في أول مؤتمر له منذ فوزه في الانتخابات التي أجريت الجمعة الماضية، وضع الرئيس الإيراني الجديد الأصولي المتشدد إبراهيم رئيسي الخطوط العريضة لسياسته، أمس، مؤكداً أنها ستعطي الأولوية للشؤون الداخلية مع التركيز على تحسين العلاقات مع جيران طهران لاسيما المملكة العربية السعودية.ومن دون أن يتطرق للمحادثات الأخيرة التي جرت بوساطة عراقية لتحقيق تقارب بين الدولتين الخليجيتين اللتين قطعت العلاقات الدبلوماسية بينهما منذ مطلع 2016، قال رئيسي، إنه «لا عقبات من الجانب الإيراني أمام إعادة فتح السفارتين واستعادة الحوار والعلاقات مع الرياض».
لكن الرئيس الجديد دعا الرياض وحلفاءها إلى وقف «تدخلهم» في اليمن فوراً، متجاهلاً دعم طهران لجماعة «أنصار الله» الحوثية المتمردة المسيطرة على العاصمة صنعاء.
العالم و«النووي»
من جانب آخر، شدد رئيسي، الذي يشغل حالياً منصب رئيس السلطة القضائية، على أن بلاده تريد التفاعل مع العالم. وأضاف أن التعامل مع كل دول العالم سيكون من «مبادئنا وسياستنا الخارجية ستكون قائمة على التعامل الواسع والمتوازن مع العالم، ولن تكون مقيدة بالاتفاق النووي». وأوضح أنه سيدعم المفاوضات التي تضمن مصالح بلاده الوطنية، في إشارة إلى المباحثات النووية التي تجرى مع الدول الكبرى في فيينا بهدف إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 ورفع العقوبات التي فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على طهران بعد انسحابه من الصفقة الذرية عام 2018. وأضاف أن: «الاتفاق النووي يجب أن تحييه الدول الأوروبية التي لم تطبق الالتزامات والولايات المتحدة هي التي انتهكت الاتفاق».وطالب الأميركيين بأن «يعودوا إلى الاتفاق ويفوا بالتزاماتهم»، مضيفاً «ورسالتي للأوروبيين ألا ينصاعوا للضغط الأميركي».وشدد على أن حكومته لن تسمح للمفاوضات بأن تكون «استنزافية، ويجب أن يأتي كل اجتماع بشيء للأمة الإيرانية. المفاوضات يجب أن لا تكون من أجل المفاوضات فقط».وأعلن الرئيس الجديد الذي يخضع لعقوبات أميركية تتعلق باتهامات بارتكاب انتهاكات بحقوق الإنسان أن لا نية لديه للقاء نظيره الأميركي جو بايدن في حال سمحت محادثات فيينا، غير المباشرة بين واشنطن وطهران، بتخفيف العقوبات الأميركية عن إيران وبهدف «تسوية» المشكلات القائمة بين البلدين اللذين انقطعت العلاقات الدبلوماسية بينهما منذ أكثر من أربعين عاماً.وفضلاً عن أنه يُعارض فتح إيران أمام المستثمرين الأجانب، ويكيل الانتقادات للولايات المتحدة، أكد رئيسي أن تنفيذ «الاتفاق الشامل» مع الصين، المثير للجدل والذي يمتد ربع قرن، سيكون على أجندة الحكومة المقبلة.كما تحدث رئيسي عن موقفه من القضية الفلسطينية، قائلاً: «موقفنا هو أن يقرر الشعب الفلسطيني مصيره».دفاع وثقة
وعن العقوبات الحقوقية ضده، والتقارير عن الإعدامات الجماعية بحق أنصار وعناصر منظمة «مجاهدي خلق» المعارضة خلال فترة مسؤوليته، قال رئيسي:»لقد كنت مدافعاً عن حقوق الإنسان، منذ بداية مسؤوليتي كرجل قانون. وتابعت حقوق الإنسان في جميع مسؤولياتي».وبشأن السياسات الداخلية، قال الرئيس الجديد الذي ينظر له على أنه الخليفة المحتمل للمرشد الأعلى علي خامنئي (82 عاماً)، إنها ستتركز على تحسين الأوضاع المعيشية.وبين أنه «سيعمل على تغيير الأوضاع الداخلية عن طريق استبدال النظم الإدارية بأخرى ديمقراطية لكي تسير البلاد بطريق العدالة».وأردف قائلاً: «سنعمل على إعادة ثقة الشعب بالحكومة التي لن ترتبط بتيار خاص أو جهة خاصة، كل من ينبض قلبه للشعب والثورة الإسلامية زميلنا في العمل في أي نقطة في البلاد».ورداً على سؤال حول أول قرار سيتخذه كرئيس، قال رئيسي: «في اليوم الأول، سنأمر بالقضاء على كل أسس الفساد والمحسوبية»، مشدداً على أن «النظام الفاعل والسليم والقوي يستمد قوته من الكوادر الثورية التي تقوم بمكافحة الفساد».وامتدح رئيسي مشاركة الناخبين في الانتخابات الرئاسية الـ 13 التي شهدت أقل نسبة تصويت بتاريخ الجمهورية الإسلامية، معتبراً أنها «حملت رسالة الوحدة والانسجام والحفاظ على قيم الثورة». وختم الرئيس المنتخب بالإشارة إلى الإيرانيين في الخارج، متعهداً بتوفير ما يلزم لعودتهم، وحثهم على الاستثمار في بلدهم.ظريف وتفاؤل
في وقت سابق، التقى وزير الخارجية محمد جواد ظريف، الرئيس المنتخب وقدم له شرحاً حول تطور المفاوضات النووية الجارية في فيينا بين طهران مجموعة «4+1».في موازاة ذلك، أعرب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة عن تفاؤل طهران بشأن نتائج مفاوضات فيينا، التي توقفت أمس الأول، من أجل السماح للوفود المشاركة بالعودة إلى بلادها لإجراء مشاورات حاسمة، لافتاً إلى أن الجولة المقبلة من المباحثات يمكن أن تكون النهائية. ورغم ذلك جد المتحدث رفض بلاده قبول أي شروط إضافية، مؤكداً أنها لن تتراجع. وأشار إلى الحاجة لاتخاذ قرارات سياسية في هذه المرحلة من جانب الأطراف الأخرى لِيُمكنَ القول، إن العملية التفاوضية وصلت إلى نهايتها.وشدد خطيب زاده على ضرورة عودة واشنطن إلى الاتفاق إذا كانت قلقة من برنامج طهران النووي، مؤكداً أن الاتفاق ليس مرهوناً بخروج عدد من الشخصيات من قائمة العقوبات، في إشارة على ما يبدو إلى تقارير تحدثت عن تعقيدات تمنع إزالة اسم المرشد الأعلى علي خامنئي والرئيس الجديد من قائمة العقوبات الأميركية.في غضون ذلك، أفادت تقارير بأن السلطات الإيرانية دخلت مرحلة دراسة الاتفاق الذي تبلور في فيينا عبر تشكيل لجنة من أعضاء البرلمان والحكومة ومجلس الأمن القومي. إلى ذلك، ذكرت المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية أن محطة بوشهر النووية أغلقت مؤقتاً إثر «عطل تقني» ليل الأحد - الاثنين.وأفادت بأن الإغلاق تسبب بتوقف إنتاج الكهرباء بالمحطة النووية الوحيدة بالبلاد، من دون تحديد طبيعة المشكلة.