قبل أيام من بدء الملء الثاني لسد النهضة الإثيوبي، وصل التلاسن بين مصر وإثيوبيا إلى ذروته، بعدما لوحت أديس أبابا بالخيار العسكري لحماية السد من أي اعتداء، بينما بدا أن مصر، وعلى لسان وزير خارجيتها، مستعدة لمواجهة أي محاولات للإضرار بحصتها من مياه نهر النيل، في وقت لم تنجح أي من الوساطات الإقليمية أو الدولية في تحقيق اختراق في أكبر أزمة على صعيد القارة الافريقية. وتواصلت التصريحات الإثيوبية الاستفزازية قبل بدء الملء الثاني لسد النهضة بعد أقل من أسبوع، إذ قال مدير إدارة الهندسة في وزارة الدفاع الإثيوبية الجنرال بوتا باتشاتا ديبيلي إن بلاده مستعدة لسيناريو «الحل العسكري» لقضية السد، رغم أنها لا تسعى إليه، مشددا على أن مصر لا يمكنها تدمير السد حتى لو أرادت ذلك.وتابع ديبيلي، في تصريحات لموقع «RT» الروسي، أمس الأول، «مصر لن تحاول مهاجمة السد، ولو هاجمته فلن تستطيع حل المشكلة أو تدميره، لأنها تدرك أنه لا يمكن تدمير السد بقنابل الطائرات المقاتلة، وهي تعرف أن السد متين»، مشيرا إلى جاهزية بلاده للدفاع عن السد، وصد أي عدو يحاول تقويض سيادة إثيوبيا.
لكن المسؤول الإثيوبي عاد واستبعد إمكانية الحل العسكري للأزمة، قائلا: «بالنسبة لبلدي، لا يجوز أن يكون ملف المياه سببا للحرب، ولذلك الحل لا يمكن أن يكون عسكريا، والطريقة المثلى هي المناقشة من خلال الاتحاد الإفريقي».وتناول نقطة خطيرة تتعلق بتقاسم المياه، قائلا: «بدأت حكومتنا المرحلة الثانية من ملء السد، ومتى انتهت هذه المرحلة سيكون كل شيء آمنا، وسيأتي الجميع لبحث مقترحات تقاسم المياه، ليس بناء السد وإنما كيفية تقسيم المياه، لأن 90 في المئة من المياه تذهب إلى مصر وحدها، و10 في المئة للسودانيين، فيما لا يبقى لنا أي شيء».التصريحات الإثيوبية ردت عليها القاهرة عبر وزير خارجيتها سامح شكري، الذي قال في مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو أديب، أمس، إن تصريحات المسؤولين الإثيوبيين حول المواجهة العسكرية «استفزازية»، متابعا: «نستطيع الحفاظ على حقوق شعبنا ولن نتهاون في مصلحتنا بكل الطرق».وكشف شكري عن الخطوات التي ستتخذها مصر في الفترة المقبلة: «سنلجأ إلى الأجهزة والآليات الدولية، وهذا لا ينفي أن لدينا القدرة والإصرار على عدم الاضرار بمصلحة الشعب المصري، وفي حالة وقوع الضرر لن تتهاون الدولة المصرية في الدفاع عن مصالح شعبها»، مضيفا: «نحن نعلم ما هي مصلحة مصر، وحقوقها المائية، وحقوق الشعب المصري وكيفية الدفاع عنها»، وكشف عن تقدم مصر بخطاب لمجلس الأمن رسميا مساء أمس الأول، لدعم طلب السودان عقد جلسة طارئة لمناقشة تداعيات أزمة سد النهضة، والوصول إلى قرار أممي يضمن حلولا سلمية لحقوق دولتي المصب.ورفض الحديث عن بيع إثيوبيا المياه لمصر، قائلا إن هذه قاعدة لن تستقر إطلاقا وغير مطبقة، وليس هناك محل للحديث عن مثل هذه الأمور، مؤكدا أن هذه الأفكار تطرح من أجل «الغلوشة»، وشدد على أن ادعاءات أديس أبابا بأن دولتي المصب تعملان على تدويل القضية خارج إطار الاتحاد الإفريقي، «محاولة إثيوبية للتهرب والتنصل مع أي آليات دولية تساهم في حل القضية».من جهته، ذكر وزير الري المصري الأسبق محمد علام، لـ «الجريدة»، أن التصريحات الإثيوبية الأخيرة تؤكد أنه لا فائدة من التفاوض مع دولة إثيوبيا، التي تعتمد على ترديد الأكاذيب والتصريحات الاستفزازية التي تعكس نية سيئة ومتربصة بدولتي المصب، وهو ما يرشح الأزمة لمزيد من التصعيد والتعقيد خلال الأيام القليلة المقبلة، خصوصا أنه لم يعد أمام دولتي المصب إلا اللجوء إلى مجلس الأمن لحماية حقوقهما المائية من العبث الإثيوبي.ولفت علام إلى أن الحديث الإثيوبي عن الحصص المائية يستند إلى أكاذيب مفضوحة، «فالجميع يعلم أن إثيوبيا تستقبل نحو ألف مليار متر مكعب من مياه الأمطار سنويا، بينما تستقبل مصر من مياه النهر 55.5 مليارا فقط، فالحديث الإثيوبي عن الحصص قائم على التضليل وخداع المجتمع الدولي، وهو أمر يكشف سوء النية الإثيوبية».
دوليات
إثيوبيا: مصر لا يمكنها تدمير «النهضة» حتى لو أرادت
27-06-2021