هل تقترب واشنطن من «لحظة سايغون» في أفغانستان؟

سيناريو أوباما مع العراق يرتسم أمام بايدن... و«رونالد ريغان» إلى المنطقة لتأمين الانسحاب

نشر في 27-06-2021
آخر تحديث 27-06-2021 | 00:06
فتى أفغاني يمر أمام مقبرة لضحايا القتال مع «طالبان» في كابول (رويترز)
فتى أفغاني يمر أمام مقبرة لضحايا القتال مع «طالبان» في كابول (رويترز)
بينما يجري الانسحاب الأميركي بوتيرة حثيثة، مما يثير تكهنات بأنه قد يُنجَز اعتباراً من يوليو المقبل، أي قبل الموعد النهائي في 11 سبتمبر، اجتمع الرئيس جو بايدن مع الرئيس الأفغاني أشرف غني، داعياً الأفغان إلى تقرير مستقبل بلدهم مع انسحاب آخر جندي أميركي بعد حرب استمرت 20 عاماً.
نشر موقع "بوليتكو" تقريرا أشار فيه إلى أن التداعيات السياسية لموعد الرئيس الأميركي جو بايدن بالانسحاب غير المشروط من أفغانستان بدأت تقلق إدارته.

وقالت الصحيفة، إنه في الأيام الأخيرة، أكملت أميركا أكثر من انسحاب نصف القوات، واستولت "طالبان" على عشرات المقاطعات الأفغانية، وسط تحذيرات من أن الحكومة في كابول قد تسقط في غضون أشهر فور مغادرة أميركا، كما حذّر القادة العسكريون من أن "الجماعات الإرهابية"، مثل القاعدة، يمكن أن تعيد تجميع نفسها بأفغانستان في غضون عامين.

ويطالب المشرعون الأميركيون، حتى أولئك الذين يدعمون الانسحاب، بايدن بحماية الأفغان الذين ساعدوا أميركا في الحرب التي استمرت عقدين، وتضع إدارة بايدن الآن على عجل خطة إجلاء لهؤلاء الأفغان.

ورأت الصحيفة أن بايدن يخاطر بأن يُنظر إليه على أنه الرئيس الذي خسر أفغانستان - والجمهوريون يعرفون ذلك.

فيما يحاول المشرعون من الحزب الجمهوري مواجهة بايدن بالقول له إنهم حذروه من أنه سيتحمل عواقب الكارثة الأفغانية - السياسية وغير ذلك. وقارنه البعض بقرار الرئيس السابق باراك أوباما الانسحاب من العراق عام 2011، مما ساعد في تهيئة الظروف لصعود تنظيم "داعش"، وأشار آخرون إلى تشبيهات أقدم.

وقال عضو لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب النائب مايك غالاغر (جمهوري من ولاية ويسكونسن): "قد تكون هذه هي "لحظة سايغون" (الفيتنامية)، حيث ترى المروحية وهي تغادر، وهذا ما يربطه الجميع بسياسة بايدن. إنه يشبه "العراق" بشكل مخيف.

لقد انسحبنا من العراق وفق جدول زمني ذي دوافع سياسية للوفاء بوعد الحملة، وبعد ذلك كانت لدينا فوضى على الأرض، وسيطرة تنظيم الدولة".

وفي مقال نشرته وكالة بلومبرغ، أشار الأدميرال الأميركي المتقاعد جيمس ستافريديس إلى مقتل حلفاء الولايات المتحدة في فيتنام، وقال إنه لا يريد "هذا الاحتمال القاتم أن يعيد نفسه في أفغانستان".

فخلال الأيام الأخيرة لحرب فيتنام، حيث أعلنت القوات الشيوعية لشمال فيتنام النصر، أجلت الولايات المتحدة الآلاف من الفيتناميين الجنوبيين.

وكانت إدارة الرئيس ريتشارد نيكسون قد سحبت من جانب واحد القوات من فيتنام عام 1973.

ورغم الأعداد الكبيرة من الفيتناميين الجنوبيين الذين غادروا الدولة وسط سيطرة الشيوعيين، ظل الكثيرون بالداخل، ومن بينهم من تم قتلهم أو إرسالهم إلى "معسكرات إعادة التأهيل".

بايدن

وفي وقتٍ فتح إنهاء الوجود العسكري الأميركي مرحلة من عدم اليقين، وعد بايدن نظيره الأفغاني ومنافسه السياسي السابق عبدالله عبدالله بتقديم "دعم" لبلادهما.

وجلس بايدن بجوار غني وعبدالله في المكتب البيضاوي أمس الاول، ووصفهما بـ "الصديقين القديمين". وقال الرئيس الديمقراطي "قوّاتنا تُغادر، لكن هذه ليست نهاية دعمنا لأفغانستان، وسيتعيّن على الأفغان تقرير مستقبلهم وماذا يريدون"، مشدّداً على أن مهمّة "صعبة للغاية" تنتظر القادة الأفغان تتمثّل في وضع حدّ للعنف.

وقرر بايدن في أبريل سحب 2500 جندي أميركي و16 ألف متعاقد مدني ما زالوا موجودين في أفغانستان بحلول 11 سبتمبر، يوم الذكرى العشرين للهجمات التي قادت واشنطن إلى إطاحة نظام "طالبان" الذي كان يؤوي إرهابيي تنظيم القاعدة.

وتؤكّد واشنطن عزمها على مواصلة "دعم الشعب الأفغاني".

وأعلن البيت الأبيض إرسال 3 ملايين جرعة من لقاح "جونسون آند جونسون" لمساعدة البلاد على مواجهة جائحة كورونا، كما طلب بايدن من "الكونغرس" إقرار تخصيص 3.3 مليارات دولار من المساعدة الأمنية لأفغانستان العام المقبل.

لكنّ عدداً من النواب والخبراء يخشون من أن يستعيد المتمرّدون السيطرة على البلاد، وأن يفرضوا نظاماً أصوليّاً مشابهاً للنظام الذي أقاموه بين عامي 1996 و2001.

غني وعبدالله

وفيما يبدو أنه يواجه عزلة متزايدة، قال غني إنه يحترم قرار بايدن، وأن الشراكة بين الولايات المتحدة وأفغانستان تدخل مرحلة جديدة، مشيراً إلى أنه لم يطلب من بايدن تعليق سحب القوات الأميركية من بلاده، معتبرا أن قرار الولايات المتحدة سحب القوات قرار سيادي، وأن مهمة كابول هي "إدارة العواقب".

من ناحيته، قال عبدالله، إنه لا ينبغي التخلي عن المحادثات المتوقفة بين الأطراف الأفغانية بشأن التوصل إلى تسوية سياسية للصراع ما لم ينسحب المتمردون أنفسهم من هذه المحادثات.

وبعد اجتماع البيت الأبيض، التقى غني وعبدالله أعضاء في "الكونغرس".

وبعد اللقاء، دعا زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل إلى تأجيل الانسحاب. وقال إن "قرار الرئيس بايدن سحب القوات الأميركية يترك شركاءنا الأفغان وحدهم في مواجهة التهديدات التي يقرّ كبار مستشاريهم بأنها خطيرة وتزداد سوءا". كما التقى غني وعبدالله وزير الدفاع لويد أوستن في مقر وزارة الدفاع.

بلينكن

ومن باريس، أقرّ وزير الخارجيّة الأميركي أنتوني بلينكن بأنّ هجمات المتمرّدين على قوات الأمن الأفغانيّة تتكثّف بشكل مقلق. وقال: "نشهد تصاعداً للهجمات ضدّ القوّات الأمنيّة الأفغانيّة في بعض المناطق من هذا البلد، مقارنة بالعام الماضي. لكنّ بقاء الوضع على ما هو عليه ما كان سيُساعد. الوضع القائم لم يكن خياراً".

وأضاف: "نتابع مِن كثب الوضع على الأرض، بخاصّة ما إذا كانت طالبان جادّة في رغبتها بإيجاد حلّ سلمي لهذا النزاع".

«طالبان»

وبينما استنكرت "طالبان"، أمس، القصف الأميركي على عدد من الولايات الأفغانية، وحمّلت الولايات المتحدة مسؤولية تداعيات هذا القصف، دخلت حاملة الطائرات الأميركية "رونالد ريغان"، برفقة طرّاد الصواريخ الموجهة "يو إس إس شيلوه"، والمدمرة حاملة الصواريخ الموجهة "يو إس إس هالسي"، منطقة عمليات الأسطول الخامس، الموجود داخل المياه الإقليمية لمملكة البحرين.

وأوضح البيان أن وجود "رونالد ريغان" في منطقة عمليات الأسطول الخامس يأتي بهدف توفير الحماية للقوات أثناء عمليات الانسحاب من أفغانستان.

back to top