بعد أقل من 3 أشهر على تفجير وقع بمنشأة نظنز النووية، واتُّهمت إسرائيل بتنفيذه بالتزامن مع تقدّم المباحثات التي تخوضها طهران والقوى الكبرى في فيينا، سعياً لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، أعلنت السلطات الإيرانية إحباط عملية تخريب استهدفت أحد مباني منظمة الطاقة الذرية أمس، وذكرت أن الاعتداء لم يسفر عن أي أضرار مادية أو بشرية.وأضافت: «نظراً إلى الإجراءات المتخذة لحماية الأماكن العائدة إلى منظمة الطاقة الذرية، تم تحييد عملية هذا الصباح قبل أن تضّر بالمبنى، ولم يتمكن المخربون من متابعة مخططهم».
وأشارت تقارير إلى أن السلطات فتحت تحقيقا للوقوف على ملابسات الهجوم الذي نُفذ بواسطة طائرة مُسيّرة (درون)؛ وتحاول السلطات معرفة هوية المتورطين في الهجوم على المنشأة الواقعة بمدينة كرج التي تبعد نحو 20 كلم عن العاصمة.في غضون ذلك، ترددت أنباء حول استهداف مسيّرة مفخخة لمبنى آخر يتبع منظمة «بركت»، التي تصنّع اللقاح الإيراني المحلي المضاد لفيروس كورونا دون تأكيد رسمي.ويأتي ذلك، بعد أقل من 3 أيام على إعلان المنظمة الإيرانية، وقف العمل «بضعة أيام» في محطة بوشهر للطاقة النووية، لأسباب يُعتقد أنها مرتبطة بأعمال صيانة دورية أو إصلاح أعطال، لكنّ السلطات قدّمت تفسيرات متباينة بشأنها.وفي أبريل الماضي، اتهمت إيران إسرائيل بتنفيذ هجوم على منشأة نطنز النووية الرئيسية. وردت طهران على «تخريب نطنز» برفع تخصيب اليورانيوم إلى 60 بالمئة، وهو ما يقرّبها من «صناعة الأسلحة الذرية».
فشل صاروخي
بموازاة ذلك، قال مسؤولون عسكريون أميركيون إن وزارة الدفاع (البنتاغون) رصدت محاولة إيرانية فاشلة لإطلاق صاروخ يحمل قمراً اصطناعياً إلى المدار، يوم 12 الجاري.ولم تحدد «البنتاغون» سبب فشل الإطلاق، وفي أي مرحلة حصل الفشل، حيث وقع في السابق انفجار للأقمار التي سعت إيران لإرسالها إلى الفضاء، إما على منصة الإطلاق أو في مرحلة لاحقة، في حوادث أكدت مصادر لـ «الجريدة»، في وقت سابق، أن السلطات الإيرانية تشتبه بأنها مدبرة من «الموساد» الإسرائيلي. ورصدت صور الأقمار الاصطناعية نشاطاً متزايداً بمقر «الإمام الخميني» الفضائي في الأيام الأخيرة، بما يشير إلى استعداد لمحاولة إطلاق أخرى في الأيام أو الأسابيع المقبلة.إمكانية وفرصة
في هذه الأثناء، أكد الرئيس الإيراني المنتهية ولايته، حسن روحاني، أنه «يمكن لطهران منذ اليوم، منح الصلاحيات لكبير المفاوضين، عباس عراقجي، ليذهب إلى فيينا ويوقّع الاتفاق لإلغاء العقوبات».وقال روحاني: «تم حلّ الخلافات الأساسية في فيينا، وإذا أرادوا، يمكننا رفع العقوبات منذ اليوم». ورأى أن «حكومته أدت واجبها في المفاوضات، وأنّ هناك تعقيدات سياسية لا يريد الخوض فيها الآن». بموازاة ذلك، أفاد رئيس مكتب روحاني، محمود واعظي، بأنه تم التوصل إلى اتفاق على رفع إدارة الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن «كل عقوبات التأمين والنفط والشحن التي فرضها ترامب». وأضاف أنه «سيتم رفع حوالي 1040 من العقوبات التي تعود إلى عهد ترامب، بموجب اتفاق فيينا 2». كما تم الاتفاق على رفع بعض العقوبات على أفراد وأعضاء في الدائرة المقرّبة من المرشد الأعلى علي خامنئي.وتزامن ذلك مع تأكيد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، خلال مؤتمر مشترك مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، في برلين، أن هناك «فرصاً جيدة» للتوصل إلى اتفاق حول «النووي» الإيراني.وقال ماس: «نتقدم خطوة خطوة في كل جولة من المفاوضات، ونفترض أنه في سياق الانتخابات الرئاسية الإيرانية، هناك فرص جيدة لإنجازها في مستقبل منظور»، في إشارة إلى فوز الأصولي المتشدد إبراهيم رئيسي بالانتخابات التي أجريت الجمعة الماضية.حجب إعلامي
وفي وقت تصرّ طهران على فصل مسارات التفاوض مع الغرب بشأن البرنامج النووي والتسلح الباليستي ودعم الجماعات المسلحة في المنطقة، ندد المتحدث باسم «الخارجية»، سعيد خطيب زادة، بمصادرة واشنطن عشرات المواقع الإعلامية المرتبطة بـ «محور المقاومة»، الذي يشمل إيران وحلفاءها في المنطقة. ووصف زادة الخطوة، التي تم الكشف عنها ليل الثلاثاء ـ الأربعاء، بأنها محاولة منهجية من قبل الولايات المتحدة لتقويض حرية التعبير العالمية وإسكات الأصوات المستقلة.واعتبر أن إغلاق المواقع الإلكترونية لوسائل الإعلام التابعة لطهران أو المرتبطة بها، هو خطوة «غير بناءة» في ظل خوض الطرفين مباحثات غير مباشرة في فيينا. وليل الثلاثاء ـ الأربعاء، أعلنت وزارة العدل الأميركية «الاستيلاء» على 33 موقعاً لوسائل إعلام إيرانية وثلاثة مواقع لـ «كتائب حزب الله» العراقية، كانت تستضيفها نطاقات تملكها واشنطن، في انتهاكات للعقوبات المفروضة من قبلها على الجمهورية الإسلامية.وبررت الوزارة الإجراءات بأنها تأتي في إطار ممارسة الصلاحيات الرئاسية بوجه «تهديد استثنائي».وتضمّنت قائمة الحجب عدة وكالات وقنوات تلفزيونية منها «برس تي في» و»العالم» و»المسيّرة»، التابعة لحركة «أنصار الله» اليمنية المتمردة وقناة «اللؤلؤة» البحرينية المعارضة.حزن وتحفّظ
في السياق، علّق الرئيس الإيراني المنتهية ولايته على أسباب تدني نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي شهدت أقل معدل تصويت في تاريخ الجمهورية الإسلامية، وقال: «شعرت بالحزن لأنّ نسبة الإقبال بلغت 48 لا 58 بالمئة»، لكنّه أعطى الأولوية لأمور أخرى، مثل «حفاظ النظام» على حساب الانتخابات، وبشّر بأن حكومة رئيسي لن تكون محسوبة على أيّ فصيل معيّن.من جهته، توجّه الرئيس الإيراني المنتخب، إلى ضريح الإمام الرضا بمدينة مشهد، لإلقاء خطابه أمام عشرات الآلاف من أنصاره. وقال رئيسي إنه سيحارب الفساد، وسيحاول تحسين الوضع الاقتصادي، و«تحريك إيران على مسار أصولي أكثر تحفظاً».وفي وقت سابق، عقد الرئيس المنتخب اجتماعه الثاني مع روحاني، أمس، ضمن خطوات لنقل السلطة بحلول الثالث من أغسطس المقبل.