين، مسألة فيها نظر. ومن المعلومات التي توافرت لدينا ونشرها "موقع دروازة الصفاة" الإلكتروني أنه في عام 1954 بدأت الحكومة بتوزيع البيوت بدءاً من الدسمة (464 بيتاً) وفي القادسية عام 1958 (666 بيتاً) وفي منطقة الشعب جرى التوزيع عام 1959 بـ (270 بيتاً) أما في الستينيات فالتوزيع كان في المنصورية (366 أرضا) والنزهة عام 1967 بـ (710 أراض) وفي خيطان عام 1968 بـ(110 أراض وبيوت). ما إن صدر الكتاب حتى انكب عليه "الشريك بالتأليف" د. فهد الشعلة وأبلغني في حينه عثوره على عدد من الأخطاء لا بد من تداركها في الطبعة المقبلة.. نظراً للحرص الشديد الذي أبداه وإيماناً منه بأن يخرج إلى القارئ خالياً من أي شوائب، سواء كانت لغوية أو تاريخية أو لها علاقة بالأسماء.. وإن كان أي عمل مهما بذلت فيه من جهداً لا بد وأن "تفلت" منك بعض الأخطاء، ولذلك كانوا بالماضي يضعون في نهاية الكتاب شيئاً يسمى "استدراك" بتصحيح الخطأ ورقم الصفحة، لكي يبنى على الشيء مقتضاه. والنظر بتصحيح الأخطاء ما زال معمولاً به في الجريدة الرسمية "الكويت اليوم" وفي مضابط مجلس الأمة التي تعرض على المجلس بعد مراجعتها وتصحيحها، ومن ثم اعتمادها والموافقة عليها، وإذا استلزم الأمر حذف جملة أو عبارة لا تتوافق مع اللائحة الداخلية، وكل كتاب ونحن وأنتم بألف خير.