شهدت فترة انعقاد معاهدة الحماية البريطانية للكويت مواقف زاهية بين البلدين، واستفادت الكويت من العلاقة البريطانية في توفير حماية ومساندة في أزمات خارجية مختلفة مثلما حصل 1901 عند إرسال الدولة العثمانية الطراد العسكري (زحاف) لإنزال كتيبة جنود في الكويت، وكما حصل 1920 في حرب الجهرة (الجهراء) و1928 في معركة الرقعي وحتى 1961 عند الاستقلال مباشرة بعد مزاعم الرئيس العراقي عبدالكريم قاسم، كما أن بريطانيا توافقت مع الدولة العثمانية قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى 1913 على ترسيم حدود الجزيرة العربية ووثقت حقوق الكويت في مناطق نفوذها بعهد الشيخ مبارك والاتفاقية مشهورة ومنشورة ولكن حالت الحرب العالمية دون اعتمادها من الأطراف المختلفة.شهدت أيضاً مدة سريان معاهدة الحماية البريطانية للكويت إخفاقات واضطرابات عميقة وإن تجاوزها الطرفان، أبرزها ما قامت به بريطانيا في 1918 من فرض رقابة وحصار تجاري على موانئ الكويت بسبب شكوكها في دعم الكويت للدولة العثمانية في الحرب بواسطة تهريب البضائع مع القوافل التجارية المتجهة للشام.
من أبرز الإخفاقات في علاقة الكويت ببريطانيا معاهدة العقير لترسيم الحدود الثلاثية 1922 بين الكويت والعراق والسعودية، حيث تراجعت بريطانيا عما سبق اعتماده من الحدود الكويتية في سنة 1913، ولم تحسن بريطانيا تمثيل الحقوق الكويتية آنذاك.ومن بين 20 معتمداً بريطانياً أقام في الكويت خلال فترة المعاهدة فإن فترة العقيد جيرالد سبمسون ديكوري (1936-1939) تعتبر الأسوأ بسبب تدخلاته الكريهة في الشأن المحلي واتصالاته المشبوهة مع حاكم العراق الملك غازي، ومحاولته استغلال الحركة الوطنية الناشئة في الكويت حتى اعتبر ديكوري شخصاً غير مرغوب فيه في البلاد، فتم إبعاده بسبب ممارساته السياسية المرفوضة *.ظلت كثير من القضايا المحلية في الكويت رهينة بالموافقة البريطانية خلال فترة معاهدة الحماية سواء كانت قضايا بسيطة ظاهرياً مثل إقامة المستشفى الأمريكاني في عهد الشيخ مبارك الصباح أو كبيرة مثل السماح لافتتاح قنصلية أميركية كما في عهد الشيخ عبدالله السالم، أو أحوال غريبة مثل استمرار الولاية القضائية البريطانية على الأجانب داخل الكويت، فلا يخضعون للقضاء الكويتي ثم القضية الأكبر طبعاً وهي الثروة النفطية والاستثمارات الكويتية وخطة التنمية الأولى في البلاد في الخمسينيات **.خلال المراحل التعليمية الأولى في الكويت وحتى المرحلة الثانوية لا تقدم لنا مناهج وزارة التربية التاريخ الكويتي كما يجب تاريخياً وعلمياً ووطنياً، وقد تم اختصار واختزال كثير من أحداث الكويت العظيمة، كما أن سيرة الشخصيات الوطنية التي ساهمت في بناء الوطن شبه معدومة، فضلاً عن التوثيق الدقيق لأحداث وبطولات غزو الكويت وتحريرها، وهذا المنهج التاريخي القاصر والعقيم ينطبق بالتأكيد على تاريخ العلاقات الكويتية البريطانية خلال 120 عاماً، حيث لا نسمع عنها سوى يوم توقيع الاتفاقية ويوم إلغائها، وما بينهما وبعدهما واراه الستر والمجاملة وأمور أخرى، والله الموفق.* مجلة تراثنا- مركز المخطوطات والتراث والوثائق- العدد 3 أكتوبر 2018.** الكويت 1945-1996 رؤية إنكليزية- أميركية. (مريم جويس).
مقالات
1961-1899 الكويت وبريطانيا... الجانب الآخر (2)
24-06-2021