أعلنت «جبهة تحرير شعب تيغراي» الإثيوبية المتمردة أمس، التي كانت تحكم إقليم تيغراي سابقاً، أن مدينة ميكيلي، عاصمة الإقليم، أصبحت بالكامل تحت سيطرتها، بعد يوم من إعلان حكومة آبيي أحمد «وقف نار من جانب واحد».

واستقبل السكان في ميكيلي التي انقطعت الاتصالات بها، أمس الأول، مقاتلي تيغراي العائدين بالترحيب. وأظهر مقطع مصور سجله أحد السكان في بلدة شاير الشمالية مشاهد مماثلة، وقال إن القوات الإريترية المتحالفة مع الحكومة انسحبت.

Ad

وقال الناطق باسم «الجبهة» غيتاشيو ريدا، إن مقاتلي «قوات دفاع تيغراي» التابعين للجبهة «نفّذوا عمليات تطهير ضد القوات الحكومية التي انسحبت من ميكيلي والتي باتت تحت سيطرتنا بنسبة 100 في المئة».

وأضاف: «لا تزال قواتنا تخوض مطاردة ساخنة في الجنوب والشرق وستواصل حتى تطهير كل شبر من الأرض من العدو». وتابع أنه سيتاح لمنظمات الإغاثة دخول الإقليم.

وقال المتحدث باسم «جبهة تحرير تيغراي» إن قوات الجبهة ستتعقب خلال الأيام المقبلة القوات المتحالفة مع الحكومة من إقليم أمهرة في الجنوب والغرب ومن إريتريا في شمال وشمال غرب تيغراي، مضيفاً أنها ستعبر الحدود إذا تطلب الأمر.

وذكر المتحدث لـ«رويترز» عبر هاتف متصل بالقمر الصناعي: «تركيزنا الأساسي ينصب على إضعاف قدرات العدو القتالية... لذا إذا كان هذا يتطلب الذهاب إلى أمهرة فسوف نفعل، إذا كان يتطلب الذهاب إلى إريتريا فسوف نفعل».

ورحّبت حكومة إقليم تيغراي السابقة في بيان، بالتقدم الميداني الذي أحرزته «قوات الدفاع»، مشيرة إلى أن «حكومة تيغراي وجيشها سينجزان كل المهام اللازمة لضمان سلامة شعبنا وبقائه على قيد الحياة». ودعت المقاتلين إلى «تكثيف النضال حتى يغادر أعداؤنا بالكامل».

ورغم أن «قوات الدفاع» لم تبسط سيطرتها على أي مدينة كبيرة خلال أشهر، فإن قادتها أكدوا مرات عدة رصّ صفوف عناصرها في مناطق ريفية نائية.

والأسبوع الماضي أطلقت هذه القوات هجوماً كبيراً، في وقت كانت تُجرى في جزء كبير من إثيوبيا انتخابات وطنية منتظرة جداً.

وقف النار والمفاوضات

ومساء أمس الأول، أعلنت الحكومة التي يرأسها ابيي أحمد «وقفاً للنار من جانب واحد، سيستمر حتى نهاية الموسم الزراعي الحالي»، وبررت الخطوة المفاجئة بأنها ترمي إلى «تسهيل الإنتاج الزراعي وتوزيع المساعدات الإنسانية والسماح للمقاتلين المتمردين بالعودة إلى المسار السلمي».

وكانت القوات الحكومية سيطرت على المدينة في 28 نوفمبر 2020، بعد 3 أسابيع من إطلاق رئيس الوزراء هجوماً لطرد السلطات المحلية السابقة التابعة لـ»الجبهة».

وبرّر أحمد، الحائز جائزة نوبل للسلام عام 2019 إثر المصالحة مع إريتريا، إطلاقه عملية «حفظ النظام»، بمهاجمة القوات الموالية لـ»الجبهة» قواعد عسكرية، ووعد بتحقيق الانتصار سريعاً.

تحول حاسم

واعتبرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أن سيطرة «قوات دفاع تيغراي» على ميكيلي، العاصمة الفعلية للعديد من وكالات الإغاثة الإنسانية التي تعمل داخل الإقليم، «يمكن أن يمثل تحولاً حاسماً في الصراع».

ونقلت الصحيفة عن كاميرون هودسون، الزميل في المركز الأفريقي التابع للمجلس الأطلسي، الذي يتخذ من واشنطن مقراً له: «يمكن أن يسمح وقف النار بدخول المساعدات الإنسانية، وإنقاذ أرواح لا حصر لها.

وأضاف هودسون: الحقيقة أن آبيي أحمد لا يستطيع السيطرة على تيغراي، بالتالي فإنه يحاول استغلال الموقف، وتصوير الانسحاب على أنه في إطار السعي لتحقيق السلام».

وكتبت «وول ستريت جورنال» إنه «ليس من الواضح ماذا سيكون رد فعل قوات تيغراي تجاه الهدنة التي أعلنتها الحكومة الإثيوبية، في وقت لم يكن هناك رد فعل فوري من إريتريا المجاورة، التي تقاتل قواتها إلى جانب الإثيوبيين، حيث يعتبر الرئيس الإريتري أسياس أفورقي أحد أشد المعارضين لمتمردي تيغراي».

واتّسم النزاع في تيغراي بتجاوزات كثيرة ضد المدنيين من مجازر وعمليات اغتصاب ونزوح سكان، ما أثار تنديد المجتمع الدولي.

وحسب الأمم المتحدة، يعاني ما لا يقلّ عن 350 ألف شخص من مجاعة في المنطقة، الأمر الذي تحتجّ عليه الحكومة الإثيوبية.

من ناحيتها، أعلنت السفارة البريطانية في إثيوبيا أن وقف النار يشكّل «تطوّراً مهماً» داعية جميع الأطراف إلى التقيّد به. واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن التطوّرات الأخيرة في تيغراي «مقلقة جداً»، وقال إنها: «تُثبت مرة جديدة، أنه لا يوجد حلّ عسكري للأزمة»، معرباً عن «أمله الكبير بأن تتوقف المعارك فعلياً».

من جهتها، طلبت الولايات المتحدة وأيرلندا وبريطانيا اجتماعاً طارئاً عاماً لمجلس الأمن، وقد يُعقد بعد غد.

ولم تنجح الدول الغربية يوماً في عقد جلسة عامة حول تيغراي، إذ إن الدول الإفريقية والصين وروسيا تعتبر أن الأزمة الحالية هي «شأن داخلي لإثيوبيا».

ويرى المحلل في مجموعة «أوراسيا غروب» البحثية، كونور فاسي، أن «انخراط قوات آتية من أمهرة وإريتريا سيعقّد التطبيق الشامل لوقف النار الموقت، الذي يبدو في الوقت الراهن أنه قرار أحادي بشكل أساسي من جانب الحكومة الفدرالية».

ويعتبر أن في حال أُجريت محادثات حول احتمال تسوية سياسية، «فستكون على الأرجح صعبة وطويلة جداً».