«قمة بغداد» تعطي دفعة لـ«الشام الجديد»

● «قمة بغداد» تعزز «التوجه العربي» في العراق
● الكاظمي والسيسي وعبدالله الثاني يتفقون على استثمار الفرص الاقتصادية والسياسية
● أول رئيس مصري يزور العراق منذ غزو الكويت: الأمن المائي العربي في خطر

نشر في 28-06-2021
آخر تحديث 28-06-2021 | 00:04
صالح والكاظمي يستقبلان السيسي وعبدالله الثاني في بغداد أمس (أ ف ب)
صالح والكاظمي يستقبلان السيسي وعبدالله الثاني في بغداد أمس (أ ف ب)
وسط إجراءات أمنية مشددة، شهدت بغداد، أمس، أعمال قمة ثلاثية ناقش خلالها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني مع رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي ملفات عدة اقتصادية وأمنية وسياسية، وتوحيد الرؤى لمواجهة التحديات الإقليمية.

ورغم أن أولوية القمة كانت اقتصادية وخصوصاً مشروع «الشام الجديد»، فإنه تم التأكيد أن على وجود مصر والأردن في العراق رسالة ردع في مواجهة التحديات، كما تم التشديد على أن تحقيق الاستقرار لن يكون ممكناً دون مواجهة الإرهاب والتدخلات الخارجية.

وفي أول زيارة لرئيس مصري لبغداد منذ غزو نظام صدام حسين الغاشم للكويت قبل 30 عاماً وقطع العلاقات الدبلوماسية، أكد السيسي حرصه على تطوير العلاقات الثلاثية، رافضاً بشكل قاطع أي تدخلات إقليمية تسعى للهيمنة وتهدد الأمن القومي العربي.

في مستهل أعمال القمة، شدد السيسي على أن حقوق مصر المائية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأمن القومي العربي، لافتاً إلى ضرورة التعاون والتنسيق أيضاً لمواجهة التحديات المماثلة للعراق وللأردن.

وقال السيسي: «نسعى، وكلنا ثقة إلى تجسيد التعاون الثلاثي بيننا ووضعه موضع التنفيذ على أرض الواقع من خلال الشروع في تنفيذ حزمة المشروعات الاستراتيجية المتفق عليها».

انعطافة تاريخية

واعتبر رئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي أن عقد القمة في بغداد انعطافة تاريخية ورسالة مهمة إلى التعاضد والتكامل من أجل العمل لخدمة شعوب الدول الثلاث والمنطقة وسط تحديات وباء كورونا والظروف الاقتصادية الصعبة في العالم ومكافحة الإرهاب.

وقال الكاظمي، في افتتاح القمة، «العراق مر بتجربة قاسية في مواجهة الإرهاب وعلينا العمل والتنسيق بيننا لمواجهة هذه التحديات والعمل على تبديدها»، موضحاً أن «العمل المشترك يحتاج لترصين وتوحيد المواقف كي نعمل على مسار التنمية وتطوير المنطقة وشعوبها، عبر الاستفادة من كل الإمكانيات المتاحة عن طريق التواصل الجغرافي بين الدول الثلاث فيما يخص المجالات الاقتصادية وكذلك من أجل خدمة الجانب الاجتماعي في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة».

وقبيل انطلاق القمة، أقام الكاظمي استقبالاً رسمياً داخل المنطقة الخضراء للرئيس المصري والعاهل الأردني والتقى كل منهما عل حدة، معتبراً أن الدول الثلاث تؤسس لمستقبل يليق بشعوبها وفق منطق التعاون والتكامل.

آليات عمل

وبعد القمة، عقد ​وزير خارجية​ ​العراق​ ​فؤاد حسين مؤتمراً صحافياً مع نظيريه المصري سامح شكري والأردني أيمن الصفدي، أكد فيه أن «الوفود المشتركة أنشأت آليات العمل في المجال الاقتصادي لاستثمار الفرص والعمل المشترك»، مشيراً إلى أنه «تم بحث القضايا السياسية المتعلقة بالمنطقة، وسبل تعزيز القدرات الاقتصادية للعراق لمواجهة التحديات».

ورأى الصفدي​، أن «القمة الثلاثية ناقشت بشكل مستفيض قطاعات مختلفة في إطار العمل المشترك وجاءت لتعزيز التكامل بين الدول وتحقيق الأفضل للشعوب، والوقوف معاً في مواجهة التحديات ومساعدة العراق، معتبراً أن «الإرهاب ليس خطراً على العراق فقط ويجب تحييده عن أي خلافات إقليمية».

وشدد الصفدي​ على أن القمة «أرسلت رسالة لمواجهة التحديات المشتركة والتعاون الثلاثي​ سيسهم بشكل كبير في تحقيق الأفضل للمنطقة»، لافتاً إلى وقوف الأردن والعراق «مع مصر والسودان في موقفهما من ملف ​سد النهضة​«.

وبينما اعتبر الصفدي​ أن «أمن مصر المائي جزء من الأمن العربي»، أوضح شكري أن القمة استعرضت ما تم إنجازه من اتفاقيات وتوافق حول هدفها الأساسي وهو تعزيز التكامل الاقتصادي ومواجهة التحديات العديدة من منطلق وحدة المصير وحماية الأمن القومى العربي، مؤكداً أن مصر لديها كل العزيمة في التعاون مع العراق والأردن واستمرار تنفيذ المخرجات والإسهام بكل نشاط يعود بالنفع على الشعوب الثلاثة وتحقيق طموحاتهم نحو التقدم والتنمية ومعالجة القضايا الأمنية والإقليمية.

وقال شكري، إن قادة الدول الثلاث ناقشوا تعزيز التعاون في جميع المجالات الاقتصادية والأمنية وهناك رغبة لمواصلة التلاحم لمواجهة التحديات.

تواصل جغرافي

وبحث السيسي مع نظيره العراقي برهم صالح سبل تعزيز التعاون الثلاثي بين العراق ومصر والأردن وأهمية رفع مستوى التنسيق والاستفادة من التواصل الجغرافي، كذلك التأسيس لمشاريع البنى التحتية وسبل نقل الطاقة ومد أنابيب النفط.

وبعد وصول السيسي على رأس وفد وزاري كبير، شدّد صالح على أن تعافي العراق يُمهد لمنظومة متكاملة للمنطقة أساسها مكافحة التطرف واحترام السيادة والشراكة الاقتصادية، مؤكداً أن «العلاقة الراسخة بين العراق ومصر والأردن مُنطلق لمستقبل واعد لشعوب وشباب الدول الثلاث ورسالة بليغة وسط تحديات إقليمية جسيمة».

وإذ وصف صالح زيارته بالخطوة المهمة والكبيرة لدعم وتعزيز العلاقات، جدد السيسي موقفه الداعم للعراق في ترسيخ الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب والتطرف، مؤكداً أهمية العمل لتطوير العلاقات وتعزيز التعاون الثلاثي.

وفي تأكيد على أن القمة حملت «أبعاداً سياسة» أيضاً، بحث الرئيسان الدور المحوري لمصر والتأكيد على أن العراق المستقر عنصر مهم في ترسيخ الأمن والاستقرار والتنمية في كل المنطقة، وشددا على وجوب التنسيق المشترك في تخفيف التوترات وتعزيز الاستقرار الإقليمي وإيجاد حلول للأزمات في سورية واليمن وليبيا.

تخفيف التوتر

وخلال اجتماعه بصالح، دعا عاهل الأردن لتعزيز التعاون الثلاثي لتحقيق المصالح المشتركة، مؤكداً وقوفه إلى جانب العراق في الحفاظ على أمنه واستقراره.

وشدد الزعيمان أيضاً على أهمية التنسيق الثلاثي من أجل حلحلة الأزمات وتخفيف التوترات بالمنطقة والانطلاق نحو آفاق الحل السياسي عبر التلاقي والحوار والتعاون الثلاثي.

«الشام الجديد»

وقال وزير الخارجية المصري الأسبق، محمد العرابي، لـ«الجريدة»، إن «هذا التحرك الثلاثي تحت مفهوم الشام الجديد نواة لعمل عربي مشترك تقبل انضمام أطراف عربية أخرى»، متوقعاً نجاح التجربة لتكون معياراً لشكل العمل العربي المشترك بالمستقبل.

وأشار العرابي إلى أن استراتيجية مصر فرض الاستقرار والتنمية على محيطها الاستراتيجي وذلك لن يتحقق إلا مع دول المنطقة، خصوصاً العراق والربط الواقعي مع دول الهلال الخصيب لتعزيز التنسيق الاقتصادي والأمني والسياسي.

بدوره، قال مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير حسين هريدي، لـ«الجريدة»، إن مشروع «الشام الجديد» مبادرة من الكاظمي ذات طابع اقتصادي على النسق الأوروبي، لتطوير لآلية التعاون وهناك إرادة سياسية في الدول الثلاث لتفعيلها والمضي قدما في تنفيذها على الأرض.

وقال الخبير العراقي حسين الجاسر، إن «المشروع يعتمد على الكتلة البشرية الضخمة لمصر، مقابل الثروة النفطية الضخمة للعراق، وربطهما بالأردن بحكم موقعها الجغرافي»، مرجحاً أن «يكون نواة لتكتل أوسع يضم قريباً دول عربية أخرى، لترجيح دول الاعتدال في ظل تصاعد وتيرة العنف والتطرف جراء دعم دول إقليمية للحركات الراديكالية والتيارات المتطرفة».

back to top