قوبلت الدعوة التي اقترحتها ألمانيا وفرنسا قبل قمة تستضيفها بروكسل على مدى يومين لعقد لقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باعتراض شديد من بعض الدول التي لا تثق في الكرملين.وتشكل العلاقات المتوترة مع الجارة الشرقية للتكتل واحدة من أكثر التحديات الأكثر أهمية التي يتعين على القادة الـ 27 معالجتها خلال قمتهم التي انطلقت أمس، وتنتهي اليوم.
وحذّر مسؤول الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الأسبوع الماضي من أن العلاقات بين الجانبين في طريقها لمزيد من التدهور. إلا أن دول التكتل منقسمة بشأن كيفية التعامل مع موسكو.
ميركل
وبعد أسبوع من القمة التي جمعت في جنيف الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي جو بايدن، وعلى وقع التوتّر الأخير في البحر الأسود، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل: "لا يكفي أن يتكلّم الرئيس بايدن إلى الرئيس الروسي. على الاتحاد الأوروبي أيضاً أن يقيم صيغاً مختلفة للتحادث مع موسكو". وأضافت: "يتعين علينا وضع آليات لنكون قادرين على الرد معاً وبالاجماع على الاستفزازات الروسية".ماكرون
من ناحيته، أعلن الرئيس الفرنسي فور وصوله إلى القمة في بروكسل، أنّ "الحوار مع روسيا ضروري لاستقرار أوروبا لكنّه يجب أن يكون طموحاً وحازماً بشكل لا نتنازل عن شيء على صعيد قيمنا ولا مصالحنا". وأشار إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن التقى بوتين، رغم أنه بعيد جغرافياً عن روسيا والاتحاد الأوروبي.وقال ماكرون، إن عقد أول قمة مع بوتين منذ يناير 2014 ستكون فرصة للحوار". وأضاف "لا يسعنا أن نظل أسرى منطق رد الفعل فحسب عندما يتعلق الأمر بروسيا. آمل أن نتمكن، بوحدة وتنسيق أوروبيين حقيقيين، من إجراء هذا الحوار".الدب والعسل
إلا أن دولاً أخرى شككت في هذا النهج وحضّت على توخي الحذر.في هذا السياق، قال رئيس ليتوانيا غيتاناس نوسيدا: "لا نرى أي تغير جذري في نمط سلوك روسيا، وإذا ما بدأنا في الانخراط معها من دون أي تغيرات إيجابية في سلوكها". وأضاف: "يبدو لي أننا نحاول إشراك الدب للمحافظة على جزء من العسل".من ناحيته، أعرب رئيس الوزراء الهولندي مارك روته عن عدم معارضته من حيث المبدأ التعامل المباشر مع روسيا، ولكنه أضاف أنه لن يحضر مثل هذا الاجتماع.ومن بين القادة الأكثر دعماً للحوار المباشر مع بوتين المستشار النمساوي زباستيان كورتس، الذي قال إن الوقت حان لعقد مثل هذا الاجتماع.وسيتعين على القادة محاولة تحقيق توازن خلال قمتهم.البيان الختامي
ووفقاً لمسودة بيان، اطلعت عليه وكالة الأنباء الألمانية، ويمكن أن يوافق عليها قادة الاتحاد الأوروبي، فإن القادة قد يطالبون المفوضية الأوروبية وبوريل بـ"رد حازم ومنسق للاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء على أنشطة روسيا المضرّة والمزعزعة للاستقرار وبتقديم خيارات لتدابير عقابية إضافية، تتضمن عقوبات اقتصادية".تدمير القمم
وبينما أعلن الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، أن "بوتين ينظر إلى هذه المبادرة الألمانية - الفرنسية بشكل إيجابي ويؤيد وضع آلية للحوار والاتصالات بين بروكسل وموسكو اللتان تحتاجان إلى هذا الحوار"، أشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى أن "الكثير من الأمور غير واضحة".وسأل في مؤتمر صحافي مع وزير خارجية غواتيمالا بيدرو برولو فيلا، "ما الأمر؟ ماذا سيكون جدول أعمال هذه القمة؟".وشدّد لافروف على أنه "يجب على زملائنا شرح ما يريدون أن يقولوا وما يطمحون إليه".وذكّر بأن "البنية الكاملة للعلاقات الروسية الأوروبية بدءاً بالقمم، دُمّرت عام 2014".وانعقدت آخر قمة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا في يناير 2014، قبل وقت قصير من ضم روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية.وتوقف الاتحاد الأوروبي بعد ذلك عن عقد قمم مع بوتين وفرض عقوبات اقتصادية على موسكو، لكنه سمح باكتمال خط أنابيب غاز جديد من روسيا إلى ألمانيا.السفير الأميركي
في غضون ذلك، أعلن السفير الأميركي لدى روسيا، جون ساليفان، أمس، أنه عاد إلى موسكو بعد أن غادرها منذ شهر، معرباً عن أمله في تعزيز التعاون مع الطرف الروسي لبناء علاقات مستقرة بين البلدين.التوتّر البحري
وتأتي قمة بروكسل مع احتدام التوتّر الروسي ـــ البريطاني عقب حادثة بين القوات الروسية والمدمّرة البريطانية Defender التي كانت تبحر أمس الأول قبالة سواحل شبه جزيرة القرم في البحر الأسود.وأعلن نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر غروشكو، أمس، أمام مؤتمر موسكو للأمن، أن منطقة البحر الأسود تتحول إلى ساحة للمواجهة العسكرية مع حلف شمال الأطلسي (ناتو).وأعرب بيسكوف عن قناعة بلاده، بأن حادثة خرق المدمرة البريطانية الحدود البحرية الروسية كان استفزازاً متعمداً ومخططاً له وهدد بأنه "في حال تكرار مثل هذه الاستفزازات غير المقبولة، لا يمكن استبعاد اللجوء إلى أي خيارات فيما يتعلق بدفاع روسيا المشروع عن حدودها".بدورها، أكدت الخارجية الروسية، أنها استدعت، أمس، السفيرة البريطانية لدى موسكو ديبورا برونيرت وأعربت لها عن "احتجاجها الشديد على التصرفات الاستفزازية والخطيرة للسفينة التابعة للبحرية البريطانية في المياه الإقليمية الروسية".ويأتي ذلك بعد يوم من إعلان روسيا إطلاق طلقات تحذيرية باتجاه المدنرة البريطانية.لندن
لكن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون دافع أمس، عن الطريق البحري الذي كانت تسلكه المدمرة التابعة للبحرية الملكية في مياه البحر الأسود.وقال: "لا نعترف بضم القرم، كان ذلك غير قانوني، وهذه مياه أوكرانية ومن الصائب تماماً استخدامها للتوجه من نقطة ألى نقطة أخرى".وفي وقت شدّد وزير البيئة البريطاني جورج يوستيس، على أن سفن بلاده "مستعدة مرة أخرى للمرور عبر المياه المتنازع عليها حول شبه جزيرة القرم"، قال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب للصحافيين في سنغافورة خلال زيارة لمناقشة اتفاقات تجارية "لم يجر إطلاق أي أعيرة على المدمرة".