بيان كاتب عربي (2)
ما إن صدر مقالي السابق أمس الأول، بعنوان "بيان كاتب عربي!"، حتى انهال عليَّ الوصل من أصدقاء كُتاب ومثقفين وناشرين، من مختلف الأقطار العربية، يؤيدون صدور كتاب عربي في أكثر من عاصمة عربية، بما يمكن أن يشكّل اتحاد ناشرين، ليس من باب التنظيم النقابي، لكن من باب نشر الكتاب العربي الواحد، في مختلف العواصم العربية. وهذا ما أشرت إليه في مقال سابق بعنوان "رسالة لسمو الشيخة بدور القاسمي" بتاريخ 26 مايو الماضي، ودعوت فيه إلى تأسيس تعاون بين مختلف دور النشر العربية تحت مسمّى "الناشر العربي".الصديق العزيز إبراهيم عبدالمجيد، والناقد العربي الدكتور عبدالله إبراهيم، والدكتور رشيد يحياوي، والدكتور الناقد سعيد يقطين، والدكتور سليمان الشطي، والأستاذ عبدالله ماجد آل علي، والدكتور خالد عبداللطيف رمضان، والأستاذ محمد الشارخ، والدكتور مراد القادري، والصديقة الروائية منصورة عزالدين، والكاتبة الفلسطينية شيخة حليوي، والدكتور عبدالرزاق المصباحي، والكاتب الفلسطيني زياد خدّاش والأستاذ عبدالسلام فرازي، وكثيرون غيرهم، بعثوا بتبريكاتهم لي، وأيّدوا بحماسة إقدامي على مغامرة نشر روايتي الجديدة "خطف الحبيب" على طول وعرض الوطن العربي، بينما غرّد الصديق الروائي عزت القمحاوي على صفحتي في "تويتر" قائلاً: "هايل يا طالب والله، ومبروك الكتابة الجديدة، المبادرة هايلة". وأضاف في تغريدة ثانية: "نكتب إذا لم يكن بمقدورنا العيش دون أن نكتب".
ردود الفعل أعلاه، وغيرها كثير من رسائل واتصالات، أوضحت بما لا يدع مجالاً للشك ضرورة تقديم مبادرة ثقافية كبيرة على مستوى أقطار الوطن العربي، ومستوى الكاتب والكتاب العربي، والناشر وجمهور القراءة العربي. ولقد اتفق معي، ولو بشكل متخوف، صاحب دار المدى الأستاذ فخري كريم، الذي أكّد لي أن وضع المواطن العربي بائس جداً، وأن أي عاصمة عربية وحدها لا يمكن أن تستوعب، في أفضل حالاتها، أكثر من توزيع 200 نسخة، وربما جاء ذلك منسجماً مع ما قالته الأستاذة فاطمة بودي، صاحبة دار العين، وكذا الصديق العزيز الأستاذ بسام كردي صاحب دار "المركز الثقافي للكتاب"، والصديق الدكتور ساجد العبدلي، صاحب دار "شفق"، بما يعني في المحصلة، وبحسبة بسيطة، أن الكاتب العربي إذا استطاع نشر كتاب لدى عشرة ناشرين موزعين في مختلف أقطار الوطن العربي، فإنه سيصل إلى جمهور القراءة في جميع الأقطار العربية، وسيوزّع في مدة زمنية قصيرة ما مجموعه 2000 نسخة من كتابه أو يزيد، وهذا رقم، وهنا تكمن المفارقة المؤلمة، هذا الرقم يبدو كبيراً جداً، وجديداً على ساحة الكتاب العربي، التي يطبع فيها أهم الكتّاب العرب رواياتهم ومجاميعهم القصصية ودواوين شعرهم، وبعدد 1000 نسخة، ويعشش عليها العنكبوت في مخازن لا مستقبل لها، مما دفع ناشرين عرباً، إلى توزيع عشرة كتب قديمة مجاناً مع الكتاب الجديد!نعم، يجب أن يعترف الجميع بمأزق الكاتب العربي، والكتاب العربي، والناشر العربي، وجمهور التلقي العربي. فالمواطن العربي يعيش أزمات قاصمة للظهر، ويعيش أوضاعاً ديموقراطية بائسة، ويقسو عليه الأمر، في أكثر من قطر عربي، حتى أنه لا يجد قوت يومه، مما دفع الملايين إلى مغامرات تصل إلى حد الموت للخروج إلى الضفة الأخرى من العالم، علهم يجدون لهم متسعاً من العيش!من حق الناشر العربي، الشجاع والمكافح، الذي يصرّ على العمل في قطاع النشر والثقافة والكتاب، من حقه العيش الكريم والربح. بل ومن حقه المشروع أن تدعمه مؤسسات الأنظمة العربية المختصة بالثقافة، وإلا فإن مصير قطاع النشر العربي سيكون مأساوياً! وفي المقابل من حق الكاتب العربي، أن يصل بإنتاجه الإبداعي المعرفي إلى القارئ العربي، وهذا، الكاتب العربي، في أفضل حالاته، لن يتقاضى أكثر من 500 دولار أميركي لكتاب عمل عليه ربما أكثر من سنة، وبمعدل يصل إلى 42 دولاراً شهرياً، وكم يبدو هذا الرقم مؤلماً ومخجلاً. لذا سأنشر كتابي لدى جميع الناشرين العرب، حالِماً بأن أراه في أيادي القراء العرب على طول وعرض وطننا العربي!