كابول قد تسقط في يد «طالبان» خلال 6 أشهر
محادثات أميركية - تركية حول تأمين مطار العاصمة الأفغانية
بدأ الرئيس الأفغاني أشرف غني، أمس، زيارة الى واشنطن، بينما خلص تقرير للاستخبارات الأميركية إلى أن الحكومة الأفغانية والعاصمة كابول، قد تسقطان بيد "طالبان" في غضون 6 أشهر، بمجرد اكتمال الانسحاب الأميركي من البلاد في 11 سبتمبر المقبل.ويستبعد التقرير الذي نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية أمس الأول، التقييمات الأكثر تفاؤلا التي تم إجراؤها في وقت سابق، بعدما حققت "طالبان" تقدماً كبيراً ضد الحكومة الأفغانية الأسبوع الماضي.في المقابل، شدد خبراء أميركيون على ضرورة عدم المبالغة في تقدير إمكانات "طالبان". ورأى المحلل في مجموعة الأزمات الدولية، مستشار الأمم المتحدة السابق في أفغانستان، أندرو واتكينز "أن سقوط كابول ليس وشيكاً، حيث إن طالبان ليست أداة ساحقة لا يتعذّر قهرها".
ويقول المستشار السابق في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) كارتر مالكاسيان: "إذا شهدنا سقوط مدن مثل قندهار أو مزار الشريف، حينها سيساورني القلق من سقوط كابول".على المستوى الرسمي، شددت الناطقة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، على أن الولايات المتحدة لم تشهد أي زيادة للعنف ضد قواتها هناك منذ فبراير 2020، بينما قلّل رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال مارك ميلي خلال إدلائه بشهادته أمام "الكونغرس"، من أهمية التقدم الذي أحرزته "طالبان". وقال: "هناك 81 مركزاً محلياً نعتقد أنها تخضع حاليا لسيطرة طالبان، لكن هذا من أصل 419 مركزا". وأضاف: "لا توجد عاصمة تابعة لأحد أقاليم أفغانستان خاضعة لسيطرة الحركة"، مشيراً إلى أن "كابول تملك قوة عسكرية قوامها 300 الف عنصر، مهمتهم الدفاع عن بلادهم".وقال مسؤولون أميركيون، أمس، إن إدارة بايدن ستجلي مجموعة من المترجمين الفوريين والتحريريين الأفغان خارج البلاد قبل أن يكمل الجيش الأميركي انسحابه، حتى يتمكنوا من استكمال إجراءات استخراج التأشيرات بأمان.ولم يكشف المسؤولون عن مكان إرسال الأفغان أو عدد من سيتم إجلاؤهم، لكنّهم قالوا إن المجموعة تتكون بالكامل من الأفغان الذين بدأوا بالفعل عملية استخراج التأشيرات.وقال مسؤول أميركي "إذا أصبح ذلك ضروريا، فسننظر في خيارات نقل أو إجلاء إضافية".ومن المقرر أن يستقبل الرئيس الأميركي جو بايدن غني اليوم. ويقول مقربون من السلطة إن الرئيس غني بات منفصلا عن الواقع، ومعزولا في القصر الرئاسي، وليس هناك أي أصدقاء الى جانبه. ويؤكد دبلوماسي غربي، رفض الكشف عن اسمه، أن الرئيس "لم يعد يستمع سوى الى ثلاثة أو أربعة أشخاص بينهم مدير مكتبه ومستشاره للأمن القومي، وبالطبع زوجته".ويضيف: "هناك الوضع التقليدي للقصر، لكن هناك أيضا العامل الشخصي مع غني، لأنه يرتاب من كل الناس".ولا يزال الرئيس الأفغاني يأمل في إقناع "طالبان" بقبول دور في حكومة وحدة وطنية مؤقتة تهدف إلى تمهيد الطريق لإجراء انتخابات. لكن يبدو أن المتمردين الذين شجّعتهم نجاحاتهم العسكرية، ليس لديهم أيّ نية بالمضي أبعد في المفاوضات، بل يعتزمون استعادة السيطرة على البلاد وفرض نفس النظام الأصولي الذي كان قائما أثناء حكمهم بين 1996 و2001، وقد سعوا في الآونة الأخيرة للطمأنة، مؤكدين أنهم سيحافظون على "حقوق كل مواطني هذا البلد، رجالا ونساء، في ضوء تعاليم الإسلام وتقاليد المجتمع الأفغاني".لكن نهجهم المحافظ يخيف بعض شرائح المجتمع.ويعتزم كل الأفغان الذين لديهم الإمكانات المالية مغادرة البلاد، في حين أن العديد من كبار المسؤولين أرسلوا أساسا عائلاتهم الى الخارج، وتركيا هي الوجهة المفضلة.كما تعمل الولايات المتحدة ودول حلف الأطلسي الأخرى على منح تأشيرات دخول للأفغان الذين عملوا معهم خشية أن تعتبرهم حركة طالبان خونة، في حين تقول "طالبان" إنه لا داعي لكي يقلقوا إذا تابوا، كما تبدي استعدادها لضمان أمن الدبلوماسيين والعاملين في الوكالات الإنسانية.لكن العالم لا يزال يذكر سلوكها الوحشي حين سيطرت على كابول عام 1996 ولا يثق بها أبدا.إلى ذلك، التقى مسؤولون عسكريون أميركيون وأتراك في العاصمة أنقرة، أمس، لمناقشة خطط القوات التركية مواصلة تأمين مطار كابول بعد انسحاب الولايات المتحدة وقوات حلف ناتو الأخرى من أفغانستان.وعرضت تركيا، العضو الوحيد في "ناتو" الذي تقطنه أغلبية مسلمة، حماية وتشغيل مطار حامد كرزاي الدولي (البوابة الرئيسية لأفغانستان)، بعد انسحاب قوات التحالف من البلاد.وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الأسبوع الماضي بعد اجتماع مع الرئيس الأميركي جو بايدن، إن تركيا تبحث عن "مساعدة دبلوماسية ولوجستية ومالية" من الولايات المتحدة لحماية المطار وتشغيله. وأضاف أن تركيا تريد أيضا مشاركة باكستان والمجر في المهمة.من جانبه، قال وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، إن وفدا فنيا من الولايات المتحدة وصل إلى أنقرة لإجراء محادثات.وأضاف أكار، أمس: "سنواصل تحمُّل مسؤولية تشغيل مطار حامد كرزاي الدولي، وهو ما كنا نقوم به منذ 6 أعوام، إذا تم استيفاء الشروط اللازمة. المناقشات مستمرة حول هذا الملف. لم يتم التوصل إلى قرارات في الوقت الحالي، ونريد تحقيق أفضل نتيجة لمصالح بلادنا، ومصالح أفغانستان، هذا ما نعمل من أجله، وهدفنا هو مواصلة العمل من أجل الأمن والسلام والرفاهية لأشقائنا الأفغان".