على وقع المفاوضات النووية في فيينا التي دخلت منعطفاً حاسماً في الفترة التي تسبق تسلم الرئيس الأصولي المتشدد إبراهيم رئيسي السلطة، وجهت القوات الأميركية ضربة عسكرية لفصائل عراقية موالية لطهران، رداً على استمرار الهجمات بالمسيرات على قواتها في العراق، في خطوة توعدت الفصائل العراقية بالرد عليها، مما يضع المنطقة مجدداً أمام احتمال التصعيد.

Ad

«البنتاغون»

وأعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع "البنتاغون" جون كيربي، في بيان أمس، أنه "بتوجيه من الرئيس بايدن، شنّت القوات الأميركية غارات جوية دفاعية دقيقة دمرت مرافق تشغيل وتخزين أسلحة في موقعين بسورية وموقع بالعراق تستخدمها الميليشيات المدعومة من إيران من بينها كتائب حزب الله وسيد الشهداء في المنطقة الحدودية".

وأضاف: "بالنظر إلى سلسلة الهجمات المستمرة بالطائرات بدون طيار لهذه الجماعات على مصالحنا بالعراق، وجّه الرئيس بمزيد من العمل العسكري لتعطيل وردع هجمات كهذه".

واعتبر كيربي، أن الضربات، التي طالت على وجه خاص "كتائب الشهداء"، إحدى الفصائل الأكثر ولاء لإيران، تشكل "عملاً ضرورياً ومناسباً ومدروساً للحد من مخاطر التصعيد، ولكن أيضاً من أجل بعث رسالة ردع واضحة لا لبس فيها".

بلينكن

بدوره، أكد وزير الخارجية أنتوني بلينكن، الذي كان في روما إذ شارك في اجتماع للتحالف الدولي ضد "داعش": "اتخذنا إجراء ضرورياً ومدروساً للحد من احتمالات التصعيد، وأعتقد أن الضربات تبعث رسالة مهمة وقوية إلى الفصائل المدعومة من إيران، وتؤكد أن الرئيس واضح في أنّه سيعمل على حماية الأفراد الأميركيّين".

ومنذ بداية العام، استهدف أكثر من 40 هجوماً مصالح الولايات المتحدة في العراق، كان آخرها قبل أيام على مواقع قريبة من القنصلية الأميركية في أربيل.

ويعتقد مسؤولون أميركيون أن إيران تقف وراء تصعيد الهجمات بطائرات مسيرة متطورة وإطلاق صواريخ بشكل متكرر على الأفراد والمنشآت الأميركية في العراق.

«الحشد»

وأكدت هيئة "الحشد الشعبي" في بيان أن "الضربات استهدفت 3 نقاط للواء 14 بقضاء القائم لا تضم أي مخازن أسلحة، وأدت إلى مقتل 4 أثناء تأدية واجبهم الاعتيادي لمنع تسلل عناصر داعش من سورية".

وقال "الحشد": "نحتفظ بحق الرد على الاعتداءات ومحاسبة مرتكبيها بالعراق، ونحن بكامل الجاهزية التامة ورهن إشارة القيادة العامة للرد وأخذ الثأر"، مضيفاً: "قلنا من قبل بأننا لن نسكت على استمرار الاحتلال الأميركي وها هو يتمادى بإجرامه وتكرار اعتدائه".

وربط "الحشد" الهجوم باستعراضه العسكري في ذكرى تأسيسه وحضور رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي له، وانعقاد القمة الثلاثية مع مصر والأردن في بغداد، معتبراً أنه "استهداف للسيادة وإضعاف للعراق وقواته الأمنية لصالح الجماعات الإرهابية".

وتباينت حصيلة القتلى بين بيان "الحشد" الذي أعلن مقتل 4 والمرصد السوري لحقوق الإنسان الذي أفاد بمقتل 7 مقاتلين عراقيين على الأقل داخل سوريّة.

«حزب الله» والشهداء

وفيما أعلنت كتائب "سيد الشهداء" النفير العام، أكد نائب أمينها العام وآمر اللواء 14 أحمد المكصوصي "الجاهزية للرد وأخذ الثأر". وقال: "لن نسكت على وجود القوات الأميركية المخالف للدستور ولقرار البرلمان ومن الآن فصاعداً سندخل في حرب مفتوحة مع الاحتلال".

وتوعد بأن الكتائب ستستخدم قوتها الصاروخية "إلى مسافات لن يتوقعها العدو الأميركي وستهدف طائراته في سماء العراق". كما تعهدت "كتائب حزب الله ـ العراق" برد قاسي.

الكاظمي والجيش

وفي خطوة تعكس الإحراج الذي وقع فيه الكاظمي، ندد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بالضربات، واعتبرها "انتهاكاً سافراً لسيادة العراق"، لكنه دعا إلى "التهدئة وتجنب التصعيد بكل أشكاله". وفي إشارة ذات مغزى، رفض الكاظمي أن يكون العراق "ساحة لتصفية الحسابات".

كما أصدر الجيش العراقي إدانة نادرة من نوعها للضربات الأميركية، مؤكداً أنها "انتهاك سافر ومرفوض للسيادة وللأمن الوطني وفق جميع المواثيق الدولية".

وقال الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول، إن "العراق سيقوم بالتحقيقات والإجراءات والاتصالات اللازمة على مختلف المستويات لمنع حصول مثل هكذا انتهاكات".

كذلك رفضت وزارة الخارجية العراقية "بشكل تام أن يكون العراق طرفاً في أي صراعٍ أو مواجهةٍ لتصفيةِ الحسابات على أراضيه"، مشيرة إلى أن الحكومةَ "ماضيّة بإجراءاتها التحقيقيّة وبما يكفل الحق السياديّ في ذلك، منعاً لأي تصعيدٍ نراهُ يخلّ بأمن العراق".

من ناحيته، أشار المجلس الوزاري للأمن القومي العراقي إلى أنه "يدرس كل الخيارات القانونية المتاحة، لمنع تكرار مثل هذه الاعتداءات".

وأدان "ائتلاف الفتح" بزعامة هادي العامري الذي يعتبر حليفاً لطهران الهجوم، داعين الحكومة إلى التحرك وتنفيذ قرار أصدره البرلمان في يناير 2020 بعد مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني في مطار بغداد مع حليفه العراقي الأوثق أبومهدي المهندس، ينص على انسحاب كامل لكل القوات الأجنبية من العراق.

طهران تحذر

وفي وقت تتطلع إدارة بايدن لإحياء الاتفاق النووي، قال المتحدث باسم الخارجية الإيراني سعيد خطيب زاده، إن "واشنطن تزعزع أمن المنطقة وستكون أحد ضحايا إثارة التوتر"، معتبراً أنها ما زالت تتحرك في المسار الخاطئ وعليها العودة ووقف تدخلاتها.

أبراج الكهرباء

في سياق آخر، أعلنت وزارة الداخلية العراقية، أمس، أنها أحبطت عملية تفجير برجين لنقل الطاقة في ديالى خطط لها تنظيم "داعش"، الذي أعلن في وقت سابق مسؤوليته عن استهداف محطة صلاح الدين الحرارية في سامراء بصواريخ كاتيوشا مما تسبب بأضرار جسيمة بأجزاء الوحدة التوليدية (البويلر)".