أُعطي كتاب "معالم في الطريق" من الاهتمام ما جعله المنفستو الحقيقي لمعظم حركات الإرهاب، التي اجتاحت عالمنا العربي خلال عقود ما بعد تأليفه، بل إن إعدام كاتبه أضفى عليه هالة خاصة، لما احتوى عليه من الآراء التي يراها البعض دستوراً للبشرية جمعاء، حيث ورد في بعض صفحاته التالي:

"إن البشرية تقف اليوم على حافة الهاوية، لا بسبب التهديد بالفناء المعلق على رأسها، فهذا عرض للمرض، وليس هو المرض، ولكن بسبب إفلاسها في عالم القيم، التي يمكن أن تنمو الإنسانية في ظلالها نمواً سليماً، وتترقى رقياً صحيحاً. وهذا واضح كل الوضوح في العالم الغربي، الذي لم يعد عنده ما يُعطيه للبشرية من القيم، بل الذي لم يعُد لديه ما يُقنع ضميره باستحقاقه في الوجود، بعدما انتهت الديموقراطية فيه إلى ما يشبه الإفلاس".

Ad

***

ليقترح أن تكون الحاكمية في العالم ككل لله، والامتثال لقيم الإسلام، ثم يقول:

"ولكن الإسلام لا يملك أن يؤدي دوره، فالبشرية لا تستمع، وبخاصة في هذا الزمان، إلى عقيدة مجردة، لا ترى مصداقها الواقعي في الحياة، ووجود الأمة المسلمة قد انقطع منذ قرون كثيرة، انقطع وجودها منذ انقطاع الحكم بشريعة الله من فوق الأرض جميعاً، ولابد من بعث الأمة، التي واراها ركام الأجيال، ركام التطورات، ركام الأوضاع، ركام الأنظمة التي لا صلة لها بالإسلام. فقد غابت الأمة الإسلامية من الوجود والشهود دهراً طويلاً، لأن العالم اليوم يعيش كله في جاهلية، وتسلم فيه الحاكمية لغير الله... تسلمها إلى البشر... فالناس في حكم الجاهلية عبيد لبعضهم البعض".

***

وتوسع سيد قطب في موضوع الجاهلية، فاعتبر العالم الإسلامي تحت هيمنة الجاهلية، والأحكام الجاهلية. وتأثر بأفكار المودودي الداعية للقضاء على غير المسلمين في الهند، فجعلها تسري على المسلمين، باعتبارهم مجتمعاً جاهلياً، وبالتالي لابد من القضاء عليهم.

***

في قراءتي الثانية لمعالم طريق سيد قطب، تأكد لي أنه يعطي الشرعية لكل أشكال الدواعش، ممن جعلوا أعظم دين يدعو للمحبة والسلام، وكأنه ليس دين الذي أدبه ربه فأحسن تأديبه، أو الذي جاء ليتمم مكارم الأخلاق، والذي بُعث رحمة للعالمين!

د.نجم عبدالكريم