أفغانستان: خصوم «طالبان» يتسلحون لوقف تمددها

نهب وتخريب بعد سيطرة الحركة على الحدود مع طاجيكستان... وروسيا تتوقع حرباً أهلية

نشر في 24-06-2021
آخر تحديث 24-06-2021 | 00:04
مئات المدنيين يحملون السلاح لدعم القوات المسلحة بمواجهة «طالبان» في كابول أمس                                                                        (رويترز)
مئات المدنيين يحملون السلاح لدعم القوات المسلحة بمواجهة «طالبان» في كابول أمس (رويترز)
بدأ خصوم «طالبان» وعدد كبير من المدنيين الأفغان بحمل السلاح لوقف تمدد الحركة ميدانياً بالتوازي مع انسحاب القوات الأميركية والأطلسية التي أسقطت قبل 20 عاماً نظام الحركة، التي فرضت رؤية متشدة للحكم الإسلامي على الأفغان، وقدمت المأوى لعدد كبير من الجماعات الإرهابية المتشددة.
مع تمدد حركة "طالبان" الميداني بمواكبة بدء انسحاب القوات الأميركية والأطلسية، والمخاوف من تمكن الحركة الإسلامية المتشددة من استعادة السيطرة على البلاد كاملة، حمل الآلاف من المدنيين الأفغان الأسلحة لدعم القوات المسلحة في حربها ضد الحركة.

وخلال الأيام الثلاثة الماضية، بدأ العديد من الأحزاب السياسية والساسة الأفغان والقادة السابقين المناهضين للحركة في حشد أنصارهم، في حين يحاول البعض إبعاد المتمردين عن مناطقهم.

وقال غلام رباني، السياسي من إقليم قندوز بشمال البلاد، إنه حمل سلاحه لمنع "طالبان" من السيطرة على عاصمة الإقليم. وأضاف: "نريد دعم قواتنا الأمنية والدفاع عن شرفنا وهويتنا وحرياتنا وحقوقنا".

ويأتي حشد القوات عقب أن سيطر مسلحو "طالبان" على العشرات من المناطق واحدة تلو الأخرى خلال الأسابيع الماضية، ما أضطر القوات الحكومية للفرار أو تسليم أسلحتهم ومعداتهم.

وحذرت "طالبان" أمس، من أنها ستكون "حازمة" في التعامل مع الذين يقومون بتسليح المواطنين.

وسيطرت على ما لايقل عن 68 منطقة منذ بداية الانسحاب الرسمي للقوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي في الأول من مايو الماضي.

وأكد مسؤولون محليون أمس، سيطرة الحركة على خمس مناطق خلال الـ 24 ساعة الماضية في أقاليم غازني وباكتيا وباداخشان.

ووفقاً لبيانات الأمم المتحدة، فإن ما لايقل عن 54 ألف شخص نزحوا داخل البلاد منذ بداية انسحاب القوات الدولية.

وفي أول تعقيب أمس، على الوضع، تعهّد وزير الدفاع بسم الله خان محمدي "بالدفاع عن أفغانستان بأي ثمن". وقال في بيان "لن ندع طالبان تواصل تنفيذ مخططاتها الشريرة لفرض نظامها غير الشرعي على الشعب".

وعلى الأرض، ما زالت "طالبان" تسيطر على معبر شير خان الرئيسي على الحدود مع طاجيكستان، الذي يعد محوراً أساسياً لمرور البضائع مع آسيا الوسطى والذي سقط خلال هجوم استمر ساعة واحدة، أمس الأول.

وأعلن عمرو الدين والي، عضو مجلس ولاية قندوز، أن "طالبان تسيطر على شير خان ولا أرى أي تحرُّك من الحكومة لمحاولة استعادته"، متحدثاً عن إطلاق نار حول قندوز عاصمة الولاية في شمال شرقي البلاد.

من جانبه، قال مسعود وَحدت، الناطق باسم غرفة التجارة والصناعة، إن 150 شاحنة محمّلة بالبضائع كانت تنتظر في شير خان وقت الهجوم، مشيراً إلى عمليات نهب وتخريب.

وأوضح: "لدينا معلومات من موظفينا في المنطقة تفيد بأن طالبان صادرت جميع البضائع والسلع في المعبر الحدودي. وأنهم دمروا مكاتب الجمارك وحتى أخذوا أجهزة التكييف".

لكن الناطق باسم الحركة المتطرّفة ذبيح الله مجاهد ندّد بما وصفه بأنه "أخبار دعائية"، مؤكداً أن "المجاهدين يسيطرون بشكل كامل على شير خان ونحن نعمل على استئناف العمليات".

من جهته، أعلن التلفزيون الرسمي الطاجيكي، أمس، إن 134 جندياً أفغانياً فروا من الهجوم، ولجأوا إلى الأراضي الطاجيكية، مضيفة أن "حرس الحدود الطاجيكي التزم بمبادئ الإنسانية وحسن الجوار، وسمح للجنود الأفغان بعبور الحدود من دون أي عوائق".

وفي حادثة أخرى، قال مسؤولون حكوميون، إن مسلحين يشتبه في أنهم من مقاتلي "طالبان" أطلقوا قذيفة على مستشفى، أمس، مما أسفر عن حريق أحدث دماراً واسعاً وأتى على لقاحات مضادة لمرض "كورونا".

لكن ذبيح الله مجاهد نفى مسؤولية الحركة عن الهجوم على المستشفى، الواقع في إقليم كونار الشرقي، والذي قال مسؤول الصحة بالإقليم إنه تسبب في خسارة إمدادات مهمة.

زيارة غني و«سنتكوم»

وفي واشنطن، وعشية زيارة الرئيس الأفغاني أشرف غني للبيت الأبيض، قال الناطق باسم وزارة الخارجية نيد برايس للصحافيين، "نحض الأطراف على إجراء مفاوضات جديّة لتحديد خريطة طريق سياسية من أجل مستقبل أفغانستان". وأضاف: "نواصل الدعوة إلى إنهاء اعمال العنف الحالية والتي تتسبب طالبان بقسم كبير منها".

وأفادت القيادة الوسطى في الجيش الأميركي (سنتكوم) في بيانها الذي يتم تحديثه وتنشره أسبوعياً، بأن عملية انسحاب القوات الأميركية اكتملت بنسبة تجاوزت الـ 50 في المئة.

وأشارت إلى أن الولايات المتحدة سلمت ست منشآت إلى وزارة الدفاع الأفغانية، وتتوقع تسليم قواعد ومعدات عسكرية إضافية في المستقبل، ما يدعم قوات الأمن والدفاع الوطنية الأفغانية.

موسكو

وفي روسيا المجاورة، دق وزير الدفاع سيرغي شويغو الحليف القوي للرئيس فلاديمير بوتين ناقوس الخطر وتوقّع نشوب حرب أهلية في أفغانستان بعد انسحاب القوات الأميركية والأطلسية.

وفي كلمته خلال الدورة التاسعة من مؤتمر موسكو للأمن الدولي، قال شويغو، إن "الناتو"، وخلال وجوده في هذا البلد طيلة 20 عاماً أخفق في تحقيق أي نتيجة ملموسة في تشكيل مؤسسات الدولة الراسخة.

أضاف:"من المتوقّع مع الدرجة العالية من الاحتمالية أن تستأنف الحرب الأهلية في أفغانستان بعد انسحاب قوات الناتو، مع ما يجلبه ذلك من التبعات السلبية، منها استمرار تدهور مستوى معيشة الناس والهجرة الجماعية وامتداد التطرّف إلى دول مجاورة".

من ناحيته، قال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف، إن "تطور الأوضاع في أفغانستان مع سحب العسكريين الأميركيين وغيرهم من هذا البلد أمر محط اهتمامنا البالغ وقلقنا. لدينا جنودنا من حرس الحدود في طاجيكستان، وهي دولة أخرى قريبة وشريكة لنا. والحقيقة أن ظهور بؤرة جديدة من التوتر والتهديد أمر يثير قلقنا".

back to top