«كش ملك»
العملية السياسية في العالم كله لا ترتبط بالعمل البرلماني الذي يكون فيه العمل حزبياً منظماً تشارك فيه الشعوب الحية من خلال إيصال صوتها لمن تثق بهم فقط، بل تعتمد من جهة أخرى على تعبئة الرأي العام والشارع لقضايا تهم البلاد والعباد، فأين نحن من هذا كله؟!
الأحداث المتتالية والمؤدية الى جلسة أمس الأول كشفت لنا نمطاً جديداً لخصومة الحكومة مع نواب الأغلبية أو بالأصح خصومة الحكومة ضد الشعب، وتفريغ الدستور من محتواه ليصبح المجلس فعليا مجلساً للشورى، ولكن بطعم ونكهة مجلس للشعب يمارس دوره من خلال بيت الأمة بنكهة لجنة من لجان مجلس الوزراء لا أكثر!الأحداث لا يمكن وصفها إلا بالابتزاز السياسي، تارة لتمرير جلسة الميزانية بأي طريقة كانت، وتارة باستخدام تكنيك آلية التصويت وحساب الممتنع والمعارض، وكل ذلك بالرغم من كل المثالب الدستورية التي تغلب على تحويل تلك الجلسة من عامة إلى خاصة وبالرغم من كشف أعضاء من الكتلة النيابية زيف ادعاءات الحكومة (ونوابها) بأن الجلسة يرتبط بها إقرار ابتعاث وتوظيف طلبة ومواطنين، وهذا ما فنده أيضاً النائب د. بدر الملا وكشف زيف تلك الادعاءات يقيناً بيناً، ومن بعد فحص بنود الميزانية السابقة التي من المفترض أن يعمل بها دستوريا. كما أزيد أنا شخصيا التالي: ماذا لو تم إقرار الميزانية في الجلسة بشكل طبيعي واعتيادي سلس؟ أولم يحصل هذا لسنوات عدة وأبناؤنا ما زالوا دون وظائف يجلسون في البيوت، وهم خريجو أرقى الجامعات وبأفضل التخصصات؟! فالموضوع أعمق وأعظم أصلاً!
باختصار السيناريو كان إما أن يحصن رئيس الحكومة من المساءلة أو تستمر لعبة الكراسي الموسيقية، ويزعل أعضاء الفريق الحكومي الذي مارس دوره من باب المجلس وليس جالسا على كراسيه المعتادة هذه المرة!الشعب الكويتي الحر انتخب نواباً ليقتصوا له مطالبه، وليس للعمل كموظفين في الحكومة يأتمرون بأمرها، بل ليعملوا على الحفاظ على الدستور مادة مادة والذي هو بالأصل دستور حد أدنى وجب تعديله! وما دامت العملية عددية فردية لا حزبية واضحة المعالم داخل البرلمان فسنشاهد سيناريوهات و"تكتيكات" سياسية من الحكومة على هذا الشكل وأكثر في المستقبل القريب. العملية السياسية في العالم كله لا ترتبط بالعمل البرلماني الذي يكون فيه العمل حزبياً منظماً تشارك فيه الشعوب الحية من خلال إيصال صوتها لمن تثق بهم، فلا إشكال في تصويت، ويمكن مراقبة الحكومة "المنتخبة" وتتشكل معارضة لها من خلال الأقلية وهكذا فقط، بل تعتمد العملية السياسية من جهة أخرى على تعبئة الرأي العام والشارع لقضايا تهم البلاد والعباد، فأين نحن من هذا كله؟! المسألة الآن أصبحت مقفلة واللعبة وصلت الى آخر شوط في دور الانعقاد، ونحن وفي أي لحظة بانتظار الحكومة "المحصنة" لتنقض على جيوبنا وبشراسة كذلك. على الهامش: آلاء الصديق، لذكراك الخلود ولروحك السلام الأبدي.