محكمة التمييز: الأحكام الصادرة خلال جائحة كورونا صحيحة وبطلانها يقترن بتضرُّر المتقاضين
• المحكمة أكدت سلامة الإجراءات المتّبعة بحضور الطاعن جلساتها
• انقطاع الجلسات يتطلب إخبار الخصوم لا الإعلان بها
في حكم قضائي بارز، أكدت محكمة التمييز التجارية الرابعة برئاسة المستشار خالد المزيني سلامة الأحكام القضائية المدنية خلال فترة جائحة كورونا، مادامت قد اتبعت فيها الإجراءات القانونية، ومنها ضمانة النطق بالأحكام القضائية.وقالت المحكمة، في حيثيات حكمها، إن الطاعن رفع الدعوى بطلب للحكم ببطلان حكم محكمة الاستئناف لصدوره خلال جائحة كورونا، قائلا إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 28/ 6/ 2020 خلال العطلة الرسمية التي قـررها مجلس الــوزراء بسبب الجائحــــة فـــي الفتـــرة مـــــن 12/ 3/ 2020 حـــــتــــى 29/ 6/ 2020، وإنه لم يخطر بميعاد الجلسة التي مدّ أجل الحكم إليها، على الرغم من انقطاع تسلسل الجلسات بالمخالفة لنص المادة 114 من قانون المرافعات، بما يعيبه ويستوجب تمییزه.
وقالت «التمييز» إن هذا النعي في غير محلّه، لأنّ النص في المادة 19 من قانون المرافعات على أن «يكون الإجراء باطلا إذا نص القانون على بطلانه، أو شابه عيب جوهري ترتّب عليه ضرر للخصم، ولا يُحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا لم يترتب على الإجراء ضرر للخصم» مفاده أن يكون الإجراء باطلا إذا نص القانون علی بطلانه، أو إذا شابه عيب جوهري، وألا يحكم بالبطلان في هذه الحالات إلّا إذا ترتب على الإجراء ضرر بالخصم، ولا يقوم هذا الضرر إذا تحقق الغرض من الإجراء، ويدلّ - على ما أفصحت عنه مذكرة القانون الإيضاحية - على أن المشرع قد استوجب للحكم بالبطلان تحقق الضرر بالخصم المتمسك به، يستوي في ذلك أن يكون البطلان منصوصا عليه في القانون (صراحة أو دلالة) أو غير منصوص عليه فيه، وأنه متى انعقدت الخصومة على الوجه المنصوص عليه في قانون المرافعات، واستوفی کل خصم دفاعه وحجزت الدعوى للحكم انقطعت صلة الخصوم بها، ولم يبق لهم اتصال بها، وتصبح الدعوى في هذه الحالة بين يدي المحكمة لبحثها والمداولة فيها.ولفتت المحكمة الى أن النص في المادة 114/3 من قانون المرافعات على أنه «... وكلما حددت المحكمة جلسة للنطق بالحكم، فلا يجوز لها تأجيل إصدار الحكم أو إعادة القضية للمرافعة، إلا بقرار تصرح به المحكمة في الجلسة... وذلك ما لم يمتنع سير الجلسات المذكورة سيرا متسلسلا لأي سبب من الأسباب، فعندئذ يجب على إدارة الكتاب إخبار الخصوم بالموعد الجديد بكتاب مسجل».مفاد ذلك، أنه وإن كان المشرع قد وضع قاعدة عامة مؤداها أنه عند انقطاع تسلسل الجلسات، سواء أثناء نظر الدعوى أو عند حجزها للحكم بأن يكون قد عرض لها عارض اعترض السير العادي للجلسات، أو اعترض جلسة النطق بالحكم، مما يعوق موالاة السير فيها - فإنه يتعين إخباز الخصوم بالجلسة الجديدة أو تاريخ جلسة الحكم، ومن ثم تقوم إدارة الكتاب وعلى ما أوردته المذكرة الإيضاحية تعليقا على النصين الأخيرين - بعرض ملف الدعوى على القاضي أو رئيس الدائرة حسب الأحوال، حتى يحدد جلسة جديدة لنظر الدعوى أو لإصدار الحكم في حالة حجزها، ثم تقوم الإدارة المذكورة بإخطار الخصوم بها، وذلك بكتاب مسجل دون حاجة إلى إعلان - وعند مخالفة ذلك لا يترتب البطلان إلا إذا تمخض عنه ضرر للخصم على نحو ما ورد بالمادة 19 من قانون المرافعات.وبينت أنـــــه لمـــــا كــان ذلك، وكــان الثابــــت من محضــــر جلسة 1 /3/ 2020 حضور الطاعن ووكيله وصمم على طلباته، وحجزت المحكمة الاستئناف للحكم وهو ما يعني أن الاستئناف آنذاك كان مهيأ للفصل فيه، وأن الخصوم أبدوا طلباتهم وقدموا مستنداتهم، واستوفی کل خصم دفاعه، وبات الاستئناف منذ هذا التاريخ بين يدي المحكمة لبحثه والمداولة فيه، وامتنع على الخصوم الاتصال به، ومن ثم فإن الطاعن لم يلحقه أي ضرر إذا تمت المداولة وصدر الحكم أثناء عطلة استثنائية (من جراء جائحة كورونا) ولا يجديه التذرع بعدم إخطاره بجلسة النطق به بعد انقطاع تسلسل الجلسات بالمخالفة لنص المادة 114/3 من قانون المرافعات، إذ المقصود من شمول الحكم على تاريخ إصداره وفقا لما توجبه المادة 116 من قانون المرافعات هو تحديد بدء ميعاد الطعن فيه، ومتى كان الثابت من صحيفة الطعن بالتمييز المرفوع من الطاعن أنه طعن على الحكم بالتمييز في الميعاد (بتاریخ 26/ 8/ 2020) فإنه لا يكون قد ترتب على عدم إخطاره أي ضرر، وهو ما يكون معه الحكم مبرأ من عيب البطلان.