للأيام وذكراها أهميتها في حياة الشعوب. ومع نشوء الدول القومية، صار مقياس أهمية الأيام بجعلها إجازة رسمية مدفوعة الأجر، وحسب "بي. بي. سي"، فإن الكويت وإيران تتربّعان على عرش العالم في أكثر أيام الإجازات الرسمية المدفوعة الأجر، بواقع 17 يوماً.

وفي أميركا تم أخيراً اعتماد 19 يونيو أو "جونتينث" عطلة فدرالية رسمية لذكرى انتهاء العبودية، وكان من قبله قد دار جدل أكبر في اعتماد مولد مارتن لوثر كنغ عطلة رسمية.

Ad

أما في الكويت وحتى نشأتها الحديثة في الخمسينيات، فقد كانت الأحداث تؤرخ بالسنوات، لا بالأيام، فيقال، مثلاً، إن فلاناً ولد سنة المجلس، أو سنة الطفحة، أو الهدامة، أو سنة الهيلق، أو البطاقة أو غيرها، إذ لم تكن هناك حينها تقاويم صالح العجيري، أطال الله في عمره.

استقلت الكويت في 19 يونيو 1961، ومع ذلك لا توجد أيّ ملامح لإحياء تلك الذكرى على الإطلاق حتى على المستوى الرمزي، وهي التي صارت الكويت بموجبها تدير شؤونها الخارجية، وكان أن واجهت أول أزمة مع عبدالكريم قاسم عند مطالبته بالكويت، وقدوم القوات البريطانية في عملية فانتج، وتقدّمت الكويت لعضوية الجامعة العربية، وحصلت عليها بدعم كبير من الملك سعود والرئيس جمال عبدالناصر، حتى جاءت القوات العربية لتحلّ محل القوات البريطانية، ولم تنجح في الانضمام للأمم المتحدة بسبب الفيتو السوفياتي.

استقلال الكويت كان حالة غير تقليدية على مستوى العلاقات الدولية، شهد فيها النظام السياسي الصغير تحديات كبيرة، وفيه الكثير من الدروس التي شكلت الكثير من هوية النظام الذي سيأتي بعد الاستقلال، والتي من المفيد إبرازها.

لسبب غير معلوم تتجاهل الأجهزة الرسمية، وحتى الشعبية، ذكرى الاستقلال، بل حتى وكالة كونا الرسمية للأنباء تكرر الخطأ في معلوماتها المنشورة عن تاريخ الاستقلال، والقول مثلاً إن انضمام الكويت لمنظمة "أوبك" تم بعد الاستقلال، مع أنها عضو مؤسس لـ "أوبك" مع إيران والعراق والسعودية وفنزويلا منذ 1960، أي قبل الاستقلال، مع تقديرنا لتواصلهم أخيراً بوعد تصحيح هذه الأخطاء على الموقع الإلكتروني.

استمرت الكويت في الاحتفال بيوم الاستقلال في موعده الرسمي، 19 يونيو، حتى عام 1964، إلى أن صدر مرسوم بدمج يوم الاستقلال بعيد جلوس الشيخ عبدالله السالم، ليصبح عيداً وطنياً، وجرى أول احتفال في 25 فبراير 1965 وكان يوم خميس، وألقيت كلمات بهذه المناسبة من الشيخ جابر الأحمد، وزير المالية، والشيخ صباح الأحمد، وزير الخارجية، وصالح عبدالملك الصالح، وزير البريد والبرق والهاتف، وعبدالله مشاري الروضان، وزير الأوقاف، يرحمهم الله جميعاً.

ليس المطلوب إجازة رسمية جديدة، لنحصل على المركز الأول في العالم بالإجازات الرسمية، لكن من المفترض أن يتم إحياء ذكرى يوم الاستقلال بما يستحقه وبما يعنيه، وبمعلومات صحيحة، ودون تجاهل شبه متعمد، إن لم يكن متعمداً بالأساس.

أ.د. غانم النجار